...مشتل الزهور – وقت العصر....
...تسلّل ضوء الشمس بلطف بين أوراق الكاميليا والورد الأسود، وملأ المكان بدفء خافت. تناثرت رائحة الأرض الرطبة مع عبير الزهور الطازجة، تتراقص مع نسيم رقيق يحمل همسات أوراق...
...النباتات المتسلقة....
...على الطاولة المزخرفة التي يتوسطها إبريق شاي من الخزف الأبيض، تلتف أكواب أنيقة وصحون صغيرة مملوءة بحلوى محلية، في مشهد هادئ لكنه يحمل شيئًا من التوتر....
...جلست ناري بهدوء على الكرسي المقابل لتلك المرأة ذات الكاريزما الطاغية، مورغانا إيفلين دامور...
...— سيدة ترتدي السواد كأنها امتداد للظل ذاته. شعرها المتموج ينساب كألسنة لهب مظلم على كتفيها، وأصابعها المزيّنة بالخواتم تحرّك ملعقة فضيّة داخل كوب الشاي ببطء، كأنها تعزف لحنًا سريًا للهاوية....
...قالت مورغانا بنبرة باردة، تزين شفتيها نصف ابتسامة غامضة، وعيونها تلمع ببرود:...
...> "الشاي هذه المرة... مختلف قليلًا، أليس كذلك؟"...
...رفعت ناري الكوب بهدوء، وعيناها تراقبان مورغانا بحذر. ارتشفت رشفة صغيرة، ولكن طعم السمّ المرّ اجتاح فمها فجأة، فشهقت وسعلت بلا وعي....
...التفتت بسرعة نحو الشاب الذي كان يمر بجانبها، وبصقت الرشفة دون قصد على وجهه....
...ارتسم الاشمئزاز على ملامح كارتر، تراجع خطوة إلى الوراء وهو يمسح وجهه بكمّه بعينين متسعتين كالمندهش:...
...> "مقرف!!"...
...حدّق بها بغضب، وبدأ يصرخ:...
...> "ما هذا بحق الجحيـ—"...
...لكن ضحكة خافتة قطعت كلامه....
...ضحكة مورغانا....
...ناعمة، باردة، لكنها تحمل قوة كفيلة بإسكات الشياطين لو حضرت. ارتسمت على وجهها ابتسامة قاتلة، وعيناها تتلألأان بظلام عميق....
...توقف كارتر فجأة، وكأنه شعر بشيء خفي يصيبه. نظر إليها بعينين مملوءتين بالرهبة،...
...ثم تراجع متلعثماً، واستدار وانطلق مبتعدًا بخطى متسارعة، كأن عقله أرسل له إشارة عاجلة: اهرب....
...وبعد أن ابتعد، بقي في المكان شيء من الرائحة الخفية… كأن هناك أمرًا لم يُقال بعد....
...تنهدت مورغانا ببطء، وتأملت ملامح ناري وكأنها تُقيّم رد فعل شخصية روائية خرجت من بين السطور، وقالت بنبرة تكاد تكون همساً:...
...> "هل أعجبكِ... سُمّ الجحيم الأبيض؟"...
...نظرت ناري إلى مورغانا بعينين متألقتين، ولم تُظهر أي خوف أو غصب. ابتسمت ابتسامة هادئة، وضوء غريب يلمع في عينيها....
...همست في سرها:...
...> ( كمية الحب التي أخفيتِها في هذا السم... تكفيني لعمر كامل.)...
...رفعت مورغانا حاجبها ببطء، مبدية استمتاعًا واضحًا....
...اقتربت ناري قليلاً من الطاولة، وجسدت دفء الكلمات في نبرتها التي خرجت من أعماق قلب يعرف جيدًا ما يقول:...
...> "أتعلمين، يا أمي العزيزة... لا تعلمين كم أنا ممتنة لأنكِ تبنيتِني."...
...توقفت لحظة، وتأملت مورغانا ناري بعينين تخفيان الكثير، ثم ارتشفت من كوبها ببطء شديد، بنظرة غامضة لا تُقرأ:...
...> "متى... تبنّيتُكِ، على وجه الدقة؟"...
...نظرت ناري نحو السماء الرمادية خلف الزجاج الشفاف، وابتسامة هادئة تعلو شفتيها، وهي تتذكر:...
...> "قبل ستة أشهر... حين كنتُ لا أزال غريبة، بلا اسم، بلا ماضٍ، وبلا مصير."...
...وضعت مورغانا كوبها على الطاولة برقة، ثم أجابت بصوت خافت لكنه حازم:...
...> "كنتِ تملكين شيئًا خاصًا... شيئًا لا يُصنع. ولهذا رغبتُ أن تكوني ابنتي بالتبنّي. أردتُكِ قريبة... لأراكِ تنضجين... وأرى الشر ينمو في عينيكِ."...
...ثم نظرت لها نظرة أطول، كأنها تتفحّصها من الداخل، وقالت بنبرة باردة لكنها مشوبة بشيء غريب... أشبه بالريبة:...
...> "أحيانًا، أشعر وكأن العالم حولي… يُعاد ترتيبه لأجلك، ناري."...
...امتلأ قلب ناري بنشوة دافئة، لكنها أخفتها خلف هدوئها المعتاد....
...همست في سرّها، بابتسامة لا يمكن لمورغانا قراءتها:...
...> (كما هو متوقّع من مورغانا… عبقرية.)...
...وفجأة......
...ظهر وميض خافت أمام ناظريها....
...انبثقت في الهواء شاشة شفافة زرقاء اللون....
...> 🖋 النظام: "قلم الكاتبة" – نشط...
...[تم تعطيل تأثير السم مؤقتًا.]...
...رمشت ناري ببطء، وارتسمت على شفتيها ابتسامة هادئة، ثم همست:...
...> ( "نظام قلم الكاتبة"... طريقتي للتحكم في كل شيء هنا، وللتحكم في هذه القصة من الداخل.)...
...نظرت ناري إلى مورغانا، المرأة التي اعتلت عرش الظلام في قصّتها، وتملّكت قلبها بلا رحمة، وقالت في سرها:...
...> (مورغانا إيفلين دامور... المرأة الجميلة التي تجلس أمامي الآن، هي الشريرة في روايتي. لكن بالنسبة لي... كانت دائمًا البطلة.)...
...سحبت ناري نفسًا عميقًا، وأراحت ظهرها على الكرسي بارتياح، عينها تلمع بحزن وحنين....
...من أنا؟...
...قبل كل هذا… كنت طالبة عادية، أعيش حياة باهتة في مدرسة ثانوية لا تختلف عن أي مكان ممل آخر....
...لم أكن بارعة في شيء سوى كتابة الروايات....
...كنت أكتب هذه الرواية بالتحديد، مع شخصٍ كان الأقرب لقلبي في ذلك الوقت... حبيبي....
...شخصٌ لم يكن يفهمني تمامًا، لكنه قرر أن يقبل جنوني، ويكتب معي عالمي....
...وكما هي العادة... كنت أعشق الأشرار. لا أعلم لماذا....
...في روايتي.. جعلت الأشرار أقوى من الأبطال، جعلتهم أكثر إثارة، أكثر حياة....
...وإن سألتني من أكثر شخصية أحببتها؟ فالإجابة ستكون دومًا:...
...مورغانا....
...ذكية، جميلة، قوية، وباردة كالجليد، نارها هادئة لكنها قاتلة. وشريكها سيلاس... آه، كان مزيجًا من العبقرية والرعب....
...لكن... ذات يوم، أثناء كتابة أحد الفصول، وسهراتي الطويلة خلف شاشة اللابتوب، قررت تجربة فكرة مجنونة....
..."ماذا لو استطعت دخول روايتي؟"...
...صممت منظمة غامضة. شيء لم أضعه بشكل رسمي في الفصول، لكنه كان خطتي السرية....
...منظمة من الظلال، تستخدم طقوسًا محرمة لاستدعاء كيان من خارج هذا العالم....
...أضفتها بتلميحات فقط، وكتبت أن الاستدعاء سيكون عبر طقوس نداء الهاوية....
...ولدهشتي... نجحت....
...استُدعيت بالفعل. لكنني لم أستيقظ في جسدي... بل في جسد فتاة صغيرة. مريضة، يتيمة، بلا اسم....
...استقبلتني المنظمة السوداء بفرح غريب. قال أحدهم، صوته كصدى بعيد:...
...> "اصبحي سيدتنا، وقودي قتالنا لتدمير هذه القارة!"...
...ردت امرأة أخرى، نبرة صوتها قاسية:...
...> "معكِ سنكسر كل قوانين الملوك ونزرع الفوضى."...
...ابتسمت ناري بسخرية، وغمزت لهم في سرها:...
...> (لن يحدث هذا أبداً.)...
...وبهدوء، تملّصت من قبضتهم، وهربت بعيدًا عن ظلالهم الداكنة....
...اتجهت فورًا نحو الشخصية الوحيدة التي لطالما عشقتها... مورغانا....
...في البداية... كنت مجرد مزعجة. ظللت أظهر أمامها مرارًا، وأتحدث كثيرًا، وأرتكب الحماقات فقط لأثير اهتمامها....
...وبعد أشهر... نجحت. تبنّتني....
...والآن، ها أنا هنا... أجلس معها في حديقة زهورها السريّة، أشرب الشاي المسموم الذي صنعته لي بكل حب....
...ولم أمت؟ لأن لدي شيئًا لا تملكه أي شخصية أخرى في هذا العالم......
...> ✦ "نظام قلم الكاتبة"...
...الأداة التي تُمكّنني من التحكم بالشخصيات وتعديل مجرى الأحداث من داخل الرواية نفسها....
...لكن... ليس للأبد....
...⋯✦⋯...
...كانت ناري تعبث بحافة الكوب بأصابعها، وعيناها تراقبان ظلّ النباتات المتراقص على سطح الشاي، حين انفتح باب الزجاج بخفة، ودخل هو....
