كان الهدوء في بلدة "حجر الغرباء" غريبًا جدًا...
ليس هدوء الليل، بل كأنه صمت ينتظر شيئًا.
الناس ينامون، لكن الأشجار لا تتحرك. والكلاب لا تنبح. حتى الريح نفسها كانت تتسلّل كأنها تخاف أن تُسمَع.
ليلى، الباحثة في الماورائيات، وصلت إلى البلدة بعد أن قرأت عن "باب الأساطير" في أحد كتب الطلسمات المنسية.
الكتاب، الذي وجدته في سوق شعبي في بغداد، كُتب بيد مَن سُمّي "الناجي الوحيد من نهزُلام".
في الصفحة الأخيرة، خطّ بقلمه المرتجف:
> "رأيته... الباب التاسع. وعينُه فتحت في قلبي. لا تنظر إليها مباشرة. لا تناديه باسمك. لا تدخله وحيدًا."
حين وصلت ليلى إلى البلدة، بدأت تلاحظ الأمور الغريبة:
جدار خلفي في المدرسة القديمة يحتوي على رموز لا تُمحى.
طفل يرسم دائماً بابًا في كراسته، ويقول إنه "يشاهد من يراقبه من داخله".
سيدة مسنّة تهمس كل ليلة: "ليلى رجعت... لكنها ماتت من سنين."
لكن ليلى لم تكن هنا من قبل... أو هكذا تظن.
---
الفصل الثاني: الرؤية الأولى
في الليلة الثالثة، لم تستطع النوم.
كانت تشعر بثقل في صدرها، كأن أحدهم يجلس عليه.
نهضت، وقادت نفسها نحو الغابة الصغيرة خلف المقبرة.
هناك، رأت الهيكل الحجري. لم يكن يبدو كباب، بل كقوسٍ قديم مكسوٍ بالنباتات الجافة.
لكن في منتصف القوس... عينٌ تفتح ببطء.
جمّدها الرعب.
لكن الغريب أن صوتًا ناعمًا، كصوت أمّ ميتة، ناداها من داخل الظلام:
> "أنتِ كتبتي النهاية، ليلى... والآن حان دورك لتقرئي البداية."
في لحظة، رأت حياتها كاملة تتكرّر أمام عينيها:
طفولتها، دراستها، الكتاب، الرحلة... ثم شيء لم تعشه من قبل:
صورة لها وهي تدخل الباب، منذ سنوات، وتصرخ وهي تُسحب إلى الداخل.
ولكنها لم تدخله... أو هكذا تعتقد.
___
الفصل الثالث: من لا ينعكس في المرايا
ليلى عادت إلى نُزلها في البلدة وهي ترتجف، وعيناها لا تزال ترى ما لا يجب أن يُرى.
لكن المفاجأة لم تكن ما رأته… بل من رأته بعد عودتها.
في بهو النزل، جلس رجل طويل، يرتدي معطفًا رماديًا مغبرًا.
شعره أسود، وعيناه رماديتان كأنهما رأتا ألف شتاء. لا يبدو من أهل البلدة، ومع ذلك تصرف وكأنه يعرف كل شيء.
حين مرّت ليلى بجانبه، قال دون أن ينظر إليها:
> "العيون المفتوحة لا تنام... والباب التاسع لا يُرى إلا بالعين الثالثة، أليس كذلك يا ليلى؟"
توقّفت. قلبها خفق.
> "من أنت؟"
ابتسم ببطء، ورفع رأسه نحوها:
> "أنا؟ اسمي علي. الناجي الوحيد... أو من ظنّوا أنه نجا."
اقتربت منه بخوف، لكن شيئًا فيه كان غريبًا.
ظله لا يتحرك.
صوته لا يُسمع إلا حين تكون قريبة جدًا.
وحين نظرت إلى المرآة في زاوية البهو… لم يكن له انعكاس.
---
الفصل الرابع: مفاتيح من لحم
علي لم يرفض الحديث، لكنه لم يعطِ إجابات واضحة.
> "الباب التاسع لا يُفتح فقط بالحروف... بل بالقرابين. كل من اقترب منه، ترك شيئًا خلفه."
سألته ليلى:
> "هل دخلت الباب؟"
ابتسم وقال:
> "دخلت... لكنني لم أخرج وحدي."
حين حاولت فهم ما يقصده، مدّ لها شيئًا مغطى بقماش أسود.
> "هذا المفتاح... لا تستخدميه قبل أن تعرفي من أنتِ."
فتحت القماش.
في الداخل، كان هناك إصبع بشري... ينبض وكأنه حي.
ومنقوش عليه حرف بلغة لم ترها من قبل.
ثم قال علي بصوت صار أشبه بالهدير:
> "حين تنامين الليلة... ستحلمين بالحقيقة. لكن تذكّري: ليس كل ما تحلمين به من صنعك. بعض الأحلام... تدخلها كيانات تبحث عن ممر."
__
الفصل الخامس: النائمون تحت جلودنا
ليلى لم تنم تلك الليلة.
لكن شيئًا آخر نام داخلها.
منذ أن لمست الإصبع، بدأت تشعر بثقل في جسدها. كأنها ترتدي جسدًا ليس لها.
حين تنظر في المرآة، ترى نفسها... لكنها تتحرك بزوايا لا تملكها.
وفي الثالثة فجرًا، سمعت الخربشة.
صوت قادم من داخل جدار غرفتها.
تقدّمت ببطء، وضعت أذنها على الجدار...
صوت تنفّس.
ثم صوت همس:
> "نحن نرتديكِ من الداخل، يا ليلى... وسنخرج حين يغفو قلبك."
قفزت إلى الوراء، لكن حين نظرت حولها…
كانت جدران الغرفة تتنفس ببطء.
الخشب يتحرّك كأنه لحم، والمصابيح تومض وتصدر ضحكات أطفال من داخلها.
__
الفصل السادس: عيون في الماء
هربت ليلى من الغرفة، ركضت حتى وصلت إلى البحيرة الصغيرة خلف النُزل.
الهواء هناك بارد، لكنه لا يحمل نسمة، بل رائحة دم.
وقفت عند الحافة... ونظرت إلى الماء.
لم ترَ انعكاسها.
بل رأت ثلاث نسخ منها، تقف أسفل السطح، تنظر إليها، وتبتسم.
إحداهن بلا عيون.
الأخرى بلا فم.
والثالثة... كانت تلبس معطف علي.
فجأة، ظهر علي خلفها بصمت، همس في أذنها:
> "رأيتِهم؟ إنهم النائمون... نحن نسخ كثيرة، ليلى، وكل مرة تفتحين الباب، نسخة جديدة تستيقظ."
سألته وهي ترتجف:
> "ماذا يريدون مني؟"
قال دون أن ينظر إليها:
> "لا شيء... فقط يريدون أن تتوقفي عن المقاومة."
وفجأة… خرجت يد من الماء، يدها هي، وسحبتها نحو الأعماق.
__
الفصل السابع: النهاية التي تبدأ
سُحبت ليلى تحت سطح البحيرة، لكن الماء لم يكن ماءً.
كان ذكريات.
كل لحظة مؤلمة، كل صرخة نسيتها، كل خوف دفنته… كانت تعيشه من جديد.
لكن الأصوات لم تكن لها فقط، بل لكل من دخلوا الباب قبلها.
صرخات أطفال.
ضحكات مشوّهة.
أنين نساء يلدن كيانات بلا وجوه.
وهمس علي... يتكرر، يتكرر:
"استسلمي... لا يوجد مخرج."
ثم، وفي وسط الظلام، رأته.
الباب.
لكن ليس كما كان من قبل.
هذه المرة، لم يكن بابًا من حجر... بل من لحم بشري، ينبض، وكل عظمة فيه تحمل اسمها.
اقتربت يد عملاقة من الخلف، همست لها:
> "ليلى؟ أنتِ الآن نحن. افتحي الباب من الداخل… وكوني الحارسة."
صرخت، قاومت، لكنها كانت وحدها.
وآخر ما رأته قبل أن تُسحب بالكامل هو علي، واقف خارج الماء، ينظر إليها، يبتسم… ويتحول إلى ليلى.
---
الخاتمة: من تحكي القصة؟
في اليوم التالي، وصلت امرأة شابة إلى "حجر الغرباء".
تقول إنها باحثة، تبحث عن أبواب قديمة.
اسمها؟
ليلى.
لكن أهل البلدة يقولون:
> "ليلى؟ تقصدين الفتاة التي جاءت قبل عشر سنوات؟ ماتت… لكن جسدها لم يُعثر عليه."
تبتسم المرأة الجديدة، وتقول بهدوء:
> "لم أمت. كنت فقط... أبحث عن نفسي."
في تلك الليلة، تُسمع خربشات جديدة في جدران النُزل.
وفي المرآة، لا يظهر شيء…
سوى الباب.
---
🕯️ النهاية.
أو... بدايتها.
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon