NovelToon NovelToon

الساعة 12:00 ليلاً

الساعة 12:00 ليلاً-الجزء الاول

الثانية عشرة منتصف الليل. كانت الساعة تُعلن بداية فصل جديد من الظلام، ورنينها المألوف هذه الليلة كان مختلفًا، ثقيلًا ومُريبًا. في ذلك المنزل القديم الذي يقع في آخر الشارع، حيث يُشاع أنه مسكون، كان "أدهم" يستعد للنوم. لكنه لم يستطع أن يُغمض عينيه، فصوت غريب قادم من السرداب جعل قلبه يدق بعنف.

كان صوتًا أشبه بالهمس، وكأنه يهمس باسمه، أو هكذا ظن. حاول إقناع نفسه بأنها مجرد أوهام، لكن الصوت ازداد وضوحًا، وأصبح كصوت شخص يجر أقدامه ببطء شديد على درجات السرداب. تجمد أدهم في مكانه، متذكرًا قصص الجيران عن الكاهن الذي عاش في هذا المنزل ومات فيه قبل عقود. يُقال إن روحه لم تجد السلام، وما زالت تجوب أرجاء المنزل ليلًا، خاصة في تمام الثانية عشرة.

ازداد الصوت قربًا، وشعر أدهم ببرودة غريبة تملأ الغرفة، وكأن النافذة قد فُتحت رغم أنها كانت مُغلقة بإحكام. نظر نحو الباب الذي كان مفتوحًا قليلاً، فرأى خيالًا أسود طويلًا يمر من أمامه ببطء. لم يكن له شكل محدد، بل كان مجرد ظل يتحرك.

لم يستطع أدهم أن يصرخ أو حتى أن يتنفس. أراد أن يركض لكن قدميه لم تستجيبا. فجأة، توقف الظل أمام باب غرفته، وظل واقفًا للحظات طويلة بدت كأنها دهر. سمع صوت أنفاس عميقة، وصوتًا يهمس بصوت أجش: "أنت لست وحدك، لم تكن وحدك أبدًا".

بدأ الظل بالدخول إلى الغرفة ببطء شديد، ورأى أدهم عينين حمراوين تلمعان في الظلام. كانت العينان تحدقان فيه مباشرة، وكأنهما تخترقان روحه. عندها، سمع صوت رنين الساعة مرة أخرى، معلنًا عن دقيقة جديدة بعد الثانية عشرة. ومع كل رنين، كان الظل يتقدم خطوة.

أدرك أدهم أنه لن يستطيع الهرب. استسلم للخوف، وأغمض عينيه بقوة، وهو يتمنى أن يختفي أو أن يكون كل ما يمر به مجرد كابوس. عندما فتحهما مرة أخرى، كان الظل قد اختفى، وعادت الغرفة إلى طبيعتها. لم يكن هناك شيء غريب، لكن الرعب الذي عاشه كان حقيقيًا. نهض أدهم من فراشه، وأسرع نحو البناء المجاور الذي يسكن فيه صديقه. وعندما وصل إلى الباب، وجد ورقة صغيرة مكتوب عليها بخط قديم: "تذكر، أنا أعود في الثانية عشرة". كانت الساعة في يد أدهم تُشير إلى الواحدة صباحًا، وكان يدرك أن تلك الساعة لن تُرن له مرة أخرى إلا وهي تحمل معها رُعبًا جديدًا.

لم ينم أدهم تلك الليلة. قضى الساعات المتبقية حتى شروق الشمس وهو جالس في زاوية غرفته، مرتجفًا، ويفكر في الورقة التي تركها أمام باب صديقه. لم يجرؤ على أخذها معه، خوفًا من أن تكون لعنة تتبعه. في الصباح، ذهب إلى منزل صديقه "فهد" ليطمئن عليه، ويخبره بما حدث.

"لم أجد أي ورقة أمام الباب يا أدهم"، قال فهد بملامح حائرة، "هل أنت متأكد مما رأيت؟ ربما كان مجرد كابوس!"

صُدم أدهم. كيف اختفت الورقة؟ هل كان ما عاشه وهمًا حقًا؟ شعر بالارتباك الشديد. قضى الأيام التالية وهو يحاول أن يجد تفسيرًا لما حدث. بحث في تاريخ المنزل، ووجد قصصًا متضاربة، لكن جميعها اتفقت على شيء واحد: "المنزل مسكون بروح كاهن قديم".

مر أسبوع، وعاد أدهم إلى روتينه، لكنه لم يستطع أن ينسى تلك الليلة. كان يراقب الساعة بلهفة، وخوف من اقتراب الثانية عشرة. في إحدى الليالي، بينما كان يجلس في الصالة، انتبه إلى أن الساعة الحائطية القديمة قد توقفت. كانت عقاربها تشير إلى الحادية عشرة والنصف. حاول إصلاحها، لكنها لم تستجب.

فجأة، سمع نفس صوت الهمس. كان أكثر وضوحًا هذه المرة، وكأنه يخرج من جدران المنزل نفسها: "لا يمكنك الهرب، أنا جزء من هذا المكان، وأنت الآن جزء منه أيضًا".

تجمد أدهم في مكانه، وشاهد العقارب تتحرك ببطء، بدون صوت، وكأن قوة خفية تدفعها. الثانية عشرة إلا عشر دقائق... خمس دقائق... دقيقة واحدة... حتى وصلت إلى الثانية عشرة تمامًا. في هذه اللحظة، رن جرس الباب الخارجي.

وقف أدهم في ذهول. من يمكن أن يزوره في هذه الساعة؟ تردد قبل أن يفتح الباب، لكن الفضول والخوف دفعاه إلى الأمام. فتح الباب ببطء، ليرى شخصًا يرتدي معطفًا أسود طويلًا، ويضع قبعة تغطي وجهه. قال الرجل بصوت أجش: "أنا آسف على إزعاجك في هذه الساعة المتأخرة، لكنني جئت لأخبرك أن الساعة في منزلك بحاجة إلى إصلاح. لا يمكنك إيقاف الوقت يا بني".

لم ينتظر أدهم ليرد. انطلق الرجل في الظلام، تاركًا وراءه شعورًا بالرعب والبرودة. عاد أدهم إلى الداخل، وأغلق الباب، وهو يرتجف. نظر إلى الساعة على الحائط، فوجدها عادت تعمل بشكل طبيعي، وعقاربها تُشير إلى الواحدة صباحًا. لكن هذه المرة، لم يكن وحيدًا. سمع صوتًا خافتًا خلفه، صوت خطوات بطيئة تصعد درجات السرداب، وسمع نفس الهمس الذي يعرفه جيدًا: "تذكر... الساعة لا تتوقف...".

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon