NovelToon NovelToon

"سراب الليل" — الجزء الأول: لا عودة من الرمال

سراب الليل

لم تكن تعلم أن الرمال يمكن أن تهمس.

عندما قررت يُسرى أن تتبع قافلة الباحثين عن كنز "عين الرمال"، لم تكن تعرف أنها ستكون الوحيدة التي ستعود... أو على الأقل، هذا ما كانت تعتقده.

الطريق كان طويلاً، والشمس قد انكسرت فوق رؤوسهم يومين دون رحمة، ثم فجأة… اختفى كل شيء.

استيقظت يُسرى في الليل، وحدها، ولا أثر للقافلة. فقط آثار أقدام تغوص في الرمل… وتنتهي عند لا شيء.

لكن الغريب لم يكن اختفاء الناس، بل الأصوات.

في البداية، همسات. كأن أحدهم يناديها باسمها من بعيد:

"يُسرى..."

"لا تذهبي..."

ثم شاهدت ذلك الضوء الأزرق في الأفق، كأنه نار صغيرة… لكن لا رائحة، لا دخان… مجرد وميض خافت ينبض كما القلب.

اقتربت، والريح تصرخ من حولها، كأنها تُحذرها.

لكن يُسرى، بعناد لا يشبهها، تابعت السير.

وحين وصلت إلى حيث كان الضوء، لم تجد إلا مرآة مستديرة… مدفونة في الرمل.

مجرد مرآة صغيرة، إطارها صدئ، لكنها تعكس شيئًا لم يكن خلفها.

رأت القافلة.

رأتهم جميعًا… موتى.

ثم، في لحظة، سقط الظلام كاملا

كانت تُمسك المرآة، يداها ترتجفان.

الصور داخلها لا تزال تتحرك…

أجساد القافلة ملقاة، أعينهم مفتوحة… كأنهم ما زالوا يرون.

ثم فجأة، أحدهم يرمش.

أسقطت يُسرى المرآة، لكن الصوت لم يكن صوت زجاج يتحطم…

بل كأنه شهقة!

رفعت نظرها، فرأت الرمل يتحرك من تلقاء نفسه…

يتلوى كأن شيئًا تحته يحاول الخروج.

"اركضي."

الصوت هذه المرة كان أوضح… أنثويّ، لكنه لا يشبه صوتًا بشريًا.

كأن الصحراء نفسها تُحذرها.

لكن يُسرى لم تركض.

اقتربت من حيث تحرك الرمل، ببطء.

هناك، تحت الضوء الأزرق، كانت فتاة تشبهها تمامًا، لكن شعرها أطول، وملابسها قديمة…

ووجهها شاحب كمن لم يرَ الشمس منذ قرن.

قالت الفتاة:

"أنا أنتِ. لكن أنا التي لم تعد."

ثم اختفت.

أرادت يُسرى أن تصرخ، لكنها لم تجد صوتها.

كل شيء أصبح صامتًا…

عدا نبض قلبها، الذي صار صدى يتردد في كل الرمال.

وفجأة…

المرآة بدأت تدور من تلقاء نفسها، وتصدر طنينًا عميقًا.

ثم ظهرت كلمات على سطحها:

> "من يرى السراب، يختار: ١. أن يبقى. ٢. أن ينسى..

أدارت يُسرى ظهرها للمرآة. لم تختر. لم تجرؤ.

ركضت في الظلام، والريح خلفها تُلاحقها بهمسات لا تُفهم.

لم تعلم كم ركضت، ولا إلى أين.

لكن حين توقفت، وجدت نفسها عند واحة…

غريبة.

الماء فيها لا يعكس صورتها.

والنخيل لا يتحرك، رغم الريح.

كأن كل شيء هنا ميت… لكنه يتنفس.

وفجأة، سمعت صوتًا خلفها.

رجلٌ عجوز، يرتدي ثيابًا ممزقة، ووجهه مليء بالندوب، لكن عيناه…

عيناه كانتا سوداوتين بالكامل، لا بياض فيهما.

قال لها دون أن يفتح فمه:

"أنتِ رأيتِ السراب."

ارتجفت يُسرى، وسألته بصوت خافت:

"من… من أنت؟"

ضحك العجوز، لكن الضحكة لم تكن بشرية، بل كأن الرمل نفسه ضحك.

ثم قال:

"أنا خرجت قبلك… لكن شيئًا مني لم يخرج."

اقترب منها، ومدّ يده المرتجفة، وأمسك بذراعها:

"هل رأيتِ المرآة؟"

أومأت بخوف.

"وماذا اختَرْتِ؟"

"لم أختَر… هربت."

هزّ رأسه، وتنهد كأنها خيّبت أمله:

"لا أحد يهرب. من يرى السراب… يُكمل."

ثم همس بشيء لا تفهمه، وكأن صوته صار ريحًا تدور حول رأسها.

وفجأة، شعرت يُسرى بشيء يزحف تحت جلدها…

رؤية… قديمة… مشهد لا يخصها:

> طفلة ضائعة، في نفس الصحراء، منذ مئة عام.

وامرأة كانت تصرخ باسمها.

ثم… المرآة. والباب. والصمت.

حين فتحت يُسرى عينيها، كانت وحدها من جديد.

لا واحة. لا عجوز. لا شيء.

فقط، تلك المرآة القديمة… في يدها.

لكن هذه المرة، كانت المرآة تُريها نفسها… وهي تموت.

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon