NovelToon NovelToon

عندما يتحول الكره إلى حب

حسنا... من هذا المتعجرف؟

📝 الفصل الأول:

> "بيب! بيب! بيب!"

صوت المنبه اخترق صمت الغرفة ليعلن عن الساعة 7:30 صباحًا،

فتحت ليان عينيها على غير عادتها بنشاط، كأن هذا اليوم يحمل شيئًا خاصًا لا تعرفه بعد.

مدت يدها وأغلقت المنبه بكسل، ثم ابتسمت بخفة وهي تهمس لنفسها:

"أول يوم... مدرسة جديدة... بداية جديدة."

نهضت من سريرها ببطء، اتجهت نحو مرآتها الصغيرة،

غسلت وجهها بماء بارد وانتعشت، ثم بدأت بسكينكيرها المعتاد:

لمسة من التونر، نقطة كريم خفيف، ومرطب شفاه بطعم الفراولة 🍓

فتحت خزانتها وسحبت الزي المدرسي الجديد بعناية، كأنها تلمس قطعة من المستقبل.

التفتت مرة أخرى نحو مرآتها، أمسكت فرشاة شعرها وسرّحت خصلاتها الداكنة الطويلة،

ثم ربطت جزءًا منها للأعلى بمشبك شعر صغير على شكل فراشة فضية...

تلك الفراشة كانت هدية من أمها بيوم عيد ميلادها ، الثامن عشر.

نظرت إلى نفسها مرة أخيرة في المرآة، رفعت حاجبها بخفة، وابتسمت وقالت:

"من أين لكي هذا الجمال يا بنت.... أحم.. أحم.. سأتأخر عن المدرسة."

> نزلت ليان الدرج بخطوات خفيفة، وعبق الخبز المحمص وريحة القهوة سبقوها للمطبخ.

- "صباح النور يا أميرة اليوم الأول!" قالت أمها بابتسامة وهي تضع كوب العصير على الطاولة.

- "صباح الورد يا أمي "

جلست ليان بسرعة، التقطت كوب العصير وأخذت رشفة طويلة، ثم قطعة توست صغيرة.

على طرف الطاولة، كانت أختها الصغيرة ريهام تجلس على كرسي مرتفع،

ترتدي بيجاما فيها رسومات قطط، وتضحك وهي تمسك قطعة جبن .

- "صباحك عسل يا ريهومة!" قالت ليان وهي تداعب خدها.

كانت ريهام صغيرة جدًا، طفولية ومشاغبة، لكنها دايمًا تراقب ليان بإعجاب.

تناولت حقيبتها، وقبّلت أمها على عجل، ثم خرجت بسرعة وهي تسمع صوت بوق السيارة بالخارج.

- "ليان، تأخرتِ!"

- "قادمة يا أبي!"

فتحت الباب، والهواء الصباحي داعب شعرها،

ارتفعت شمس خفيفة في السماء وكأنها تبتسم لها،

"يوم جديد... مدرسة جديدة... أنا متحمسة..."

> توقفت السيارة أمام بوابة المدرسة،

فتحت ليان الباب ببطء ونزلت،

أخذت نفسًا عميقًا، حملت حقيبتها على كتفها،

وأغلقت الباب خلفها...

رفعت عينيها ونظرت للواجهة الكبيرة للمؤسسة:

بوابة حديدية، طلاب كثر، ضحكات، صراخ، وجوه غريبة تمامًا.

"هذه... المدرسة؟! ما شاء الله... كبيرة!"

شعرت بأنها صغيرة وسط هذا الزحام،

طلاب يتحدثون بسرعة، مجموعات تقف معًا،

ومع كل خطوة كانت تمشيها... تشعر أن كل العيون تلاحقها.

لم تكن تعرف إلى أين تذهب،

فتوقفت فجأة، وأخرجت ورقة من جيب سترتها:

"القسم 3 آداب... الطابق الثاني، القاعة 6."

- "آه، يعني درج؟ مشوار صباحي كمان..."

وفجأة... صدمة!

اصطدمت بشخص، وسقطت دفاترها أرضًا.

> - "آآه! آسفة، آسفة!"

انحنت بسرعة تجمع دفاترها...

وسمعت صوتًا لطيفًا يقول:

- "ولا يهمك! كنتِ شاردة؟"

رفعت رأسها، ورأت فتاة ترتدي نفس الزي المدرسي،

شعرها بني كراميل، وعيونها واسعة، وفي ابتسامتها شيء مطمئن.

> - "أوه... نعم، آسفة، أنا جديدة هنا."

- "واضح! باين عليك مرتبكة 😅"

- "أنا ليان."

- "سيرين."

مدت لها يدها بابتسامة صادقة،

- "تشرفنا، وأنا في قسم 3 آداب... وإنتِ؟"

- "أنا أيضًا! قاعة 6؟"

- " إذًا! تعالي، نروح سوا قبل ما يقرع الجرس."

سارت ليان معها،

وبداخلها همست:

- "أول وجه طيب... ربما هذه بداية جيدة".

> كانت القاعة شبه ممتلئة...

الطلاب يتحدثون ويضحكون،

وسيرين دخلت أولًا، تتجه نحو المقعد المعتاد في الصف الثالث، قرب النافذة.

وضعت حقيبتها وجلست، ثم أخرجت دفترها بهدوء.

دقائق قليلة... رنّ الجرس،

وضجّت القاعة للحظة، ثم بدأت الأصوات تهدأ تدريجيًا،

وتسلل الصمت مع دخول الأستاذ إلى القسم.

رجل خمسيني بنظارات أنيقة، يحمل ملفات تحت ذراعه،

وقف أمام السبورة ونظر للطلاب بنظرة ثابتة.

> - "صباح الخير."

- "صباح النور، أستاذ." ردّ الجميع بصوت واحد.

تفحّص الأستاذ الوجوه، ثم نظر إليهم...

- "هل الجميع هنا؟"

> في تلك اللحظة، انفتح الباب بهدوء... ودخلت ليان.

أنظار بعض الطلاب التفتت نحوها،

مشت بخطى ثابتة، لكن قلبها ينبض كأنه جرس ثاني.

- "صباح الخير، أنا... الطالبة الجديدة."

الأستاذ نظر في الورقة بين يديه ثم ابتسم:

- "ليان يوسف، أليس كذلك؟ أهلًا بكِ. تفضلي بالدخول، لا تتوتري."

نظرت ليان سريعًا نحو الصف، تبحث عن كرسي فارغ،

قبل أن يقول الأستاذ وهو يشير بيده نحو آخر الصف:

- "هناك كرسي شاغر بجانب آدم، اجلسي هناك."

رفعت عينيها ببطء...

ونظرت إلى حيث أشار...

شاب رأسه على الطاولة، نائم بكسل، وكأنه غير موجود.

مشت ليان بخطى هادئة نحو الكرسي،

وبجانبها لاحظت فتاة تحدّق بها بحدة،

عيناها تمتلئان بنظرة استغراب... أو شيء آخر أقرب إلى الغيرة.

تجاهلتها، وسحبت الكرسي بهدوء وجلست.

وضعت حقيبتها، وأخرجت دفترها دون أن تنظر إليه.

لحظات وينهظ آدم مستغربا

-"من أنت ومن طلب منك الجلوس هنا 🤨"

ردت ليان بهدوء :

"أنا إسمي ليان.. تلميذة جديدة والأستاذ هو من طلب مني الجلوس هنا".

عبس بوجهه وإستلقى بظهره للخلف على الكرسي وهمس في نفسه:

_ "ولم يجد كرسيا إلا هذا؟! "

> عاد الأستاذ للسبورة بعدما جلس الجميع،

فتح دفتره، وسحب قلمًا أزرق من جيبه.

- "إذن، لنبدأ. درس اليوم في الأدب: 'الاتجاه الرومنسي في الشعر العربي'."

صوت الأوراق يُقلب،

وبعض الطلاب بدأوا يفتحون دفاترهم،

وآخرون يواصلون التثاؤب والكلام.

ليان فتحت دفترها، نظرت نحو السبورة،

لكنها كانت تشعر بنظرات خفيفة من البعض...

ليس ازعاجًا... بل فضولًا.

الأستاذ بدأ يشرح بثقة:

- "الرومنسيون لم يكونوا مجرد شعراء عاطفيين،

بل كانوا أصحاب ثورة داخلية، خرجوا عن القواعد التقليدية..."

كانت كلماته واضحة،

لكن عقل ليان كان يسرح بين الصوت، والأجواء الجديدة، والوجوه الغريبة.

بجانبها، كان آدم يمسك قلمه ويدوّن بعض الملاحظات،

دون أن يلتفت إليها... وكأنه تجاوز ما حدث منذ قليل.

أما تلك الفتاة، الجالسة في الصف الأمامي،

فلا زالت تلتفت بين الحين والآخر،

تحدق بها بنظرات لا تخلو من الغيرة... أو الشك.

ليان لم تكن مرتاحة تمامًا،

لكنها فتحت صفحة جديدة وكتبت بخط مرتب عنوان الدرس

"الاتجاه الرومنسي في الشعر العربي."

أخذت نفسًا خفيفًا، وبدأت تدوّن ملاحظات الأستاذ.

لم تتحدث، لم تلتفت كثيرًا،

فقط عيناها كانت تتحركان بين السبورة، والدفتر، والوجوه من حولها...

كانت تحاول أن تفهم المكان قبل أن تنتمي إليه.

وهذه... كانت عادتها دائمًا.

الفصل الثاني.

> رفع الأستاذ رأسه من دفتره وقال: - "من يشرح الفرق بين الشعر التقليدي والرومنسي؟"

ساد الصمت لثوانٍ، ثم ارتفعت يد ليان بكل ثقة.

- "تفضلي، ليان."

اعتدلت وقالت بنبرة هادئة: - "الشعر التقليدي يركز على الوزن والقافية، ويهتم بالمواضيع العامة. أما الرومنسي، فهو يتجاوز القواعد، ويعبر عن المشاعر الشخصية والذاتية بصدق وحرية."

الأستاذ ابتسم بإعجاب: - "إجابة ممتازة!"

سُمعت بعض التصفيقات في القسم، وبعض الهمسات المندهشة.

وفجأة... ضحكة ساخرة قطعت الجو.

- "واو، عندنا طالبة تحب تستعرض معلوماتها... شكلك حافظه ويكيبيديا حرفيًا."

كان الصوت من جهة اليسار... من آدم.

ضحك البعض بخفة، وآخرون تبادلوا النظرات.

ليان نظرت إليه ببرود، عينيها ثابتة، ونبرتها هادئة لكنها حادة:

- "على الأقل أنا أفهم الدرس... مو أجي أنام وأتظاهر إني ذكي."

القسم سكت فجأة.

البعض تمتم: "أوفففف..."

أما آدم... فقد شدّ كتفيه بصمت، ونظر إلى الطاولة أمامه دون أي تعليق.

> دقّ الجرس، وتزاحم التلاميذ للخروج من القسم، أصوات وضحك وهمسات تمتلئ بها الممرات.

ليان كانت تهمّ بجمع أدواتها بهدوء، لا زالت تشعر بنبض قلبها بعد المواجهة مع آدم.

فجأة، وقفت أمامها فتاة بابتسامة خفيفة:

- "ليان، صح؟"

رفعت ليان عينيها لتجد الفتاة التي اصطدمت بها صباحًا.

- "أهلاً... سرين، صح؟"

- "بالضبط. حبيت طريقتك في الرد على آدم... مش أي أحد يقدر يسكّته كذا."

- "ما كان قصدي أبدأ مشاكل، بس استفزني صراحة."

سرين ضحكت وقالت: - "تمامًا نفس إحساسي أول ما التقيت فيه. بس ما كان عندي الشجاعة أقول له شيء."

ثم أكملت بلطف: - "تحبين نروح للساحة سوا؟ نرتاح شوي قبل الحصة الثانية؟"

ليان ابتسمت:

- "أكيد، خليني أتهرب شوية من العيون اللي جالسة تراقبني كأني غريبة."

- "لا تشيلي هم، من اليوم خلاص، عندك صديقة."

سارتا معًا وسط الزحام، وخرجا إلى فناء المدرسة حيث أشعة الشمس تتخلل الأشجار، وجلستا على أحد المقاعد، وبدأ الحديث ينساب بهدوء... وكأن الصداقة بدأت بالفعل من أول اصطدام، لكنها الآن تتأكد. 💕

> جلست ليان على المقعد تحت الشجرة، وسرين بجانبها.

نسمة خفيفة مرّت بينهما، تحمل معها بداية هادئة لصداقة واعدة.

سرين نظرت لها وقالت بلطف:

- "بصراحة... لما شفتك تردين على آدم كذا، قلت في نفسي: (أوكي، البنت قوية)."

ليان ضحكت بخفة: - "ما كان قصدي أعمل عرض... بس أسلوبه استفزني جدًا."

- "هذا آدم... دايم يحب يستفز ومغرور يعتبر نفسه مركز الكون كل فتيات المدرسة معجبون به ."

- "حلو... بس مو عليّ".

ضحكت سرين وقالت: - "بالمناسبة، أنا ما لحقت أسألك اليوم الصباح لما صدمتك... من وين نتقلتي؟"

- "من العاصمة، . الوالد تغيّر عمله وجئنا إلى

هنا."

- "ياه، تغيير كبير."

- "جداً... بس أحس إني كنت محتاجة له."

- "يعني ما عندك أحد هنا؟ لا صديقات ولا معارف؟"

- "ولا حتى وحدة. بس بما إنك أول وحدة صدمتني... أعتقد نقدر نعتبرها بداية جميلة."

- "صفقة!" قالتها سرين وهي تمد يدها بابتسامة.

ليان صافحتها وقالت: - "أحلى ❤best friend"

> كانت ليان وسرين تضحكان بهدوء، والجو بينهما أصبح أكثر دفئًا...

فجأة، ظهر من بعيد آدم يسير بخطى هادئة، يحمل علبة عصير باردة، يرتشفها دون استعجال، ونظراته تتنقل بين الطلاب كأن لا شيء يهمه.

اقترب من مكان جلوسهما...

ليان رفعت عينيها دون اهتمام، ثم خفضتها... وكأن وجوده لا يعني لها شيئًا.

لكنه... توقف بجانب المقعد للحظة، أنهى شرب العصير،

ثم ببساطة، رمى العلبة الفارغة عند قدميها مباشرة.

نظر إليها نظرة جانبية وقال بنبرة باردة، فيها سخرية خفية: - "أوه، آسف... ما شفتك 😏"

التفتت إليه ليان ببطء، عينيها تلمع بشيء من الغضب المكبوت.

قبل أن ترد، وضعت سرين يدها على ذراعها وقالت بصوت خافت: - "تجاهليه، هو يدور أي فرصة يزعّلك."

لكن ليان التقطت العلبة من الأرض بهدوء،

وقبل أن يتحرك آدم خطوة، قالت بصوت واضح، خالٍ من الانفعال:

- "الغريب... إنك تزعج نفسك تمر هنا، كأنك تحاول تثبت وجودك بأي طريقة ."

توقف لحظة، التفت نحوها، ابتسم ابتسامة صغيرة لا تُفهم...

- "وجودي واضح... بس شكلك الوحيدة اللي مش قادرة تتقبليه."

- "لا، وجودك واضح جدًا... لدرجة إنه مزعج للعين."

نظر لها للحظة، ثم أكمل سيره وهو يصفّر، كأن شيئًا لم يكن.

سرين التفتت إلى ليان مدهوشة: - "أقسم إنك أول بنت تكلمه بهذا الأسلوب."

- "وأنا آخر وحدة تسمح له يتمادى".

> كانت ليان وسرين لا تزالان جالستين تحت الشجرة، يتبادلن أطراف الحديث وضحكات خفيفة، رغم مرور آدم واستفزازه قبل قليل.

فجأة...

اقتربت منهما فتاة ذات مكياج خفيف لكن متقن، شعرها مسرّح بعناية، خطواتها واثقة...

وقفت أمام ليان ونظرت إليها من رأسها حتى قدميها، ثم قالت بنبرة مليئة بالتلميح:

- "إنتِ الطالبة الجديدة، صح؟ ليان...؟"

رفعت ليان حاجبها، وأجابت بهدوء: - "أيوه، في شي؟"

ليلى ابتسمت ابتسامة بااااردة وقالت: - "لا أبدًا، بس حبيت أقولك... إنو المكان هنا له قوانينه الخاصة، ومش الكل يقدر يتأقلم."

تدخلت سرين بنبرة حادة: - "وإنتِ المسؤولة عن القوانين يعني؟"

ليلى تجاهلتها، وظلت تحدّق في ليان: - "آدم من النوع اللي ما يحب الإزعاج... حاولي ما تلتصقي فيه كثير."

ابتسمت ليان ابتسامة خفيفة... وقالت بهدوء قاتل: - "لا تخافي، ما أحب ألتصق بالقاذورات."

صمتت ليلى للحظة، ثم عضّت شفتها ورفعت حاجبها: - "تمام... منشوف الأيام الجاية."

استدارت وغادرت بخطوات واثقة، لكن الغضب كان واضحًا في عينيها.

سرين انفجرت ضاحكة: - "أوووففف! ليان، أنتي قنبلة متنقلة!"

- "أنا بس أكره اللي يحاول يخيفني بنظراته."

> الجرس دق من جديد.

ليان بدأت تشعر بثقل اليوم الأول، لكنها لا تزال ممسكة بهدوئها، تكتب في دفترها بتركيز.

باب القسم يُفتح فجأة...

دخلت امرأة طويلة، أنيقة في مشيتها، ترتدي نظارة ذات إطار ذهبي، وتحمل دفترًا بيد، ومسطرات طويلة في اليد الأخرى.

الجميع وقف بتلقائية وهم يهمسون:

- "قومي... جات أستاذة ريما."

بصوت ثابت قالت:

- "اجلسوا. الحصة لن تبدأ بتقديم الورود ولا بالشاي، بل بالمسائل."

ضحك خفيف في القسم، لكنها لم تبتسم.

توجهت نحو السبورة، وبدأت تكتب بخط أنيق:

(الدرس: المعادلات ذات المجهول الواحد)

ثم التفتت وقالت:

- "أحتاج شخص يحل المعادلة التالية على السبورة... لكن مش أي أحد. أريد شخص جديد في المدرسة."

نظراتها مرّت على الوجوه... حتى توقفت عند ليان.

- "أنتِ... الفتاة الجديدة، تعالي."

وقفت ليان بهدوء، تقدّمت نحو السبورة، نظرات الجميع تتبعها، خاصة... نظرة ليلى، التي همست:

- "راح تنفضح."

كتبت ليان بخط ثابت، حلّت المعادلة في ٣ خطوات واضحة.

الأستاذة نظرت، ثم قالت:

- "جميل. واضح أنك لستِ جديدة على التفكير."

جلست ليان، وهمست سرين في أذنها:

- "أوه وي، ليلى بدأت تغلي."

ليان ابتسمت بثقة:

- "مشكلتها إنها تلعب مع الشخص الغلط."

في الخلف، كان آدم يراقب بصمت...

ابتسامة صغيرة في زاوية فمه لم ينتبه لها أحد.

> دق الجرس، وبدأ الطلاب بالخروج من الأقسام كأنهم موجة بشرية تبحث عن متنفس.

ليان خرجت مع سرين باتجاه الكافتيريا، الجو حولهما كان مليئًا بالضجيج، لكن بين ضحكاتهما، كان في راحة واضحة.

جلستا على طاولة قرب النافذة، وضعتا صينيتيهما وبدأتا بالأكل.

سرين قالت وهي تفتح علبة العصير: - "ما شاء الله، أول يوم ودخلتي جو التحدي مع ريما والرياضيات!"

ليان ابتسمت: - "توقعت أبدأ بسؤال بسيط، مو معادلة كأنها لغز من الخيال العلمي."

ضحكت سرين، وقبل أن ترد، ظهرت ليلى...

تمشي بخطى واثقة، شعرها مسدول بدقة، عيونها تمرّ على الجميع وكأنها صاحبة المكان.

توقفت عند طاولتهما وقالت بنبرة فيها سمّ خفيف: - "في ناس يحبوا يبالغوا بأول يوم عشان يبينوا مميزين... بس الشهرة عمرها ما تدوم."

ليان رفعت رأسها بهدوء، نظرت إلى ليلى نظرة ثابتة، وابتسمت بثقة خفيفة:

- "ما نحاول نكون مميزين، إحنا مميزين من يوم انخلقنا... حاولي تواكبي."

ليلى تجمّدت لثانية... صمت ثقيل غلّف الموقف.

سرين خنقت ضحكتها ومالت نحو ليان: - "أقسم بالله لساتك داخلة المدرسة ولسّع ما فهموا إنهم وقعوا بمشكلة!"

ليان رفعت كتفيها ببساطة: - "أنا لا أحب أن أقلل إحترامي لأي شخص لكن إذا وصل الامر لكرامتي فلا يهمني من هو ."

> بعد الغداء، كانت ساحة المدرسة بدأت تفرغ تدريجيًا...

ليلى جلست تحت الشجرة الكبيرة في الزاوية الخلفية، محاطة بصديقاتها: سارة، نادين، ولمى.

كانت تمسك بعلبة عصير فارغة، وتضغط عليها بأصابعها بقوة بينما تنظر باتجاه جلوس ليان من بعيد.

سارة همست:

- "شكلها ما أخذتك على محمل الجد..."

ليلى تنهدت بغيظ وقالت:

- "البنت داخلة بثقة كأنها رئيسة المدرسة، وأنا؟ واقفة أتفرج."

نادين:

- "يعني وش ناوية تسوين؟"

ليلى نظرت إليهن بنظرة مكر، ثم قالت:

- "إحنا ما راح نضرب ولا نصرخ... راح نخلّيها تغلط."

لمى:

- "كيف يعني؟"

ليلى ابتسمت ابتسامة شيطانية خفيفة:

- "راح نجهز لها سيناريو بسيط... نوقعها فيه، والنتيجة؟ تصير هي الغلطانة والكل يشوفها على حقيقتها."

سارة:

- "يعني فضيحة قدام الكل؟"

ليلى:

- "مو فضيحة... بس كسر أول نظرة، نبين إنها مش ملاك زي ما باين... وخلي آدم يشوف وجهها الثاني."

لمى ضحكت:

- "حبيت الخطة."

ليلى نهضت وهي تنفض الغبار عن تنورتها:

- "بس أهم شي... بهدوء. إحنا نغرز السم، ونخلي هي تنفجر بنفسها."

> بعد الحصة الأخيرة، الجو في القسم كان هادئًا، الطلاب بدأوا يخرجون واحدًا تلو الآخر،

بقيت ليان في مكانها تنظم دفاترها، بينما كانت حقيبتها مفتوحة على الكرسي.

ليلى دخلت بخطوات ناعمة، تمشي وكأنها ملاك

في يدها الصغيرة... علبة مخملية بلون كحلي، بداخلها عقد فخم من الذهب الأبيض، مرصّع بلمسة من الياقوت...

هدية من والدها قبل أسبوع.

نظرت حولها، القسم شبه فارغ، ليان مشغولة بترتيب دفاترها، وظهرها مواجه للباب.

ليلى اقتربت...

فتحـت الحقيبة بهدوء تام...

وضعت العلبة في الداخل، وأغلقتها بسرعة، ثم تراجعت للخلف بخفة.

لكن...

في الزاوية الأخرى، كان آدم يقف بصمت خلف الباب نصف المغلق.

عيناه متسعتان...

وبيده الهاتف، بدأ يسجل الفيديو منذ لحظة سماعه لخطتها وهي تشكلها مع صديقاتها.

لم يُصدر أي صوت... فقط حدّق في المشهد دون أن يصدق.

> ليلى خرجت بخفة، تمشي وكأنها لم تفعل شيئًا... ابتسامة خبيثة ترتسم على وجهها: - "أيامك المعدودة بدأت يا بطلة."

بعد لحظات...

خرجت ليان هي الأخرى، دون أن تشعر بما حصل.

آدم ظل واقفًا مكانه، ينظر إلى الهاتف في يده.

شهق بصوت خافت:

> - "الجنون هذا راح يجيب مصيبة."

ثم نظر من النافذة...

ليلى كانت واقفة مع صديقاتها، تضحك بثقة وكأنها ضمنت الفوز.

لكن آدم... كانت ملامحه مختلفة.

توتر، تفكير، وغموض...

هل سيُري ليان الفيديو؟

أم يحتفظ به ويختبرها؟

لم يعرف بعد... لكنه بالتأكيد ما عاد يشوف ليلى زي قبل.

لحظة سقوط.

دقّ جرس الحصة الأخيرة… طلاب قسم “3 آداب” بدأوا بجمع أغراضهم بهدوء، بعضهم يهمّ بالخروج، وآخرون لا يزالون يتحدثون أو يرتبون دفاترهم.

ليان كانت جالسة في مقعدها، إلى جانب آدم مباشرة، تضع كتبها داخل الحقيبة، بدون استعجال.

سرين كانت تلوّح لها من الخلف:

"هيااا، تأخرتي! نذهب الكافيتيريا أو الى البيت مباشرة؟"

> فجأة…

ليلى وقفت من مكانها في الصف الأمامي، رفعت يدها، وقالت بصوت فيه ارتباك مفتعل:

"أستاذة… لحظة من فضلك."

الجميع التفت لها.

حتى ليان رفعت رأسها، مستغربة.

الأستاذة التفتت بتعب:

"نعم، ليلى؟"

"أنا... ضاع مني عقد. عقد غالي جدًا… من الذهب الأبيض، هدية من والدي. كنت شايلته من الصباح، وحطيته بخزانتي الخاصة."

صوت همسات بدأ يتصاعد من التلاميذ.

"بس لما رجعت من حصة الغذاء.... اختفى تمامًا!"

الأستاذة قالت بجدية:

"ضياع شيء بهذا الشكل مهم، بس هل أنتِ متأكدة إنه سُرق؟ مش نسيتيه؟"

ليلى هزت رأسها بسرعة:

"متأكدة، الأستاذة... ولأن الكل كان بالصف اليوم، أظن الأفضل نفتش الحقائب."

نظرات الطلاب بدأت تتحرك بين بعضهم، توتر خفيف عمّ المكان.

آدم التفت برأسه بهدوء إلى ليان التي بدت هادئة وكلها ثقة في نفسها.

الأستاذة نظرت إلى الجميع:

"هل تمانعون أن نفتح الحقائب سريعًا؟ أمامكم فقط… لتأكيد البراءة؟"

بعض الطلاب هزوا رؤوسهم بالموافقة، وآخرون ترددوا.

سرين قالت بنبرة واثقة:

"ما عندنا شي نخبيه. يلا نخلص."

بدأت عملية التفتيش حتى وصلت إلى طاولة ليان.

ليان نظرت لحقيبتها للحظة، ثم بدأت تفتحها بهدوء.

> فتحت السحاب، بدأت تخرج الكتب واحدًا تلو الآخر، حتى وصلت إلى كتاب الأدب، أخرجته فسقط العقد على الطاولة .

تجمدت في مكانها تنظر للعقد.

اللحظة انفجرت بالصمت.

"أوووه لا..."

همست سرين من بعيد.

"هذا هو!"

قالتها ليلى فجأة، وهي تندفع من مقعدها وتُشير.

"العقد لي! كنت أعرف... كنت حاسة!"

> الجميع شهق، نظراتهم كلها على ليان، التي كانت تنظر للعقد وهي متصمرة في مكانها تتنفس بصعوبة حتى لم تدافع على نفسها لم تستطع من كثرة الصدمة.

الأستاذة بخطوات سريعة وصلت إليها:

"ليان؟ هل هذا الشيء يخصك؟"

ليان بصوت شبه مبحوح:

"ل...لل.لا.. أدري من أين أتى والله أنا لم أسرقه لا أعرف كيف وصل إلى هنا لكن صدقوني أنا لم أسرقه!"

ليلى تمثّل الصدمة بوجه متشنج:

"معقول؟ أول يومين لكِ هنا وتسرقين وتنكرين أيضا وكل شيء واضح. "

آدم كان لا يزال صامتًا…

لم يستطع بقي متجمدا في مكانه.

الأستاذة صرخت:

"إلى الإدارة فورًا يا ليان".

ليلى خرجت من القسم وكأنها حققت إنتصارا عظيما …

صديقاتها تبعنها بدون كلام.

سرين، ذهبت مسرعة مع ليان.

الطلاب بدأوا يلتفتون إلى بعضهم ويقولون كلام يهين ليان.

آدم سمع كل كلمة ولازال واقفا وهو يدرك الحقيقة أخذ حقيبته وخرج مسرعا.

ليان جلست، أمام المدير …

ثم التفتت بهدوء إليه ، وقالت:

" صدقني يا سيدي أنا لم أسرق أي عقد ولا أعرف كيف وصل لحقيبتي أنا لم أسرق شيئا في حياتي ؟"

المدير وهو يضحك بسخرية، قال:

"هههه ولازلت تقاومين كل شيء واضح يا إبنتي أنت من سرق العقد كيف يصل إليك إذا لديه أرجل هه أولا دعيني أخمن أجنحة ههه."

ثم وقفت ليان ودموعها على خدها وقالت:

"أنا لم أسرق شيئا فهمت، صحيح معك حق أن لا تصدقني لكن أنا واثقة أنّ هناك لعبة وراء هذا"

ردّ المدير وهو ليزال يضحك: "هههه أوه... الآن. دخلنا في فيلم...." 

فجأة دق باب المكتب فأذن المدير بالدخول ففوجئ لما رأى آدم فقال له: " ألا ترى إنني مشغول ماذا أتى بك "

ردّ آدم بنبرة جدية: " ليان لم تسرق شيئا يا سيدي

المدير "

تفاجأت لين بكلام آدم فلم تنتظر ذلك أبدا.

فأجاب المدير : " وهل لديك دليل أيها البطل "

فأجاب آدم بكل ثقة: " أكيد.....  تفضل مشاهدة ممتعة "

انصدم المدير بما رآه في الفيديو وبعدها نظر إلى ليان وقال: " معك حق فيما قلتيه أنت لم تسرقي العقد "

تفاجأت بما سمعته أذناها...... وذرفت مسرعتا إلى كرسي المدير لتشاهد الفيديو.

بعدها إستسمح منها مديرها...... وخرجت هي وآدم فنظرت إليه وهي مبتسمة له لمح تلك الابتسامة وتجمد في مكانه لكن سرتان معاد إلى رشده

" شكرا لك آدم لو لاك لا أعرف ماذا كان سيحصل لي "

آدم: " هيا إلى بيتك ".

ليان:" حقا أنت غريب..... شكرا لك مرة أخرى ".

غادرت ليان وبقي آدم ينظر إليها حتى إختفت وهمس:

"لا شكرا على واجب "

خرجت ليان للساحة ووجدت سرين تنتظرها وهي تبكي

ليان: " سرين... لماذا تبكين يا عزيزتي "

سرين: " ليان خفت كثيرا عليك.... أنا كنت متأكدة أنك لن تسرقي "

ليان: " حبيبتي لا تخافي أنا هنا معكي وانظري لقد انكشفت لعبة ليلى"

سرين: ""  لعبة ليلى.... ماذا تقصدين ". 

شرحت ليان لسرين كلما حدث معها وتفاجأت بآدم.

سرين:"  هذا غريب دافع عليكي ضد حبيبته "

ليان: " حقا ليلى حبيبته؟ "

سرين: " أجل منذ أن جئنا للثانوية  ... لكن هذا العام لم ألمحهما مع بعضهم كثيرا كما كانوا سابقا "

ليان: " هياإلى البيت سأوبخ إن تأخرت "

غادرتا معا إلى البيت وختلفى في الشارع الاخير كل منهما ذهب إلى بيته.

> كانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف مساءً،

في الطابق العلوي من بيت هادئ على أطراف المدينة،

كانت غرفة آدم مفتوحة النوافذ، يدخل منها هواء خفيف، يحرّك الستائر القطنية البيضاء بلطف.

ضوء الغرفة دافئ، ليس ساطعًا ولا خافتًا، بل موزونًا... تمامًا كطبيعة صاحبها.

مصباح جانبي فوق المكتب الخشبي، يُنير بصفاء فوق دفاتر مغلقة، وسماعات موضوعة بعناية.

الجدران بلون رمادي فاتح، مزينة ببعض الصور الصغيرة بالأبيض والأسود،

بينها صورة لعازف كمان، وأخرى لطائر في السماء…

كأنها تلميحات إلى فوضى داخله لا يُظهرها.

سريره مرتب بدقة، مغطى بغطاء رمادي غامق، وعلى وسادته كتاب مفتوح ونظارات بإطار أسود.

خزانة ملابسه مغلقة، لكن بجانبها سلة كرة سلة صغيرة معلقة،

وكأن الطفل داخله لا يزال يعيش رغم صمته.

وفي زاوية الغرفة، بجانب النوافذ…

جلس آدم على كرسي جلدي أسود، في مكتبه يراجع دروسه ففجأة لمح إبتسامة ليان بين عينيه.

الهدوء يملأ المكان…

وفي غرفة أخرى كانت تجلس ليان وهي تضع سماعاتها أمام نافذة غرفتها تنظر إليها وهي وتبحث عن السبب الذي دفع بليلى لإتهامها بالسرقة...... لماذا تكرهها لهذه الدرجة.

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon