📘 الفصل الأول:
ما سألتوني… بس كنت بدي أقول "لا"
بيعوني بـ"صحن كنافة" وبكم ليرة.
أهلي؟
إيه… أهلي.
بيّي يلي دايمًا ساكت بس وقت المصاري صوته بيقوى، وإمي يلي كانت تقلي "هيك ربينا"، وعمّي يلي شرب قهوته وهو بيكتبوا على ورقة: "العروس صارت لفلان".
أنا… ليلى.
كان عمري 10 سنين.
كنت عم بلعب مع بنت الجيران، فجأة سمعت كلمة "جاهة" وكلمة "عريس".
قلت: مين؟
قالتلي أمي: "مبروك، صرتِ صبية!"
بس أنا ما كنت صبية.
كنت بنت صغيرة، بخاف من العتمة، بكره الضرب، وعم اتعلّم الإملاء.
قالوا: "جوزناها، الله يرضى علينا، سترناها."
بس هنّي ما ستروني… هنّي سلّموني.
سلّموني لإيد…
إيد ما بتعرف الرحمة،
إيد بتمد قبل ما تحكي،
إيد… ما بتوقف حتى تترك وراها وجع، ودم.
---
ليلتي الأولى… ما كانت ليلتي.
كانت ليلة موتي.
بعيون مفتوحة، ونَفَس يختنق، وجسد صغير بين إيدين كبيرة خنقته قبل ما يحسّ.
دخل "زوجي" عالغرفة…
طوله متل الحيط، وصوته متل الجرح.
أنا كنت قاعدة عزاوية التخت، رجليّ عم يرجفوا، وبطني عم يعصرني من الرعب.
هو ما حكي كتير.
ما بحب يحكي.
هو بيحب ينفّذ.
شدّني من إيدي متل ما الواحد بيشد كيس بطاطا.
قال:
"هلّق رح تفهمي شو يعني مرة."
بس أنا ما كنت بدي أفهم.
كنت بدي أرجع عالبيت.
كنت بدي أنام بحضن أمي، حتى لو باعتني.
كنت بدي أرجع ألعب بالحارة، أسمع أغاني سبيستون، أعمل وظيفتي.
بس رجع… مافي رجعة.
---
بلّش يشقّ فستاني الأبيض يلي أمي كانت مفكرة إنو أحلى شي بهالعالم،
بلّش يمدّ إيده على جسد ما بيفهم، ما بيعرف، ما جرب، ما بدّه.
أنا كنت أقاوم،
بإيديّ الصغار يلي ما بيعرفوا كيف يحموا حالهم،
برجليّ الرفيعة يلي حاولت تركض،
بصوتي يلي ما طلع…
ما طلع…
ما طلع.
صرخت جوّاتي: "بدي أهرب!"
بس الغرفة بلا شباك.
والباب مسكّر.
والأرض باردة متلي.
كان يضربني إذا قلت لأ،
يضربني إذا سكت.
يضربني إذا خفت.
يضربني إذا تنفّست.
هو ما كان رجل…
كان ساطور نازل على طفلة.
---
أمي؟
كانت بتقول لي "تحمّلي، هيك البنات بيصير فيهن، وإنتِ أختك كمان راح يجي دورها."
بس أنا مو "دور".
أنا إنسانة.
أنا كنت بدي أعيش، مو أنذبح.
بيّي؟
كان يعدّ المصاري يلي أخدها.
كان يقول: "نستر البنت قبل ما تكبر."
بس أنا ما كبرت…
أنا اتحطّمت.
كنت عم قول لحالي، كل يوم، كل ليلة:
"ليش؟ ليش؟ أنا شو عملت؟ أنا شو عملت؟"
وما حدا جاوبني.
---
نهار ورا نهار…
كنت في عالم أسود.
بيشرب، بيجي، بيغتصب، بينام.
بيمدّ إيده أول ما يشوفني،
حتى لو عم أطبخ، حتى لو مريضة، حتى وأنا حامل…
حتى وأنا نزفت،
حتى وأنا ما عدت حسّيت بجسدي.
صرت مو بنت، مو مرة، مو شي.
صرت بس جسد بين إيدين وقحة.
كل يوم كان فيني ألف صرخة.
كل يوم كنت صامتة لأني عارفة:
إذا حكيت… بينضرب رأسي بالحايط.
إذا بكيت… بينقلب البيت قبر.
---
وكنت كتير لحالي.
أهلي ما عاد سألوا.
ما حدا إجا يشوف إذا أنا عايشة ولا ميّتة.
مرّة شفت حالي بالمراية…
ما عرفت حالي.
شفت بنت عيونها غرقانين، خدودها ناشفة، شفايفها مأكولة من العض،
جسمها فيه كدمات،
وفي صمت بعيونها… ما بينحكى.
قلت لحالي:
"هيدي ليلى؟ وين راحت الطفلة؟ ليش قتلتوها؟"
---
أنا…
ما كنت بعرف شو يعني "بين الزوجين".
بس كنت بعرف إنو في وجع ما بينوصف.
في صرخات ما بتنسمع.
في دموع بتنزل جوّا… مش من العيون.
أنا…
كنت بنت انسرقت قبل ما تكبر.
بيعتوني، وعاشوا حياتهم،
وسلّموني لعالم، كلّه جلد، ضرب، وحرقة.
وأنا… صرت أم قبل ما أعرف كيف ألف الضمة.
📘 الفصل الثاني –
"كنت عم جرّب ما موت، مش عم عيش"
من أول يوم بعد العرس، فهمت…
أنا ما كنت عروس، كنت غنيمة.
كنت بنت صغيرة، ضايعة، بتخاف من صوت الليل، وهلّق لازم تنام حد رجل غريب، كبير، عيونه بتوكل وما بتطبطب.
أول ليلة…
سكر الباب، وأنا كنت واقفة بزاوية الغرفة، حاطة إيدي ورا ضهري، خايفة اتنفس بصوت عالي.
قال لي:
"تعَي لهون، صرتي مرتي."
بس شو يعني "مرته"؟
أنا ما كنت بعرف.
ما كنت سامعة بحياتي شي عن العلاقة بين الرجال والنسوان.
ما كنت بعرف إنو ممكن الجسد ينكسر بهالشكل.
لما مدّ إيده، وبلّش يشد التياب عنّي…
انكمشت متل الولد يلي بيخبّي حاله بالزاوية،
بس ما في زاوية كانت بتخبّيني.
كنت ببكي… أرجّيه ما يقرّب.
قال:
"لك خلصنا دلع، كل البنات بيعملوا هيك بأول ليلة."
بس هيدي مش ليلة…
هيدي كان فيها أول صرخة،
أول نزف،
أول وجع ما بينشاف بس بينحفر.
ما حدا خبّرني إنو هالشي بيوجع،
إنو بيعملني أكره جسدي،
وأتمنى إني أنفصل عن لحمي،
أطلع من جلدي،
أنمحِق.
---
تاني يوم؟
ابتسم بوجهي وقال:
"قومي طبخي، بدنا ناكل."
كنت بعدني نازفة…
رجليي عم يرجّفوا،
بس قمت.
مش لأنو بدي،
بس لأنو إذا تأخرت، رح أندفش عالحايط.
وبلشت أيام "التعوّد".
مش على الحياة،
بل على القهر.
كنت قوم قبل الشمس، أطبخ، أنضّف، أرضّع ولاد أخوه، أحمّم حماته،
وأتحضّر لليل.
الليل يلي بييجي فيه، ساكر، ريحتو خمر وبصل،
ويبلش يمارس سلطته،
بإيديّ، برجليّ، بجسمي،
وبصمتي.
---
أنا كنت أعيش لأرضيه.
إذا قال: "ما بدي أشوفك"، كنت غيب عن عيونه.
إذا قال: "ضحكي"، كنت أضحك.
إذا قال: "نامي هون"، كنت نام، حتى لو الأرض حجر.
بس الأغرب؟
إنو كان يضربني، حتى وأنا ساكتة.
حتى لما كنت متل الخيال،
كان في غضب جوّاته بدو يفرغه… وأنا كنت المكان.
مرّة، جاب عصاية المكنسة، ضربني عإيدي لأنو نسيت أضيف ملح بالرز.
انكسرت إيدي، بس كذّبت عأمه، قلت وقعت عالدّرج.
قالت:
"منيح، بتتعلّمي تعملي الرز منيح المرة الجاية."
منيح؟
منيح تنكسر بنت؟
منيح تموت شوي شوي؟
منيح تكون عم تتهدّ وهي بعدا ما عاشت شي؟
---
بعد كم شهر، حسّيت شي غريب بجسمي.
