NovelToon NovelToon

The First Spark | الشرارة الأولى

الفصل الأول : شرارة في الظلام

.......

.......

.......

──────────────ೋღ ❀ ღೋ──────────────

تناهى إلى سمعها صرير الباب الكبير وهو يُغلق خلفها، فأدركت أن لا مفرّ بعد الآن. كانت القاعة أشبه بمسرح يُقام فيه عرض لم تُدعَ إليه، ومع ذلك وُضعت في دور البطولة رغماً عنها. وجوه كثيرة تبتسم ابتسامات مصطنعة، همسات تتناثر في الجوّ كالرصاص، وعيناها لا تعرفان أين تستقرّان.

ارتفعت أصوات الموسيقى الهادئة في أرجاء القصر، إلا أنّ قلبها كان يدقّ بإيقاع فوضوي، سريع ومتمرد، كأنّه يحتجّ على كل ما يحدث. جلست على المقعد المخصص لها، والستائر المخملية الحمراء خلفها تضاعف شعورها بالاختناق.

"ها هو ذا…" قالت خالتها بنبرة مفعمة بالزهو، كأنها تقدّم أعظم انتصار لها.

رفعت رأسها، وهناك… على بُعد خطوات، كان يقف. قامته منتصبة، كتفاه العريضتان تُلقيان بظلال ثقيلة، وعيناه، تلك العينان الرماديتان، كأنّهما تنظران في أعماقها لتفضحا كل خوف تحاول إخفاءه. لم يبتسم. بل اكتفى بذلك التحديق البارد الذي يحمل شيئاً من السخرية، وكأنّ المشهد كله لا يعنيه.

"تفضّلا بالتوقيع." قال القاضي، واضعاً أمامهما عقداً أبيض تحيط به كلمات سوداء تُقيّد حياتهما معاً.

تردّدت يدها، القلم يرتجف بين أصابعها. نظرت إليه دون وعي، فالتقت نظراتهما لثانية طويلة، شعرت فيها أن القاعة بأكملها اختفت. هو الآخر لم يشيح ببصره، وكأنهما دخلا في معركة صامتة: من منهما سيُظهر ضعفه أولاً؟

وفي النهاية… ضحك. ضحكة قصيرة، باردة، لكنها أربكتها. قال بصوت منخفض يكفي لأن تسمعه:

– "لا تقلقي، الأمر كله مسرحية صغيرة."

أحسّت الدماء تصعد إلى وجنتيها، لكنها أجبرت نفسها على الإمساك بالقلم وتوقيع اسمها، كما لو كانت تضع ختم النهاية على حياتها القديمة.

صفّق الجمع حولهما بفرح زائف، بينما هي شعرت كمن يُقاد إلى المجهول. في لحظة، وجدت يدَه تلتقط يدها. قبضته كانت ثابتة، قوية، لكنها تحمل شيئاً لم تفهمه… لا هو قسوة محضة، ولا هو حنان صريح.

اقترب منها وهمس، كمن يطلق جملة عابرة لن تُنسى:

– "من هذه اللحظة… نحن تحت سقف واحد. استعدّي."

ارتجفت، ولم تعرف: هل كان ذلك تهديداً… أم وعداً؟

ومع انتهاء الحفل، حين انفضّ الحضور وبقي الصدى يتردّد في الممرات، سارت خلفه بصمت نحو السيارة السوداء الفاخرة. الباب يُفتح أمامها، فتتردّد للحظة، ثم تجلس. الهواء مشحون بينهما، كأنّهما عالقان في غرفة بلا نوافذ.

هو لم يتكلم، واكتفى بالنظر عبر الزجاج إلى الطريق الممتدّ أمامه. أمّا هي، فكانت تراقب انعكاس وجهه في النافذة، محاولة أن تفكّ رموز هذا الغريب الذي صار زوجها.

وبينما المدينة تبتعد خلفهما، أخذها شعور غامض… أن الليلة القادمة لن تكون عادية، وأن الحكاية لم تبدأ بعد.

.

.

.

الطريق كان صامتاً، أضواء الشوارع تمرّ كأنها أشباح تراقب من بعيد. كل شيء في السيارة يشي بالفخامة، ومع ذلك، بدت كالقفص الحديدي. هي جالسة في المقعد الجانبي، متيبّسة، كأنّها تحاول ألا تتحرك كي لا تُثير غضب هذا الرجل الغامض الذي أصبح فجأة زوجها.

لكنه هو… بدا مرتاحاً بشكل يثير الجنون. يده على المقود، وجهه ثابت، عيناه الرماديتان تتابعان الطريق دون أي اكتراث.

لم تحتمل الصمت أكثر. التفتت نحوه وقالت بجرأة حاولت أن تخفي بها ارتباكها:

– "لِمَ وافقتَ على هذا الزواج؟"

لم يُحوِّل نظره نحوها. أجاب بهدوء قاتل:

– "ولِمَ لا؟"

– "هذا ليس جواباً."

ابتسم ابتسامة قصيرة، لكنّها لم تحمل دفئاً.

– "ربما لأني لا أرفض صفقات رابحة."

شهقت بصوت منخفض، كأن كلماته صفعة.

– "تسمّي زواجاً… صفقة؟"

– "وأنتِ، أليست حياتك كلها الآن صفقة؟" التفت إليها أخيراً، عيناه تلمعان تحت الضوء الخافت. "توقيعك على العقد قبل دقائق لم يكن بدافع الحب، أليس كذلك؟"

تردّدت، لكنها لم ترد أن تظهر ضعيفة.

– "على الأقل أنا لم أضحك وكأن الأمر مسرحية."

ساد الصمت من جديد، إلا أن ابتسامته هذه المرة لم تختفِ بسرعة. بدا كمن وجد متعة خفية في تحديها.

– "إذن… لستِ خائفة مني."

ابتلعت ريقها، قلبها يخفق أسرع مما تودّ الاعتراف به. أجابت بعناد:

– "ولِمَ عليّ أن أخاف؟ أنت مجرد رجل لا أعرفه."

انفجر ضاحكاً فجأة. ضحكة عميقة جعلتها تقشعر.

– "صحيح. لا تعرفينني… وهذا ما يجعل الأمر مثيراً أكثر."

أشاحت بوجهها نحو النافذة، محاولة أن تخفي ارتباكها. الليل يمرّ سريعاً، لكن كلماتِه بقيت عالقة في أذنيها كندبة.

لم تفهم إن كان يتحدث بتهديد… أم بوعد خفي. كل ما عرفته، أن المواجهة الأولى انتهت، لكن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد.

وبينما اقتربت السيارة من البوابة الحديدية للقصر الكبير الذي سيجمعهما، تسلّل إليها شعور غامض… أن تلك الجدران ستشهد حكاية لا تشبه أي حكاية أخرى.

──────────────ೋღ ❀ ღೋ──────────────

.

.

.

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon