مرّت ثلاثة أشهر منذ دخول ريو الكهف للمرة الأولى، والسيف الذي ناله أصبح كجزء من يده.
تدريبه تحت إشراف المعلم هازوكي اشتد، وجسده تغير. لم يعد ذلك الطفل الضعيف، بل مقاتل شاب يحمل عزيمة لا تنكسر.
وفي صباحٍ رمادي، عندما كانت الغيوم تكسو السماء والهدوء يخيّم على القرية، وصلت فتاة غريبة.
شعرها رمادي قصير، وعيناها بلون البحر الداكن، تحمل رمحًا طويلًا بلون الزمرد، وتكسوها عباءة سوداء ممزقة من الأسفل.
دخلت إلى ساحة القرية بهدوء ونظرت حولها بثقة، ثم قالت بصوت بارد:
"أين ريو؟ قيل إنه يملك طاقة الأصل."
ارتبك الناس، لكن لم يُفاجَؤوا كثيرًا. اسم ريو بدأ يُتداول بين القرى القريبة بعد انتصاره في كهف الطاقة.
خرج ريو من بيت المعلم، وعيناه تراقبان الفتاة بثبات.
"أنا ريو. من تكونين؟"
ابتسمت قليلاً وقالت:
"اسمي سايا… من قبيلة الأفاعي."
شحب وجه هازوكي فورًا وهمس:
"قبيلة الأفاعي؟ هذا سيء… لم يظهروا منذ عشرين عامًا."
أكملت سايا، وهي تضرب رمحها بالأرض:
"إما أن تأتي معي، أو أقاتلك وأجرك للزعيم بالقوة."
رفع ريو رأسه بثقة:
"لن أذهب معك. لكني سأقاتلك… هنا."
تراجع الجميع ليفسحوا المجال، وبدأت المعركة.
أول هجمة كانت صاعقة.
اندفعت سايا برمحها وكسرت الهواء، فاضطر ريو للرجوع سريعًا، وإلا لكان قد أصيب في الكتف.
استعاد توازنه، ورفع يديه محاولًا تفعيل الدرع العاكس.
لكن سايا توقعت ذلك، فضربت الأرض أمامه بطرف رمحها. تطاير الغبار، وتراجع ريو وهو يتعثر.
قال هازوكي وهو يراقب:
"هي ليست مجرد فتاة… إنها محاربة مدربة."
كان ريو يتراجع، لكنه بدأ يلاحظ شيئًا… كل مرة تهاجم فيها، تسبقها خطوة من قدمها اليمنى.
في اللحظة التالية، تظاهر بالهجوم من الجهة اليسرى، ثم غير اتجاهه فجأة وقفز عاليًا، ضاربًا من الأعلى.
فوجئت سايا، تراجعت للخلف، تعثرت بحجر صغير، وسقطت أرضًا.
أوقف ريو سيفه قبل أن يلامس رقبتها وقال:
"انتهى القتال. لم أكن أنوي قتالك."
نظرت إليه ببرود، ثم قالت:
"أنت أحمق."
رد بابتسامة هادئة:
"ربما. لكني لا أقاتل لأقتل."
نهضت سايا، نظفت رمحها، ثم قالت:
"طاقتك غريبة… كأنها تخبئ شيئًا لا تعرفه."
استدارت وغادرت ساحة القتال، تاركة خلفها صمتًا ثقيلًا.
قال هازوكي وهو يضع يده على كتف ريو:
"هذا القتال لم يكن اختبارًا فقط… لقد أرسلوها لتفحص شيئًا في داخلك."
قوة ريو الآن: 65 → 83
في تلك الليلة، جلس ريو بجانب النهر، يراقب انعكاس وجهه في الماء.
"أريد أن أكون قويًا… لكن لا أريد أن أتحول إلى شخص لا أعرفه."
في أعماق الغابة، كانت سايا تسير وسط الأشجار، تهمس:
"الطاقة التي يحملها… ليست بشرية بالكامل."
بعد أن انسحبت سايا من المعركة، ظل ريو واقفًا في ساحة القرية، يتأمل مكان القتال، والغبار لم يهدأ بعد.
المعلم هازوكي تقدم إليه بهدوء وقال:
"أحسنت يا ريو، لم تكن لتصمد أمامها قبل شهر فقط... لكن لا تدع الانتصار يخدعك."
نظر ريو إلى المعلم وقال بصدق:
"لم يكن انتصارًا حقيقيًا. لو استمرت المعركة، لربما هزمتني."
أومأ هازوكي، وابتسم بتقدير.
في تلك الليلة، وبينما كانت النيران تتراقص وسط المعسكر الصغير، جلس ريو بجانب المعلم.
قال بصوت خافت:
"قالت سايا إن هناك شيئًا غريبًا بداخلي... ما الذي قصدته؟"
تردد المعلم، ثم قال:
"منذ أن كنت رضيعًا، أحضرتك والدتك إليّ في ليلة عاصفة، وهي مصابة بجروح خطيرة. لم تشرح الكثير، لكنها أخبرتني أن دمك ليس عاديًا، وأن هناك طاقة ستظهر فيك مع الوقت."
اتسعت عينا ريو:
"لماذا لم تخبرني؟"
أجاب هازوكي بهدوء:
"لأنك لم تكن مستعدًا. الآن… ربما حان الوقت."
نهض المعلم وسار نحو الصخرة الكبيرة خلف النهر.
"اتبعني، ريو."
وصلا إلى كهف صغير لا يدخله أحد. عند مدخله، كانت رموز قديمة منقوشة على الحجر. قال هازوكي:
"هذه ليست طقوسًا، بل خريطة لطاقة تدفق الحياة."
دخل ريو مع المعلم، ووجدا منصة حجرية في الداخل.
وضع المعلم يده على المنصة، وظهر نور أزرق خافت، ثم قال:
"اجلس هنا. أغلق عينيك. لا تفكر بشيء… فقط دع الطاقة تتحرك داخلك."
تردد ريو، لكنه فعل. دقائق مرت، وصمت عميق ساد المكان… حتى بدأت يده ترتجف.
وفجأة، شعر بشيء يتحرك في داخله، كأن تيارًا خفيًا قد انفجر من أعماق جسده.
رأى صورًا غامضة… له وهو يقف في وسط معركة كبيرة، ولسيفه يلمع بلون أحمر ناري.
فتح عينيه فجأة، وهو يلهث. نظر إلى المعلم وقال:
"ما هذا؟"
قال هازوكي بهدوء:
"الطاقة المخفية… بدأت تستيقظ."
خرج ريو من الكهف، وعيناه تلمعان بحيرة وأسئلة لا تنتهي.
لكنه شعر بشيء غريب… إحساس بالخطر يقترب.
وفي الصباح التالي، جاء صبي صغير يركض نحو القرية وهو يصرخ:
"ساعدونا! قطاع طرق يهاجمون قرية النهر!"
شد ريو سيفه من على ظهره فورًا.
قال المعلم:
"لا يمكنك هزيمتهم وحدك."
أجاب ريو بثقة ممزوجة بالخوف:
"لن أسمح لهم بتدمير ما دافعت عنه أمي… سأذهب."
وصل ريو إلى القرية المجاورة بسرعة، وهناك… رأى الأشرار.
ثلاثة رجال طوال القامة، أحدهم يحمل فأسًا ضخمًا، والثاني يستخدم السلاسل، والثالث يملك قوسًا سامًا.
رأوه، فضحكوا باستهزاء:
"طفل صغير؟ جئت لتنقذ القرية؟"
رد ريو بصوت ثابت:
"قد أكون ضعيفًا… لكني لست جبانًا."
اندفع عليه الرجل الأول، وضرب بفأسه على الأرض، فارتجت التربة.
تفادى ريو الهجمة بأعجوبة، وردّ بهجمة سريعة من سيفه، لكنه بالكاد جرحه.
القتال كان غير متكافئ.
تلقى ريو ضربة قوية من السلسلة، وسقط أرضًا. الدم سال من فمه، لكنه نهض بصعوبة.
في داخله، صوت خافت همس:
"انهض… لست وحدك…"
شعر فجأة بطاقة تتفجر في جسده، لكنها لم تكن كاملة بعد، فقط لمحة صغيرة منها.
قفز عاليًا، وضرب بسيفه فأس الرجل الأول، فكسره إلى نصفين.
تراجع الرجال بدهشة، أحدهم قال:
"إنه لا يزال مجرد طفل… لكنه يحمل شيئًا… مرعبًا."
هرب الأشرار، لكنهم لم ينسوا وجهه.
عاد ريو إلى القرية، متعبًا، مثقلاً بالجروح، لكن عينيه تتقدان بعزيمة أقوى.
وفي الظل، كانت "سايا" تراقبه من بعيد.
"سيأتي يوم… ونقف في جانب واحد، أو ضد بعضنا. سنرى."
قوة ريو الآن: 83 → 115
19تم تحديث
Comments