...“قائد الفرقة، هناك..…”...
...“نعم، أراها.”...
...قاطع الصوت المنخفض تقرير فارس الهيكل....
...العينان الحمراوان الحادتان كانتا مثبتتين على المرأة التي خرجت عن الصف وهي تغطي رأسها بالرداء....
...ولم تكن هذه أول مرة، فمنذ بدء التفتيش بوقتٍ قصير، كان هاوارد تشيلستون يراقب تلك المرأة صغيرة الجسد باستمرار. لأنها بدت متوترة للغاية....
...كانت تتصرف بقلقٍ شديد، حتى أنه رغم المسافة التي حالت دون رؤية وجهها بوضوح، كان من السهل ملاحظة أنها تحاول يائسةً مغادرة المكان....
...فرسان الهيكل، الذين استجوبوا العديد من الهراطقة حتى الآن، كانوا يعرفون جيدًا متى يتخذ الإنسان هذا التعبير على وجهه....
...عندما يخفي سراً يخاف كَشفه....
...“هل ألحق بها؟”...
...“لا، سأذهبُ بنفسي.”...
...ما إن أنهى هاوارد كلامه حتى اندفع بجسده....
...المرأة لم تكن ذات لياقةِ جيدة، كانت بطيئةً في الركض، ولهذا لم يكن من الصعب تقليص المسافة الكبيرة بينهما. ...
...سرعان ما دخلت المرأة إلى أحد الأزقة البعيدة. وكان هاوارد يلاحقها خلفها. ولأنه أخفى وجوده، لم تكن المرأة تدرك أن أحداً يتبعها....
...حوّل هاوارد نظره بخفة ليتفقد ما حوله....
...'لو دفعتها نحو اليسار، يمكنني سد طريق الهروب تماماً.'...
...رغم أنه شعر بإمكانية الإمساك بها في الحال، إلا أنه أراد استبعاد أي احتمالٍ غير متوقع، بما أنها مشبوهة بالهرطقة....
...الهراطقة هم وجودٌ يجب أن يُمحى من هذا العالم....
...لم يكن ليسمح لنفسه بالتفريط بها....
...أعاد هاوارد النظر إلى المرأة التي غُطيت جيداً بردائها. ...
...كانت عيناه الحمراوان تحملان مشاعر بدت وكأنها مكبوتةٌ منذ زمن طويل. مشاعر تجمع بين الكراهية والازدراء، متداخلةً حدّ التلاشي، لدرجة أنه لم يكن مستغرباً لو تخلص من خصمه فوراً....
...ضيّق هاوارد عينيه وركز نظره للأمام. وما إن دخل الهدف الزقاق الأيسر من تلقاء نفسه، حتى وضع يده على سيفه المعلّق عند خصره....
...وحين انعطف خلفها….....
...“آه، صحيح، لم أتحقق بعد من مكان ذلك اللعىٍن.”...
...ترددت همهمةٌ مرحة في الزقاق الخالي. كانت نبرة الصوت مرحةً جداً، لدرجة أنه لو لم يسمعها من جوارها مباشرة، لظن أنها تقول شيئاً مثل،...
...“أعتقد أن شطيرة بيضٍ مع لحم مقدد ستكون مثاليةً لوجبة الغد!”...
...رغم أن الأجواء لم تكن كما توقع، الا أنه لم يكن هناك ما يدعو للتراخي....
...وبالفعل، سرعان ما بدأت المرأة تتصرف بشكلٍ مريب....
...دينغ-!...
...رنّ صوتٌ مألوف في أذنه. كان صوتَ إشعار نافذة النظام في <عالم الفانتازيا>، والذي لا يُسمع إلا من قِبل عدد قليل من الشخصيات المختارة من بين الشخصيات غير القابلة للعب....
...مثلهُ تماماً، على سبيل المثال....
...لقد سمعه مرات كثيرة من قبل، لذا كان متأكداً....
...“بقي حوالي عشر دقائق حتى منتصف الليل. فلأتأكد مجدداً من الموقع، فقد يكون غادر أوفلين خلال هذا الوقت. وربما كان يقف في طابور التفتيش قبل قليل.”...
...حرّكت المرأة يديها بسرعة. وبعد لحظات، تنهدت بصوتٍ خافت....
...“هاه، يا للأسف. ما زال داخل أوفلين.”...
...كان هاوارد يراقب المرأة بعينين حذرتين، وهي تتلاعب بحرية بنافذة النظام رغم أنها ليست حتى من الشخصيات غير القابلة للعب....
...كما توقع، هذه المرأة مريبةٌ من نواحٍ كثيرة. على الأرجح، لم يعد هناك حاجة للمزيد من الانتظار....
...من دون أن يبعد نظره عنها، أخرج هاوارد سيفه بالكامل من غمده. و تلك الشفرة الحادة توجهت فوراً نحو مؤخرة عنقها....
...كانت المسافة قريبةٌ جداً، بحيث أن أي حركةٍ إضافية قد تترك خدشاً في رقبتها....
...عندها فقط، وكأنها شعرت بشيءٍ مريب، استدارت ببطء بنظرةٍ مستغربة....
...نظرت مرةً إلى هاوارد، ثم إلى نصل السيف القريب منها، وأخيراً إلى نافذة النظام التي فتحتها بنفسها. وأخيراً، نظرت المرأة مجدداً إلى هاوارد. ...
...وحين أدركت الموقف، شحب وجهها حتى صار أبيض كالثلج....
...“…..أوه. مرحباً، سيدي القائد!”...
...بعد لحظة صمتٍ قصيرة، سارعت إلى إغلاق نافذة النظام وابتسمت بخفة. و عيناها الزرقاوان انحنتا بلطف مع ابتسامتها....
...“لم أتوقع أن ألتقي بقائد فرسان الهيكل في مكانٍ كهذا. ظننتكَ مشغولاً بالتفتيش، فكيف وصلتَ إلى هنا..…؟”...
...“ما كنتِ تنظرين إليه قبل قليل، كيف تستعملينه؟”...
...قاطعها هاوارد متجاهلاً حديثها، وسأل بنبرةٍ مباشرة....
...عندها دارت عينا المرأة بسرعة وهي تجيب،...
...“ما كنتُ أنظر إليه؟ عما تتحدث بالضبط؟”...
...“أتحدث عن نافذة النظام.”...
...ارتجف جسد المرأة قليلاً. يبدو أنها لم تتوقع أن يواجهها هاوارد بالأمر بهذه الصراحة....
...دارت عيناها الزرقاوان مرة أخرى، بسرعةٍ هذه المرة، نحو اتجاه آخر....
...“هاهاها. نافذة……ماذا؟ لا أعلم عما تتحدث. أعتقد أنك أخطأت في رؤيتكَ..…هيك!”...
...دفع هاوارد بسيفه إلى الأمام قليلاً. فشهقت المرأة بشدة وهي ترى شفرة السيف تقترب أكثر من أي وقتٍ مضى....
...اهتزت عيناها بارتباك لا حول له....
...ثم نظر إليها هاوارد وهو يتمتم بصوتٍ منخفض....
...“دعينا من المزاح الآن. لا تحاولي اختلاق الأعذار، من الأفضل لكِ ولي أن تعترفي بكل شيء بصدق.”...
...“….…”...
...“تحدثي. كيف عرفتِ عن النظام، وكيف تمكنتِ من استخدامه، ولماذا خرجتِ من طابور التفتيش.”...
...عضّت المرأة شفتيها بقوة....
...لم يكن من الضروري سؤاله لمعرفة ما كانت تفكر فيه، فقد كان مكتوباً بوضوح على وجهها. كانت تفكر: يبدو أنني في ورطةٍ حقيقية....
...“في الواقع..…”...
...فتحت شفتيها لتتكلم، ثم نظرت بخلسة نحو برج الساعة. ...
...عندها، أصبحت عيناها الزرقاوان جديتين وكأنها اتخذت قراراً....
...“سـ…..سأشرح لكَ لاحقاً!”...
...بسرعة، ضربت نصل السيف بحقيبتها المعلقة على كتفها ثم استدارت وبدأت تركض....
...كانت حركتها أسرع بكثيرٍ مما كانت عليه في المرة السابقة. لكن بالنسبة لهاوارد، لم يكن هناك فرق....
...“أهخ.”...
...أصدرَت المرأة صوتاً غريباً عندما أمسك هاوارد بحقيبتها، مجبراً إياها على التوقف في مكانها. ...
...وبفعل ذلك، سقط غطاء الرداء عن رأسها. وفي اللحظة ذاتها، تمايل شعرها الفضي الطويل واللامع. ثم سقطت الحقيبة التي كانت تحرسها كما لو كانت حياتها تعتمد عليها تماماً بين يدي هاوارد....
...توقع أنها ستحاول الهرب من جديد بعد التخلي عنها، لكن بشكل غير متوقع، بقيت المرأة واقفةً دون حراك....
...“هاه…..لا وقت حقاً…..”...
...تمتمت المرأة وهي تضرب الأرض بقدميها بقلق، ثم نظرت إلى هاوارد....
...“أعلم أنكَ لن تصدقني، لكنني لستُ شخصاً مريباً. هل يمكنكَ فقط أن تدعني أذهب الآن؟ لدي أمرٌ طارئ جداً، وحين أعود سأخضع للتفتيش كاملاً، أعدكَ.”...
...“هل تعلمين؟ حتى الهراطقة عندما يُقبض عليهم يقولون الشيء نفسه.”...
...“أنا أقول الحقيقة! الأمر فعلاً عاجل! سأعود حالما أنتهي من مهمتي! يمكنني العودة بعد منتصف الليل بقليل. وإن لم تصدقني، يمكنكَ أن ترافقني بنفسك!”...
...“وكيف لي أن أرافقك وأنا لا أملك سبباً لأثق بكِ؟ ربما تذهبين للتواصل مع أتباع ملك الشياطين.”...
...“ملك الشياطين؟ يا إلهي، هذا جنون!”...
...عبثت المرأة بشعرها بعنف....
...“لا يهمني لا ملك الشياطين ولا الهراطقة! لم أقابلهم يوماً في حياتي! يمكنني أن أقسم على كل ما أملك!”...
...“….…”...
...“أرجوكَ…..إن لم أذهب الآن، سأواجه مشكلةً كبيرة. حياتي كلها ستتغير. سأعيش تعيسةً إلى الأبد. أرجوكَ، صدقني لمرةٍ واحدة فقط.”...
...'صدقني.' كان هاوارد يعرف كم أن هذه العبارة واهيةٌ ومخادعة. فكل أولئك الذين أخفوا الرموز البشعة تحت ملابسهم، كانوا يتوسلون بنفس الطريقة....
...وكل الاعتذارات التي تلت ذلك كانت متشابهةً إلى حد مذهل، وكأنها كُتبت من قبل شخصٍ واحد....
...ارتكبتُ ذنباً عظيماً، أنا آسف، فعلت ذلك لأني كنت أعاني من الجوع، سمعتُ صوتاً مظلماً يأمرني باتباع ملك الشياطين، و تم تهديدي من قِبل الهراطقة، ثم تلقيتُ أمراً بأن ملك الشياطين قادر على إحياء من ماتوا….....
...'……إحياء من مات منذ زمنٍ بعيد.'...
...كرر هاوارد الكلمات الأخيرة في ذهنه، ثم ضحك بسخرية....
...لو كان قد تأثر بتلك الترهات، لما كان واقفاً في هذا المكان الآن. فلا أحد في هذا العالم يرغب بذلك أكثر منه....
...“إذا كنتِ حقاً بريئة، تعالي معي الآن واخضعي للتفتيش. وبالطبع، سنتحدث بشكلٍ إضافي عن مسألة النظام أيضاً.”...
...“…..أنتَ لا تصدقني إطلاقاً. حسناً، أفهم لمَ تفكر بهذه الطريقة. في وضعٍ طارئ كهذا، حيث يجب القبض على الهراطقة بأسرع وقت، ووسط هذا يظهر شخصٌ مريب مثلي…..من الطبيعي ألا تصدقني.”...
...استمع هاوارد لكلماتها دون أن يظهر أي رد فعل. عندها تنهدت المرأة بعمق....
...“لكنني حقاً في وضعٍ حرج. لم أكن أريد أن أقول هذا، لكن إن لم تتركني أذهب قبل منتصف الليل، فستقع أمورٌ مزعجة للطرفين. أقول هذا لمصلحتكَ، سيدي القائد.”...
...“أمورٌ مزعجة؟”...
...“نعم. مزعجةٌ جداً. لا أريد أن نصل إلى نقطة نتصادم فيها. حين يحل منتصف الليل، ستفهم كل شيء، وربما تندم، وربما تتمنى أن تعود بالزمن إلى الوراء…..آه، الساعة قاربت منتصف الليل.”...
...نظرت المرأة مجدداً إلى برج الساعة وهي تلقي تنهيدةً طويلة. بدا وكأنها استسلمت تماماً، بوجه قاتم أقرب إلى اليأس....
...“الآن…..سيحدث أنني…..سأفقد أشياء كثيرة. أرجوكَ، لا تنصدم. فقط، أرجوكَ تذكر أنني لم أختر ذلك، ولم أرده.”...
...“ماذا؟”...
...دونغ— دونغ— دونغ—...
...رنّ جرس الساعة معلناً حلول منتصف الليل....
...وعندها، رآها هاوارد....
...“…..ما هذا؟”...
...______________________...
...ضحكت يوم فضحها وطول ذا الحوار وهي تقنعه وهو موجه لها السيف؟😭...
...يوم قال هو تكثر من يتمنى عودة الموتى😔💔...
...Dana...
109تم تحديث
Comments
Kazoha
انكشفنا؟
انكشفنا🤦🏼♀️
2025-04-25
0