دوخة.
غثيان.
تعب…
كنت قول لحالي:
"يمكن فقر دم… يمكن ضعف… يمكن وجع الروح."
بس ما كان هيك.
كنت حامل.
أنا؟
حامل؟
بس أنا ما بعرف شي عن الحمل.
أنا ما بعرف شي عن الحليب يلي رح يطلع من صدري.
ما بعرف شي عن الجنين، والولادة، والمغص.
كل يوم بطني يكبر،
كل يوم ظهري ينحني أكتر،
وهو؟
كان يقولي:
"ما تكثري أكل، ما بدي تخنِّي."
---
مرت شهور، وأنا عم أتحمّل.
أوجاع، نزيف، صراخ.
كنت أحاول إقرأ بأي ورقة بلاقيها عن الحمل،
بس هو لما شافني مرّة ماسكة كتاب، شقّه ونفخ بوجهي.
قال:
"إنتي بتعرفي الطبخ؟ لا؟ خلّص، سكّتي واتركي الكتب."
ما كان بدو مرتو تعرف، تفهم، أو حتى تحلم.
أنا؟
كنت متل الطين.
يقلّبني متل ما بدو.
ويغرز فيي سكّينه كل ليلة.
ولما قول له:
"وجعتني…"
يضحك.
يقول:
"هيدا حقّي."
---
ولدت بالبنت بعد طلقة طويلة… لحالي.
ولا كلمة تشجيع.
ولا إيد ماسكة إيدي.
حتى القابلة كانت تتأفف منّي.
قالت:
"شو بدنا بهالبنات؟ ما بيجي من وراهن غير المصايب."
نظرت ببنتي…
صغيرة متلي.
مكحّلة بالحزن، كأنها فهمت إنو انولدت محل غلط.
وحطّيتها على صدري،
وهمست:
"أنا آسفة… آسفة جبتك لعالم بكره البنات."
بس بوعدك يا بنتي…
ما بخليكِ تصيري متلي.
بوعدك، بوعدك… حتى لو متت وأنا عم جرب.
---
هلأ إ
📘 الفصل الثالث
"أمي… ليش عم تبكي؟"
ما كانت بنتي يوم من الأيام "غلطتي".
بس لما فتحت عيونها على هالعالم، الكل عاملها كأنها عار.
قالت حماتي أول ما شافتها:
"لا بيضا ولا حلوة، متل أمها… لزومها شو؟"
ضحك زوجي وقال:
"كأنها سحابة سودا فوق راسي، لك كنت حالم بابن يشيل اسمي، جابتلي بنت!"
وكانوا كل يوم، كل ساعة، يتذكّروني إني فشلت،
وإنها بنتي… "بلا نفع".
ما كنت أقدر أتركها لحظة،
كنت خايفة منهم أكتر من المرض.
حماتي كانت تمسكها، تهزها بقسوة،
تقلها:
"نقكِ شو؟ لك ما حدا طلبك، عيشي وانكتمي!"
وأنا؟
كنت بوقف عند الباب، وعضة قلبي ما تهدى.
---
أهل زوجي كانوا يعتبروني خادمة،
ما بس لأنو هيك بيتعاملوا مع مرت ابنهم،
بس لأنو "أنا جاية من بيت فقير"،
لأنو "أهلي باعوني"،
لأنو "خلص، صار اسمك مرته، خلّص دورك."
مرات كانوا يعيروني بأهلي:
"بنت أبو خمس ليرات! أهلها قبضونا وسكتوا."
زوجي؟
ما كان يدافع.
بالعكس…
إذا سمعني عم أبكي من كلامهم، يجلدني بكلمة:
"اسكتي، مو ناقصني نواحك، انتي جبتيلي البنت، تحمّلي!"
---
صارت بنتي تكبر…
وصار كل تصرّف منها عليي حساب.
إذا بكت؟ أنا المذنبة.
إذا مرضت؟ أنا "ما بعرف أربّي".
إذا شردت بعيني؟ هو بيقول:
"طالعِة خبيثة متلك."
كان يضربني قدّامها.
وهي تبكي وتصرخ:
"بابا لا!"
كان يطالعها برا الغرفة،
يسكّر الباب،
ويمدّ إيده.
والغرفة تمتلئ بالوجع، بالشتائم، بالانكسار.
---
ليلة من الليالي…
كنت ممددة على الأرض، ضهري أزرق من الركل.
بنتي كانت نايمة، بس فجأة صحيت ع صريخي.
ركضت عليي، شدّت بكمّه،
قالت:
"بابا لا تضربها! ماما بتموت!"
رفع إيده وضربها.
طفلة…
طفلة!
وقعِت، وراسها خبط بالزاوية.
صرخت، وصرخت أنا أضعافها.
حضنتها، وهي تصيح:
"ماما… ليش عم تبكي؟"
أنا؟
أنا ما قدرت رد.
كنت ببكي وبخاف وبتشرّد بوجها، وعم فكر:
شو عملت؟
ليش جبتها ع هيك جحيم؟
---
ما عاد عندي قدرة نام.
كنت كل ليلة أقعد جمبها، وهي نايمة،
أتحسّس راسها،
أطبطب على جروحها قبل ما تصير.
وكنت عارفه…
اللي جايي أخطر.
زوجي صار ينام بغرفة تانية، بس لما يعصّب، يجي يفش غلّه فيي.
ليلة، وأنا مريضة.
حرارتي عالية، جسمي بيرجف.
دخل، قال:
"شو؟ متنا؟ قومي حضّري العشا!"
قلت له بصوت مخنوق:
"ماني قادرة، بدي أموت."
ضحك، وقال:
"ما بتموتي إلا بإذني."
ومدّ إيده، وجّرّني من شعري،
وأنا عم اسحب نفسي مثل خرقة ميّ.
ضربني، ورميني بالأرض،
وقال:
"بتتعلمي تعصي رجّال؟ بدك حرية؟ بدك كرامة؟ هلق بعلمك."
---
ولما كرهني،
كرهني أكتر من قبل.
ما عاد حتى يبذل مجهود ليغتصبني،
كان يدخل عالغرفة وهو سكران،
يفتح زر بنطاله،
ويقلّي:
"اعملي واجبك بلا حكي!"
كنت أنفصل عن جسمي.
كنت أعيش كأني برّا،
أراقب حالي وأنا مُهانة.
ما كنت حس…
لأنو الألم لما يزيد عن حدّه، بصير صمت.
وكل مرة كان يقول بعد الفعل:
"انتي مره، وحقّي آخده منك وقت ما بدي."
---
حتى بنتي، صارت تلاحظ إني بسكت فجأة، بوجهي ما في شي، بس عنيّا عم يصرخوا.
كانت تسألني:
"ليش ما بتضحكي؟"
شو بدي قول؟
إني نسيت كيف؟
إني كنت بتمنّى أموت قبل ما صير زوجة؟
إني ما عاد فيي حبّ حدا، حتى حالي؟
بس كنت أبتسم.
أبوسها من جبينها،
وأقول:
"لأنك بتكفي."
بس الحقيقة؟
ما كنت عايشة…
كنت أتنفّس لأضل واقفة…
وأدّعي أني "أم"،
وأنا كلّي، مجرد رماد.
---
---
🖤 الفصل الرابع: "هيك الحياة؟"
كانت ليلى بعمر الخامسة عشرة لما حملت ببنتها الأولى، واليوم، وهي بالكاد بلغت السابعة عشرة، كانت تكتشف إنها حامل للمرة الثانية.
ما زعلت. وما فرحت.
هي ما كانت تعرف شو لازم تحس، لأنّه من الأساس… ما كانت تعرف إنه في شي اسمه "اختيار".
من يوم وعيت عالدنيا، كانت تسمع:
> "الزواج ستر."
"الرجال رجال، وكلمتو ما بتنزل."
"الضرب تأديب، مش إهانة."
"الأنثى خلقت لتخدم وتصبر."
فهي شو كانت رح تعرف؟
لما كان يغتصبها، كانت بس تسكر عيونها، متل كل مرة، وتقول لحالها:
> "ما كل النسوان هيك؟ مو هيك بيصير بين الزوجين؟"
ما كانت تقدر تشتكي. لمين؟ لأمها اللي كانت تقولها "تحملي، هاد نصيبك"؟
ولا لأبوها اللي باعها بأول فرصة؟
أو لجيرانها اللي بس بيعرفوا يحكوا "الله يهنيها، سترت حالها"؟
حملت للم
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon