كانت الليلة هادئة على غير العادة في قرية "هيمورا"، والريح الباردة تمر بين الأشجار بهدوءٍ يسبق العاصفة. في كوخه الخشبي الصغير، جلس ريو يتأمل ضوء المصباح المرتجف، وتفكيره مشوش بما حدث في الأيام الأخيرة. ما زال يتذكر نظرات الأشرار حين هربوا، وخوفهم من تلك اللمحة العابرة من الطاقة التي اندفعت داخله.
طرق خفيف على الباب قطعه من أفكاره.
فتح الباب، وإذا بالمعلم هازوكي واقفًا، يحمل وجهه مزيجًا من الجدية والقلق.
قال بصوت منخفض:
"هناك من يبحث عنك، ريو... ليس من القرية، بل من الجبال الشمالية."
اتسعت عينا ريو:
"من؟"
رد هازوكي:
"شاب يُدعى كازين، مستخدم لطاقة نادرة. جاء وهو يطلب نزالًا ضد 'الطفل الذي يحمل اللهيب الأبيض'."
تجمد قلب ريو. لم يكن يحب هذا اللقب الذي بدأ يتردد على ألسنة الناس، وكأن قوته المكتشفة جزء من قدر غامض لا يستطيع التحكم فيه.
في الصباح، خرج ريو إلى ساحة التدريب، وهناك، وقف شاب في السابعة عشرة، طويل القامة، بعينين بلون الدم، وشعرٍ رمادي كثيف. كان يقف بثقة، يلوح بسيف مغطى بنقوش متوهجة.
قال كازين بسخرية:
"أنت هو؟ الذي هزم ثلاثة رجال؟ يا للملل… توقعت أكثر."
لم يجب ريو، لكنه ثبت قدميه، وأخذ وضعية القتال.
قال المعلم هازوكي وهو يراقب من بعيد:
"هذا النزال لن يُحسم بالقوة وحدها… بل بالإرادة."
انطلقت المعركة.
كازين اندفع بسرعة خاطفة، وسيفه يشتعل بطاقة حمراء كثيفة، اصطدم بسيف ريو، فاندفعت موجة طاقة زعزعت الأرض تحتهما. طار ريو للخلف وارتطم بصخرة.
"أهذا كل ما تملكه؟" قال كازين.
نهض ريو، يلهث، ويده تنزف. حاول التركيز، لكنه لم يقدر على مجاراة السرعة.
كل هجمة من خصمه كانت دقيقة، قاسية، بلا رحمة.
في لحظة، أمسك كازين بسيف ريو وطرحه أرضًا، ووضع سيفه على عنقه:
"طاقة اللهيب الأبيض؟ مجرد وهم."
لكن فجأة، تداخل شيء داخل عقل ريو… صوت خافت من الأعماق.
"إنه لا يستخدم طاقته… بل يغذيها بالكراهية… أنت مختلف، يا ريو… استدعِها بطهرك… لا بغضبك."
أغمض ريو عينيه، وتذكّر والدته… صوتها… حضنها… دموعها حين سلمته للمعلم.
صرخ بقوة:
"لن أخسر!"
وانفجرت موجة من الضوء من جسده، دفعت كازين بعيدًا بعشرات الأمتار، فارتطم بجدار حجري وانهار.
فتح ريو عينيه… وكان جسده مشعًا بنور أبيض نقي، وسيفه كأنه نار متجسدة، تتراقص عليه خطوط ذهبية.
"ما… هذا؟!" قال كازين، وهو ينهض ببطء.
ركض ريو نحوه، وضرب بسيفه في الهواء، فأطلقت الضربة قوسًا من الضوء قطع الأرض إلى نصفين، وأجبر كازين على رمي سيفه بعيدًا والاستسلام.
وقف المعلم هازوكي مدهوشًا، وقال في نفسه:
"هذه ليست طاقة عادية… لقد بدأت تنهض يا ريو… بدأت."
تقدم ريو نحو كازين، الذي جلس على الأرض وهو يلهث.
"لِم أردت قتالي؟" سأله.
أجاب كازين بصوت مكسور:
"كنت أبحث عن من هو أقوى… لأثبت أنني الأفضل… لكنك لا تقاتل هكذا."
مدّ ريو يده وساعده على النهوض.
"أنا لا أقاتل لأكون الأفضل… بل لأحمي من أحب."
انحنى كازين احترامًا، وقال:
"سأعود يومًا… لكن ليس كعدو."
في تلك الليلة، جلس ريو فوق قمة الجبل، يتأمل القمر، وسيفه إلى جانبه. أحس بأن قلبه أقوى، وإرادته أنقى، وطاقته قد وصلت إلى مستوى جديد لم يكن يحلم به.
قوة ريو الآن: 700
لكنه لم يكن يعلم أن هناك أعينًا تراقبه من بعيد، في الظلال… أعينًا لا تنتمي للبشر بل لوحوش غامضين وأشخاص أقوياء وطاقتهم تفوق كل توقعات الخيال
19تم تحديث
Comments