...سيلاس....
...كأن دخوله شقّ ستار الزمن، وجلب معه برودة زمنٍ آخر…...
...رجلٌ لا يشبه البقية....
...شعره الأزرق السماوي بدا وكأنه ضوءٌ ساطع انسكب على رأسه من سماءٍ صافية....
...بشرته شاحبة قليلًا، متناقضة بشكل جميل مع سترته السوداء الطويلة....
...أما عيناه… فكانتا بلون الضباب البارد، تسكنهما نظرة ثابتة لا تُقرأ....
...في يده، ظرفٌ أبيض مختوم بشمعٍ أسود يحمل نقشة تاجٍ مقلوب....
...توقفت أنفاس ناري لوهلة، خفق قلبها بخفة، وارتسم احمرارٌ لطيف على خديها....
...راقبته وهو يتقدّم بخطوات هادئة، كأن كل حركة منه محسوبة بدقة قاتلة....
...> (سيلاس… شريك مورغانا في الجريمة… أو هكذا نحبّ أن نسميهما نحن – المعجبين بهما.)...
...وقفت مورغانا بهدوء، كأنها كانت تنتظر وصوله....
...اقتربت منه بخطواتٍ واثقة، وعيناها تعكسان ظلًّا قاتمًا لا يُخترق....
...مدّ سيلاس الظرف إليها دون أن ينطق بكلمة، لكنها لم تحتج إلى سكين أو مقص....
...بإصبعها، وتحديدًا بإظفرها الطويل المصقول كحدّ شفرة، فتحت الختم بشقّ أنيق…...
...كأنها تعوّدت على تمزيق الأختام… أو القلوب....
...صفّقت ناري بحماسٍ طفولي، وتمتمت بدهشة:...
...> "واو… كأنني أشاهد أسطورة تتجسّد أمامي…"...
...لكن تصفيقها توقّف فجأة....
...كانت تراقب وجه مورغانا بدقة، فلاحظت شيئًا لا يُصدق....
...ابتسامة....
...لكن ليست ابتسامتها الساخرة المعتادة....
...بل كانت ناعمة... بريئة... ومليئة بالسعادة....
...أجفلت ناري، وشعرت بارتباكٍ مفاجئ....
...ما الذي يمكن أن يُخرج هذه الابتسامة من مورغانا؟!...
...حاولت قراءة الرسالة من بعيد، لكنها لم تستطع....
...عندها، التفت إليها سيلاس بهدوء، وعيناه الرماديتان تكشفان عن جدية ناعمة:...
...> "الرسالة... من البلاط الإمبراطوري."...
..."أميرة الإمبراطورية، إيليانورا فيلورا... قد توفيت."...
...انكمشت عينا ناري، ثم وقفت فجأة، كما لو أن قلبها توقف عن الخفقان لثوانٍ:...
...> "ماتت؟! … بطلة الرواية… ماتت؟!"...
...استغرقت لحظة في الصدمة، قبل أن تضيء عيناها فجأة، وتنفجر واقفة:...
...> "أخيرًا!!"...
..."أخيرًا تخلّصتُ منها!!!"...
...تذكّرت ناري اللحظة التي اتّخذت فيها هذا القرار....
...قبل أيام… لاحظت أن وجه مورغانا كان متجهمًا كلّما ذُكرت إيليانورا....
...حين سمعت من مورغانا تلك الكلمات البسيطة، لكنها كانت تعني الكثير:...
...> "لو اختفت تلك الفتاة من هذا العالم... لكان كل شيء أفضل."...
...ناري، بعينيها المليئتين بالإعجاب، وولائها غير المشروط، تمتمت وقتها:...
...> (سمعًا وطاعة، يا أمي العزيزة.)...
...ثم فتحت "نظام قلم الكاتبة"، وببساطة......
...حذفت البطلة....
...واختفت إيليانورا من الوجود....
...لم أكون أعلم أن الحذف هنا......
...يعني الموت الحقيقي....
...⋯✦⋯...
...لكن......
...قبل أن يكتمل شعورها بالانتصار، ارتجّ الضوء الأزرق أمام عينيها على نحو غير متوقّع، وانبثقت شاشة جديدة بخط أحمرٍ نابض:...
...> 🖋 {نظام قلم الكاتبة}...
...[⚠️ عُطل في التنفيذ – خلل غير متوقّع في النظام.]...
...اتسعت عينا ناري، حدّقت في الشاشة وكأنها ترى كابوسًا يتسلّل داخل قصتها:...
...> "هاه...؟ ما هذا؟"...
...في اللحظة التالية، اختفى التنبيه....
...همست ناري، بالكاد تُخرج الكلمات من شفتيها:...
...> (لم أكن أعلم...)...
...ثم رفعت نظرها إلى الزجاج، حيث كانت السماء الرمادية تُخفي ما هو قادم:...
...> (...أن هذا القرار الصغير... سيُشعل الجحيم على الجميع.)...
...[يتبع...]...
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon