NovelToon NovelToon

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

قصة ثاني اعضم رجل بعد النبي صلى الله عليه وسلم

عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هو أحد أبرز الشخصيات في التاريخ الإسلامي، وصحابي جليل من الصحابة الذين شهدوا مع النبي ﷺ مراحل الدعوة الأولى. تميز عمر بشخصيته القوية، وحكمته، وعدله، وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة في أصعب الأوقات. سمي بـ “الفاروق” لأنه فرق بين الحق والباطل، وكان له دورٌ محوري في بناء الدولة الإسلامية. في هذا المقال، سنستعرض حياة عمر بن الخطاب منذ هجرته إلى المدينة المنورة، مرورًا بجهاده مع النبي ﷺ، وصولاً إلى مبايعته بالخلافة وإنجازاته الكبيرة.

لم تتحقق الدولة الإسلامية بصورتها المثلى في عهد أيٍّ من عهود الخلفاء والحكام مثلما تحققت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي جمع بين النزاهة والحزم، والرحمة والعدل، والهيبة والتواضع، والشدة والزهد.

ونجح الفاروق (رضي الله عنه) في سنوات خلافته العشر في أن يؤسس أقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، فقامت دولة الإسلام، بعد سقوط إمبراطورتي “الفرس” و”الروم” – لتمتد من بلاد فارس وحدود الصين شرقًا إلى مصر وإفريقية غربًا، ومن بحر قزوين شمالا إلى السودان واليمن جنوبًا.

لقد استطاع “عمر” (رضي الله عنه) أن يقهر هاتين الإمبراطوريتين بهؤلاء العرب الذين كانوا إلى عهد قريب قبائل بدوية، يدبُّ بينها الشقاق، وتثور الحروب لأوهى الأسباب، تحرِّكها العصبية القبلية، وتعميها عادات الجاهلية وأعرافها البائدة، فإذا بها – بعد الإسلام – تتوحَّد تحت مظلَّة هذا الدين الذي ربط بينها بوشائج الإيمان، وعُرى الأخوة والمحبة، وتحقق من الأمجاد والبطولات ما يفوق الخيال، بعد أن قيَّض الله لها ذلك الرجل الفذّ الذي قاد مسيرتها، وحمل لواءها حتى سادت العالم، وامتلكت الدنيا.

مولد عمر بن الخطاب ونشأته

وُلِد عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العُزَّى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزَاح بن عديّ (رضي الله عنه) في مكة ونشأ بها، وكان أبوه “الخطاب” معروفًا بشدَّته وغلظته، وكان رجلاً ذكيًّا، ذا مكانة في قومه، شجاعًا جريئا، كما كان فارسًا من فرسان العرب، شارك في العديد من الحروب والمعارك، وكان على رأس بني عدي في حرب الفجار، وقد تزوَّج “الخطاب” عددًا من النساء، وأنجب كثيرًا من الأبناء.

وحظي عمر (رضي الله عنه) – في طفولته – بما لم يَحْظَ به كثير من أقرانه من أبناء قريش، فقد تعلَّم القراءة والكتابة، ولم يكن يجيدها في قريش كلها غير سبعة عشر رجلاً.

ولما شبَّ عُمر (رضي الله عنه) كان يرعى في إبل أبيه، وكان يأخذ نفسه بشيء من الرياضة، وقد آتاه الله بسطة من الجسم، فأجاد المصارعة، وركوب الخيل، كما أتقن الفروسية والرمي.

وكان عمر (رضي الله عنه) – كغيره من شباب “مكة” قبل الإسلام – محبًّا للهو والشراب، وقد ورث عن أبيه ميلاً إلى كثرة الزوجات، فتزوَّج في حياته تسع نساء، وَلَدْن له اثني عشر ولدًا (ثمانية بنين وأربع بنات)، ولم يكن كثير المال، إلا أنه عرف بشدة اعتداده بنفسه حتى إنه ليتعصب لرأيه ولا يقبل فيه جدلاً.

اقرأ أيضا:

من سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

صفات عمر بن الخطاب (التقوى والزهد والورع)

الفاروق عمر .. كلية إدارة وأركان استراتيجية

معاهدة عمر بن الخطاب لأهل القدس

وعندما جاء الإسلام وبدأت دعوة التوحيد تنتشر، أخذ المتعصِّبون من أهل مكة يتعرضون للمسلمين ليردوهم عن دينهم، وكان “عمر” من أشدِّ هؤلاء حربًا على الإسلام والمسلمين، ومن أشدهم عداء للنبي (ﷺ) وأصحابه.

ماهي أشهر أقوال عمر بن الخطاب؟

عمر بن الخطاب كان معروفًا بحكمته وأقواله التي لا زالت تردد حتى اليوم. من أشهر أقواله:

“حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.”

“إذا غضبتَ فاسكت، وإذا غضب الآخرون فاسكت.”

“إياك والضجر، فإن الضجر لا يُغني عنك شيئًا.”

هذه الأقوال تمثل حكمة عمر بن الخطاب في التعامل مع الحياة والأمور اليومية.

إسلام عمر بن الخطاب

وظلَّ “عمر” على حربه للمسلمين وعدائه للنبي (ﷺ) حتى كانت الهجرة الأولى إلى الحبشة، وبدأ “عمر” يشعر بشيء من الحزن والأسى لفراق بني قومه وطنهم بعدما تحمَّلوا من التعذيب والتنكيل، واستقرَّ عزمه على الخلاص من “محمد”؛ لتعود إلى قريش وحدتها التي مزَّقها هذا الدين الجديد! فتوشَّح سيفه، وانطلق إلى حيث يجتمع محمد وأصحابه في دار الأرقم.

وبينما هو في طريقه لقي رجلاً من “بني زهرة” فقال: أين تعمد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدًا، فقال: أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! وأخبره بإسلام أخته “فاطمة بنت الخطاب”، وزوجها “سعيد بن زيد بن عمر” (رضي الله عنه)، فأسرع “عمر” إلى دارهما، وكان عندهما “خبَّاب بن الأرت” (رضي الله عنه) يقرئهما سورة “طه”، فلما سمعوا صوته اختبأ “خباب”، وأخفت “فاطمة” الصحيفة.

تخطيط لعمر بن الخطاب رضي الله عنه

دخل عمر ثائرًا، فوثب على سعيد فضربه، ولطم أخته فأدمى وجهها، فلما رأى الصحيفة تناولها فقرأ ما بها، فشرح الله صدره للإسلام، وسار إلى حيث النبي (ﷺ) وأصحابه، فلما دخل عليهم وجل القوم، فخرج إليه النبي (ﷺ)، فأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السيف، وقال له: أما أنت منتهيًا يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال، ما نزل بالوليد بن المغيرة؟

فقال عمر: يا رسول الله، جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله، فكبَّر رسول الله والمسلمون، فقال عمر: يا رسول الله، ألسنا على الحق إن متنا وإن حيينا؟ قال: بلى، قال: ففيم الاختفاء؟ فخرج المسلمون في صفين حتى دخلوا المسجد، فلما رأتهم قريش أصابتها كآبة لم تصبها مثلها، وكان ذلك أول ظهور للمسلمين على المشركين، فسمَّاه النبي (ﷺ) “الفاروق” منذ ذلك العهد.

هجرة عمر بن الخطاب إلى المدينة

كان إسلام “الفاروق” عمر في ذي الحجة من السنة السادسة للدعوة، وهو ابن ست وعشرين سنة، وقد أسلم بعد نحو أربعين رجلاً، ودخل “عمر” في الإسلام بالحمية التي كان يحاربه بها من قبل، فكان حريصًا على أن يذيع نبأ إسلامه في قريش كلها، وزادت قريش في حربها وعدائها للنبي وأصحابه؛ حتى بدأ المسلمون يهاجرون إلى “المدينة” فرارًا بدينهم من أذى المشركين، وكانوا يهاجرون إليها خفية، فلما أراد عمر الهجرة تقلد سيفه، ومضى إلى الكعبة فطاف بالبيت سبعًا، ثم أتى المقام فصلى، ثم نادى في جموع المشركين: “من أراد أن يثكل أمه أو ييتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي.

وفي “المدينة” آخى النبي (ﷺ) بينه وبين “عتبان بن مالك” وقيل: “معاذ بن عفراء”، وكان لحياته فيها وجه آخر لم يألفه في مكة، وبدأت تظهر جوانب عديدة ونواح جديدة من شخصية عمر، وأصبح له دور بارز في الحياة العامة في “المدينة”.

جهاد عمر بن الخطاب مع النبي ﷺ

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أبرز القادة العسكريين في جيش المسلمين، وشارك في العديد من الغزوات والمعارك الهامة مع النبي ﷺ. من أبرز هذه المعارك غزوة بدر، وأحد، والخندق. وقد أظهر خلالها شجاعة كبيرة وبسالة منقطعة النظير، مما جعله يحظى بثقة النبي ﷺ.

ومن المواقف المشهورة لعمر بن الخطاب مع النبي ﷺ، حينما قال له النبي في أحد المواقف: “يا عمر، ما زالت الملائكة تُؤيّده”، وهذا يدل على مكانته العالية في قلب النبي وفي ميزان الإسلام. فقد كان عمر بن الخطاب صاحب بصيرة نافذة، وكانت آراؤه في الكثير من الأحيان صائبة.

موافقة القرآن لرأي عمر بن الخطاب

تميز “عمر بن الخطاب” بقدر كبير من الإيمان والتجريد والشفافية، وعرف بغيرته الشديدة على الإسلام وجرأته في الحق، كما اتصف بالعقل والحكمة وحسن الرأي، وقد جاء القرآن الكريم، موافقًا لرأيه في مواقف عديدة من أبرزها: قوله للنبي ـ ﷺ ـ يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى: فنزلت الآية ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ البقرة: 125]، وقوله يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) [الأحزاب: 53].

وقوله لنساء النبي (ﷺ) وقد اجتمعن عليه في الغيرة: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن) [ التحريم: 5] فنزلت ذلك.

ولعل نزول الوحي موافقًا لرأي “عمر” في هذه المواقف هو الذي جعل النبي (ﷺ) يقول: “جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه”.

وروي عن ابن عمر: “ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب، إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر رضي الله عنه.

إعانة عمر بن الخطاب لأبي بكرٍ في خلافته

عند وفاة النبيﷺ، كان المسلمون أمام اختبار كبير في اختيار الخليفة الذي سيقود الأمة بعده. وقد كان عمر بن الخطاب واحدًا من أبرز الشخصيات التي ساندت أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته. قدم عمر بن الخطاب دعمًا قويًا لأبي بكر، فكان له الساعد الأيمن في الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية خلال تلك الفترة الحرجة بعد وفاة النبي.

في بداية الخلافة، كان عمر بن الخطاب من أكثر الناس دعمًا لأبي بكر، وخاصة في قضية جمع القرآن بعد معركة “اليمامة”، حيث اقترح عمر على أبي بكر جمع القرآن الكريم في مصحف واحد. وكان رأي عمر بن الخطاب في ذلك يُعتبر ذا حكمة عالية، مما ساعد على الحفاظ على القرآن من الضياع.

مبايعته بالخلافة .. الفاروق خليفة للمسلمين

بعد وفاة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، اجتمع الصحابة في السقيفة ليختاروا الخليفة الذي سيخلفه في إدارة شؤون الدولة الإسلامية. كان عمر بن الخطاب هو أحد الأوائل الذين بايعوا أبو بكر بالخلافة، وفي وقت لاحق، جرت مبايعته من قبل الصحابة في اجتماع آخر ليكون الخليفة الثاني بعد أبي بكر. وقد كانت مبايعة عمر بن الخطاب بالخلافة مثيرة للجدل في البداية بسبب بعض الخلافات الداخلية بين الصحابة، ولكن في النهاية كانت الإجماع على اختياره.

عندما توفي النبي (ﷺ) وتولى الصديق “أبو بكر”، خلافة المسلمين، فكان عمر بن الخطاب، وزيره ومستشاره الأمين، وحمل عنه عبء القضاء فقام به خير قيام، وكان “عمر” يخفي وراء شدته، رقة ووداعة ورحمة عظيمة، وكأنه يجعل من تلك الشدة والغلظة والصرامة ستارًا يخفي وراءه كل ذلك الفيض من المشاعر الإنسانية العظيمة التي يعدها كثير من الناس ضعفًا لا يليق بالرجال لا سيما القادة والزعماء، ولكن ذلك السياج الذي أحاط به “عمر” نفسه ما لبث أن ذاب، وتبدد بعد أن ولي خلافة المسلمين عقب وفاة الصديق.

بويع أمير المؤمنين “عمر بن الخطاب” خليفة للمسلمين في اليوم التالي لوفاة “أبي بكر الصديق” [ 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م].

وبدأ الخليفة الجديد يواجه الصعاب والتحديات التي قابلته منذ اللحظة الأولى وبخاصة الموقف الحربي الدقيق لقوات المسلمين بالشام، فأرسل على الفور جيشًا إلى العراق بقيادة أبي عبيدة بن مسعود الثقفي” الذي دخل في معركة متعجلة مع الفرس دون أن يرتب قواته، ولم يستمع إلى نصيحة قادة جيشه الذين نبهوه إلى خطورة عبور جسر نهر الفرات، وأشاروا عليه بأن يدع الفرس يعبرون إليه؛ لأن موقف قوات المسلمين غربي النهر أفضل، حتى إذا ما تحقق للمسلمين النصر عبروا الجسر بسهولة، ولكن “أبا عبيدة” لم يستجب لهم، وهو ما أدى إلى هزيمة المسلمين في موقعة الجسر، واستشهاد أبي عبيدة وأربعة آلاف من جيش المسلمين.

الفتوحات الإسلامية في عهد الفاروق

بعد تلك الهزيمة التي لحقت بالمسلمين “في موقعة الجسر” سعى “المثنى بن حارثة” إلى رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين في محاولة لمحو آثار الهزيمة، ومن ثم فقد عمل على استدراج قوات الفرس للعبور غربي النهر، ونجح في دفعهم إلى العبور بعد أن غرهم ذلك النصر السريع الذي حققوه على المسلمين، ففاجأهم “المثنى” بقواته فألحق بهم هزيمة منكرة على حافة نهر “البويب” الذي سميت به تلك المعركة.

ووصلت أنباء ذلك النصر إلى “الفاروق” في “المدينة”، فأراد الخروج بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، ولكن الصحابة أشاروا عليه أن يختار واحدًا غيره من قادة المسلمين ليكون على رأس الجيش، ورشحوا له “سعد بن أبي وقاص” فأمره “عمر” على الجيش الذي اتجه إلى الشام حيث عسكر في “القادسية.

وأرسل “سعد” وفدًا من رجاله إلى “بروجرد الثالث” ملك الفرس؛ ليعرض عليه الإسلام على أن يبقى في ملكه ويخيره بين ذلك أو الجزية أو الحرب، ولكن الملك قابل الوفد بصلف وغرور وأبى إلا الحرب، فدارت الحرب بين الفريقين، واستمرت المعركة أربعة أيام حتى أسفرت عن انتصار المسلمين في “القادسية”، ومني جيش الفرس بهزيمة ساحقة، وقتل قائده “رستم”، وكانت هذه المعركة من أهم المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، فقد أعادت “العراق” إلى العرب والمسلمين بعد أن خضع لسيطرة الفرس قرونًا طويلة، وفتح ذلك النصر الطريق أمام المسلمين للمزيد من الفتوحات.

الطريق من المدائن إلى نهاوند

أصبح الطريق إلى “المدائن” عاصمة الفرس ـ ممهدًا أمام المسلمين، فأسرعوا بعبور نهر “دجلة” واقتحموا المدائن، بعد أن فر منها الملك الفارسي، ودخل “سعد” القصر الأبيض ـ مقر ملك الأكاسرة ـ فصلى في إيوان كسرى صلاة الشكر لله على ما أنعم عليهم من النصر العظيم، وأرسل “سعد” إلى “عمر” يبشره بالنصر، ويسوق إليه ما غنمه المسلمون من غنائم وأسلاب.

بعد فرار ملك الفرس من “المدائن” اتجه إلى “نهاوند” حيث احتشد في جموع هائلة بلغت مائتي ألف جندي، فلما علم عمر بذلك استشار أصحابه، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس والقضاء عليهم فبل أن ينقضوا على المسلمين، فأرس عمر جيشًا كبيرًا بقيادة النعمان بن مقرن على رأس أربعين ألف مقاتل فاتجه إلى “نهاوند”، ودارت معركة كبيرة انتهت بانتصار المسلمين وإلحاق هزيمة ساحقة بالفرس، فتفرقوا وتشتت جمعهم بعد هذا النصر العظيم الذي أطلق عليه “فتح الفتوح”.

فتح مصر

اتسعت أركان الإمبراطورية الإسلامية في عهد الفاروق عمر، خاصة بعد القضاء نهائيًا على الإمبراطورية الفارسية في “القادسية” ونهاوند ـ فاستطاع فتح الشام وفلسطين، واتجهت جيوش المسلمين غربًا نحو أفريقيا، حيث تمكن “عمرو بن العاص” من فتح “مصر” في أربعة آلاف مقاتل، فدخل العريش دون قتال، ثم فتح الفرما بعد معركة سريعة مع حاميتها، الرومية، واتجه إلى بلبيس فهزم جيش الرومان بقيادة “أرطبون” ثم حاصر “حصن بابليون” حتى فتحه، واتجه بعد ذلك إلى “الإسكندرية” ففتحها، وفي نحو عامين أصبحت “مصر” كلها جزءًا من الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.

وكان فتح “مصر” سهلاً ميسورًا، فإن أهل “مصر” ـ من القبط ـ لم يحاربوا المسلمين الفاتحين، وإنما ساعدوهم وقدموا لهم كل العون؛ لأنهم وجدوا فيهم الخلاص والنجاة من حكم الرومان الطغاة الذين أذاقوهم ألوان الاضطهاد وصنوف الكبت والاستبداد، وأرهقوهم بالضرائب الكثيرة.

عمر بن الخطاب أمير المؤمنين

كان “عمر بن الخطاب” نموذجًا فريدًا للحاكم الذي يستشعر مسئوليته أمام الله وأمام الأمة، فقد كان مثالا نادرًا للزهد والورع، والتواضع والإحساس بثقل التبعة وخطورة مسئولية الحكم، حتى إنه كان يخرج ليلا يتفقد أحوال المسلمين، ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها، وله في ذلك قصص عجيبة وأخبار طريفة، من ذلك ما روي أنه بينما كان يعس بالمدينة إذا بخيمة يصدر منها أنين امرأة، فلما اقترب رأى رجلا قاعدًا فاقترب منه وسلم عليه، وسأله عن خبره، فعلم أنه جاء من البادية، وأن امرأته جاءها المخاض وليس عندها أحد،.

انطلق عمر إلى بيته فقال لامرأته “أم كلثوم بنت علي” ـ هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ فقالت: وما هو؟ قال: امرأة غريبة تمخض وليس عندها أحد ـ قالت نعم إن شئت فانطلقت معه، وحملت إليها ما تحتاجه من سمن وحبوب وطعام، فدخلت على المرأة، وراح عمر يوقد النار حتى انبعث الدخان من لحيته، والرجل ينظر إليه متعجبًا وهو لا يعرفه، فلما ولدت المرأة نادت أم كلثوم “عمر” يا أمير المؤمنين، بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الرجل أخذ يتراجع وقد أخذته الهيبة والدهشة، فسكن عمر من روعه وحمل الطعام إلى زوجته لتطعم امرأة الرجل، ثم قام ووضع شيئًا من الطعام بين يدي الرجل وهو يقول له: كل ويحك فإنك قد سهرت الليل!

وكان “عمر” عفيفًا مترفعًا عن أموال المسلمين، حتى إنه جعل نفقته ونفقة عياله كل يوم درهمين، في الوقت الذي كان يأتيه الخراج لا يدري له عدا فيفرقه على المسلمين، ولا يبقي لنفسه منه شيئا.

وكان يقول: أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف.

وخرج يومًا حتى أتى المنبر، وكان قد اشتكى ألمًا في بطنه فوصف له العسل، وكان في بيت المال آنية منه، فقال يستأذن الرعية: إن أذنتم لي فيها أخذتها، وإلا فإنها علي حرام، فأذنوا له فيها.

فضائل عمر بن الخطاب

عمر بن الخطاب كان من أُوَلِ الصحابة الذين أسلموا بعد النبي ﷺ، وقد مدحه النبي ﷺ في العديد من الأحاديث. فقد قال عنه النبي: “لو كان بعدي نبيًّا لكان عمر”. هذه المقولة تعكس مكانته العالية في قلب النبي وفي نفوس المسلمين.

الفاروق عمر بن الخطاب

يُعَرف عمر بن الخطاب أيضًا بشدته في الحق وعدله في الحكم. لقد كان عمر بن الخطاب شخصية صارمة في تطبيق شرع الله، وكانت كلمته هي العليا في جميع القضايا التي تتعلق بحقوق المسلمين. كما كان عمر محبًّا للعدل ويحرص دائمًا على تحقيق المساواة بين الناس.

من أبرز فضائله أيضًا هو تبنيه الكثير من التشريعات والقرارات التي أثرت في حياة المسلمين، كإقرار نظام الشورى، وتنظيم الجيوش، وتقوية الدولة الإسلامية.

عدل عمر بن الخطاب وورعه

كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي عماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء فيقول: “والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق”.

وكان “عمر” إذا بعث عاملاً كتب ماله، حتى يحاسبه إذا ما استعفاه أو عزله عن ثروته وأمواله، وكان يدقق الاختيار لمن يتولون أمور الرعية، أو يتعرضون لحوائج المسلمين، ويعد نفسه شريكًا لهم في أفعالهم.

واستشعر عمر خطورة الحكم والمسئولية، فكان إذا أتاه الخصمان برك على ركبته وقال: اللهم أعني عليهم، فإن كل واحد منهما يريدني على ديني.

وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام “عمرو بن العاص” الحد على “عبد الرحمن بن عمر” في شرب الخمر، نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده “عبد الرحمن” فلما دخل عليه وكان ضعيفًا منهكًا من الجلد، أمر “عمر” بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام عليه ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و”عبد الرحمن” يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه. وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات!!

إنجازات عمر بن الخطاب الإدارية والحضارية

اتسم عهد الفاروق “عمر” بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ الإسلامي، كما أنه أول من دون الدواوين، وقد اقتبس هذا النظام من الفرس، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه “تمصير الأمصار”، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول (ﷺ) في عهده، فأدخل فيه دار “العباس بن عبد المطلب”، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء.

عمر بن الخطاب هو الخليفة الذي شهدت الدولة الإسلامية في عهده أكبر توسع في تاريخها. تحت قيادته، فتح المسلمون بلاد الشام، العراق، مصر، وغيرها من المناطق الهامة. وبذلك، تحققت أعظم انتصارات الأمة الإسلامية.

من أبرز إنجازاته:

الفتوحات الإسلامية: نجح عمر بن الخطاب في توسيع الدولة الإسلامية بشكل غير مسبوق، وتمكن من فتح أراضٍ جديدة في الشرق والغرب.

التنظيم الإداري: أنشأ عمر العديد من المؤسسات الحكومية مثل ديوان الجند، وأدخل نظام العطاء، وعمل على تنظيم موازنة الدولة.

إصلاحات قضائية: قدم عمر بن الخطاب العديد من الإصلاحات في القضاء، وأرسى مبادئ العدل والمساواة بين الناس.

إنشاء الأسواق والمرافق العامة: عمل على بناء الأسواق، وتأسيس النظام الاقتصادي المستقر في الدولة الإسلامية.

العدل: كان عمر بن الخطاب يُعرف بالعدل التام في جميع شؤونه، حتى أنه كان يولي اهتمامًا كبيرًا لحقوق الضعفاء والفقراء.

وصية عمر للخليفة من بعده

قبل وفاته، أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون الخليفة من بعده هو “عثمان بن عفان” رضي الله عنه. وكانت هذه الوصية واحدة من أبرز ما تميز به عمر، حيث كان دائمًا يهتم بمستقبل الأمة الإسلامية، ويسعى لتقديم من هو الأنسب لقيادتها. وقد أثبتت الأيام صحة اختيار عمر بن الخطاب، حيث كان عثمان بن عفان الخليفة الثالث الذي شهدت الدولة الإسلامية في عهده مزيدًا من الازدهار.

وفاته

في فجر يوم الأربعاء [ 26 من ذي الحجة 23 هـ: 3 من نوفمبر 644م] بينما كان الفاروق يصلي بالمسلمين ـ كعادته ـ اخترق “أبو لؤلؤة المجوسي” صفوف المصلين شاهرًا خنجرًا مسمومًا وراح يسدد طعنات حقده الغادرة على الخليفة العادل “عمر بن الخطاب” حتى مزق أحشاءه، فسقط مدرجًا في دمائه وقد أغشي عليه، وقبل أن يتمكن المسلمون من القبض على القاتل طعن نفسه بالخنجر الذي اغتال به “عمر” فمات من فوره ومات معه سر جريمته البشعة الغامضة، وفي اليوم التالي فاضت روح “عمر” بعد أن رشح للمسلمين ستة من العشرة المبشرين بالجنة ليختاروا منهم الخليفة الجديد.

خلاصة

لقد ترك عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثرًا عظيمًا في تاريخ الأمة الإسلامية. كان زعيمًا حكيمًا، وقائدًا عادلًا، وأبًا روحيًا للمسلمين في عصره. إنجازاته في مختلف المجالات، من التوسعات العسكرية إلى الإصلاحات القضائية والإدارية، جعلت من خلافته فترة ذهبية في تاريخ الأمة الإسلامية. اليوم، لا يزال يُحتذى به في العدل والحكمة، ويُعدّ واحدًا من أعظم القادة في التاريخ.

علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول محمد ﷺ وصهره، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد المبشر

علي بن أبي طالب.. أول من أسلم من الفتيان ورابع الخلفاء الراشدين

ااسم الصحابي علي رضي الله عنه،

علي ابن أبي طالب صحابي جليل ورابع الخلفاء الراشدين وابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم (مواقع التواصل الاجتماعي)

علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول محمد ﷺ وصهره، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد المبشرين بالجنة، نشأ في كنف النبي ﷺ، وأسلم صغيرا قبل أن يبلغ الحلم، وكان من أوائل من أسلم، نافح عن الإسلام صغيرا وشابا وكهلا، وشارك في غزوات الإسلام الكبرى، عُرف بالشجاعة وتوقد الذكاء والفقه بأمور الدين والحكمة.

إبان خلافته نقل عاصمة الدولة الإسلامية من المدينة المنورة إلى الكوفة، وقد استغرقت عهدَه الفتنُ على إثر مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فحارب الخوارج والسبئية، وقُتل على يد عبد الرحمن بن ملجم الخارجي سنة 40 هـ.

المولد والنشأة

ولد علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي أبو الحسن، في شعب بني هاشم بمكة قبل البعثة بـ10 سنين وقبل الهجرة بـ23 عاما.

ووالده أبو طالب (واسمه عبد مناف) سيد من سادات قريش آل إليه شرف السقاية والرفادة بعد وفاة والده (جد علي) عبد المطلب، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم التي شاركت زوجها في تربية النبي ﷺ بعد وفاة جده، وقد كانت سيدة من سيدات بني هاشم اللواتي يشار إليهنّ بالبنان.

كفله النبي الكريم ﷺ بعد أن أصاب قريشا قحطٌ شديد أورث الناس جوعا وفقرا، وكان أبو طالب كثير العيال، فأراد النبي عليه السلام أن يخفف عن عمه بعضا من همه، كما أراد من هذه البادرة أن يردّ بعض الجميل لبيت عمه الذي نشأ فيه، وكان دَيدَنُه المسارعة إلى مكافئة من يحسن إليه قال ﷺ: "ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد كافأناه، خلا أبا بكر".

ومنذ أن بلغ السادسة من عمره أقام علي في بيت ابن عمه محمد ﷺ فتفتح وعيه في بيت من أنبل بيوت قريش المشهود لها بالفضيلة والخلق الرفيع وحسن السيرة في الناس، بعد أن تشرّب موروثات العرب الكريمة في بيت أبيه سيد قريش ووريث بني هاشم.

وظل علي منذ أن دخل بيت النبي الكريم مرافقا له لم يبرحه إلا لمهام يكلفه بها -عليه الصلاة والسلام- زهاء 17 عاما في مكة، و10 أعوام في المدينة المنورة.

إسلامه

ولم يلبث الفتى بعد أن دعاه ابن عمه إلى الدين الجديد حتى آمن به وصدقه، فكان أول الفتيان إسلاما، وكان إذ ذاك بعمر العاشرة.

وقد اختلف الرواة فيمن أسلم أولا، غير أن أرجح الآراء مستقرة على أن أولهم من الرجال أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومن النساء خديجة زوج النبي عليه الصلاة والسلام، ومن الفتيان علي بن أبي طالب.

هجرته إلى المدينة

عُرف علي بالشجاعة والإقدام منذ نعومة أظفاره، وكان محبا للنبي الكريم، فلم يتردد وهو فتى يناهز الـ20 من عمره بالنوم في فراش رسول الله ﷺ ليلة الهجرة، وكان المشركون يتربصون بالنبي ليقتلوه في فراشه.

وبقي عليّ آخر الناس هجرة إلى المدينة بأمر من رسول الله حتى يردّ إلى الناس ودائعهم التي كانوا يستأمنون عليها النبي الكريم ﷺ، ويخرجَ بأهله من مكة إلى المدينة، فخرج علي يمشي بالليل ويكمن في النهار، حتى قدِم المدينة، فلما بلغ النبيَّ عليه الصلاة والسلام نبأُ وصوله، دعاه إليه، فأخبره الناس أن عليا لا يستطيع المشي، فأتاه النبي ﷺ واعتنقه باكيا لِما رأى بقدمَيه من الورم جراء المشي أياما، فمسح النبي الكريم بيديه الشريفتين على قدميه، فلم يشتكهما حتى استشهد.

زواجه من السيدة فاطمة الزهراء

توالى عدد من الصحابة لخطبة الزهراء بنت النبي عليه الصلاة والسلام، وفيهم أبو بكر وعمر، غير أن النبي ﷺ ردهم جميعا لصغر سنها، حتى تقدم لخطبتها علي بن أبي طالب فزوجها منه بعد معركة بدر (السنة الثانية للهجرة) وكان عمرها حينذاك 15 سنة بينما كان عمر علي 25 سنة.

ولم يتزوج علي على فاطمة في حياتها رغم من أن التعدد كان منتشرا في عهد الصحابة، وقد كان الواحد منهم يجمع أكثر من امرأة في ذمته، غير أن كرامة بنت النبي ﷺ منعته من ذلك، ولما عزم بعد فتح مكة على الزواج من ابنة أبي جهل منعه النبي ﷺ من ذلك إلا أن يطلق فاطمة، فعدل عن رأيه وثنى من عزمه.

وقد أنجبت فاطمة له السبطين، الحسن والحسين، ومنها رضي الله عنها امتد نسل النبي ﷺ دون غيرها من أبنائه وبناته.

سيرة أبي تراب – موسى العازمي – دار الصميعي

سيرة أبي تراب عن الصحابي علي بن أبي طالب للكاتب موسى العازمي (الجزيرة)

بعض مآثره في حياة النبي ﷺ

شارك علي بن أبي طالب في جميع غزوات النبي ﷺ إلا غزوة تبوك، حيث استخلفه على المدينة في غيابه، ولما أثار المنافقون أن النبي ﷺ ما خلّف عليا إلا لشيء كرهه منه، تبعه علي يسأل عن سبب إبقائه إياه في المدينة، فقال له النبي الكريم "يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟"، فقال علي: "رضيتُ.. رضيتُ".

وفي العام التاسع للهجرة ولى النبي ﷺ أبا بكر إمارة الحج، فحج في الناس، وأعلن "أنه لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان"، وبعث معه عليا بسورة براءة (التوبة) ليقرأها على الناس في الموسم.

وفي العام نفسه جاء إلى النبي ﷺ وفْدُ أهل اليمن، فبعث معهم خالد بن الوليد، فأقام فيهم 6 أشهر يدعوهم فلم يجيبوه، فأوفد إليهم عليا، فدعاهم فأسلموا، فكتب للنبي ﷺ يخبره، فخرَّ عليه الصلاة والسلام ساجدا يقول: "السلام على همدان، السلام على همدان". وكان علي حينها يناهز الـ32 من عمره.

وفي حجة الوداع رافق النبيَّ ﷺ وكان معه 100 من الهدْي فنحر ﷺ 63 بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما بقي منه وأشركه في هديه.

مواقفه في ميادين الحرب

كان علي رضي الله عنه من الثلاثة الذين انتدبهم النبي ﷺ لمبارزة رؤوس قريش في غزوة بدر الكبرى، كما أعطاه الراية يوم أحد (عام 3 هـ) بعد استشهاد مصعب بن عمير، وهو من الذين ثبتوا حول النبي ﷺ بعد نزول الرماة من الجبل وإحاطة خالد بن الوليد بجيش المسلمين.

وفي غزوة الخندق (عام 5 هـ) برز علي للفارس المشهور عمرو بن عبد ود، الذي كان يقوَّم بألف فارس فبارزه وقتله.

وقد أظهر علي في الحديبية أدبه الجم وحبه العظيم للنبي ﷺ، فلما صالح رسول الله قريشا في الحديبية كتب علي بين الطرفين كتابا (وكان علي من كتّاب رسول الله ﷺ): "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ﷺ"، فقال ممثلو قريش في الصلح: لا نقرّ بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد الله، فقال لعلي: "أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله، امحُ رسول الله"، فقال علي: لا والله لا أمحوك أبدا، فقال رسول الله: "فأرنيه" فأراه إياه، فمحاه النبي ﷺ بيده.

وفي العام السابع للهجرة عزم النبي ﷺ على غزو خيبر آخر معاقل اليهود في جزيرة العرب، وكانت أمنع ما تكون من القلاع، فاستعصت على المسلمين أياما، حتى قال النبي ﷺ: "لأعطينّ الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحبّ اللهَ ورسولَه، ويحبه اللهُ ورسولُه"، فتطلع جميع الصحابة لهذه المكانة، ولما كان من الغد سأل النبي ﷺ عن علي فقيل له إنه يشتكي عينيه، فأرسل إليه، وبصق ﷺ فيهما، ودعا له فبَرَأ حتى كأن لم يكن به وجع، ثم أعطاه الراية وأوصاه.

وقد لقي علي في هذه الغزوة أكبر فرسان خيبر مرحب اليهودي وكان مضرب مثل في قومه بالشجاعة والإقدام، فلقيه علي وقتله.

كتاب علي بن ابي طالب

كتاب علي بن أبي طالب للكاتب عبد الستار الشيخ (الجزيرة)

علمه

كان لطول ملازمة علي بن أبي طالب للنبي ﷺ أثر كبير في تكوينه العلمي، إضافة إلى ما وهب من قلب عَقول ولسان سؤول كما وصف نفسه، وقد روى عن النبي ﷺ زهاء 600 حديث، وهو أكثر من مجموع ما رواه الخلفاء الراشدون الثلاثة الآخرون مجتمعين، وحدّث عنه جمع كبير من الصحابة والتابعين.

كما قرأ علي القرآن على النبي ﷺ وحفظه في حياته، قال عنه أبو عبد الرحمن السلمي -وهو ممن عرض القرآن على علي-: ما رأيت أحدا كان أقرأ من علي.

وكذلك اهتم علي بتفسير كتاب الله تعالى، روى ابن سعد في الطبقات أن عليا قال: "سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل".

وقد امتلأت كتب التفسير بمرويات الإمام علي في تفسير القرآن وإبداء الرأي في تأويله.

ويعد علي بن أبي طالب من أكابر فقهاء الإسلام، وقد كان من الصحابة الذين أفتوا في حياة النبي ﷺ.

وروى ابن عباس أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا قال: "أقرؤنا أبي (بن كعب) وأقضانا علي"، وقال ابن مسعود: "كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب". وكان النبي ﷺ قد أرسله إلى اليمن داعيا وقاضيا.

فصاحته

اتفقت كلمة الأدباء على أن علي بن أبي طالب عَلَم من أعلام البلاغة وإمام من أئمة الفصاحة، وقد أثرى أسلوبَه الخطابي تشبّعُه من القرآن الكريم والبيان النبوي الرفيع، فضلا عما لسليقته العربية التي ارتوت من معين فصاحة الأعراب وبلاغة أهل مكة من فضل وأثر.

وكثيرا ما كان يضمّن في خطبه وشعره التعبير القرآني والمفردة النبوية والمثل السائر البليغ، حتى صار موروثه الأدبي مطلبا لكل طالب أدب وبلاغة على مر الدهور.

ومن النماذج العالية من مواعظه، قوله بعد أن صلى بالناس الفجر: "لقد رأيت أصحاب رسول الله ﷺ فما أرى أحدا يشبههم.. والله لقد كانوا يصبحون شُعْثا غُبرا صُفرا، بين أعينهم مثل رُكَب المِعزى، قد باتوا لله سجّدا وقياما، يتلون كتاب الله يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما تميد الشجرة في يوم ريح، وهملت أعينهم حتى تبُلّ والله ثيابهم..".

فضائله ومكانته

لم تتعرض شخصية من شخصيات الصحابة لما تعرض له علي من التشويه والمغالاة والكذب والافتراء، فكثرت في سيرته الروايات المكذوبة والأخبار التالفة التي نسبت له الخوارق، أو ألصقت فيه من الصفات والمناقب ما ليس له، أو وضعت على لسانه ما لم يقله، فزعم بعضها الوصية له، وأنه وارث علم النبوة، ومفتاح مدينة العلم، وأن الحق يدور معه حيث دار، وأن ذكره عبادة، وحبه حسنة لا تضر معها سيئة، وغير ذلك من الأساطير والأباطيل التي لا تقوم على نقل صحيح ولا دليل صريح.

غير أن المسلمين يعرفون لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب مكانته الرفيعة، فقد كان من أحب صحابة رسول الله ﷺ إليه، وهو ابن عمه، نشأ في بيته، وأصهر إليه على أحب بناته، كما كان من العشرة المبشرين بالجنة، ولقد قربه النبي ﷺ وأدناه وألقى عليه الكساء ودعا له، ونهى عن مشاققته والإساءة إليه.

وفي مكانة علي من النبي ﷺ أحاديث صحيحة كثيرة، منها قوله لعلي: "أنت مني وأنا منك"، وكذلك لما أخذ بيده وقال له: "من كنت وليّه فهذا وليّه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه".

ولما غاضب علي زوجته فاطمة، وترك البيت وأوى إلى المسجد، ذهب إليه النبي ﷺ وكان مضطجعا قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله ﷺ يمسح عنه ويقول: "قم أبا تراب، قم أبا تراب".

خلافته

ما إن استشهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان ونفض الناس أيديهم من دفنه حتى سارعوا إلى علي يريدون مبايعته بالخلافة، وقد أراد رضي الله عنه التملص من الأمر، ولما لم يجد بدًّا أحال أمر البيعة إلى أهل السابقة من المهاجرين والأنصار، فدفعوه إلى ذلك، غير أنه اشترط أن تكون في المسجد النبوي على رؤوس أهل المدينة، فقدِم المسجد وبايعه الناس، وكان ذلك في 18 من ذي الحجة عام 35 هـ. وقد كان ابن عباس يريد أن تكون البيعة في مكان خاص مخافة أن يَشْغَب على الحدث الثائرون على عثمان، وكانوا منتشرين في أزقة المدينة لا يبرحونها.

استلم علي مقاليد الخلافة وهي مثقلة بالأعباء، وفي خضم فتنة من أكبر الفتن التي واجهت المسلمين، فقد واجه رفضَ بيعة بعض المسلمين في الأمصار التي أرسل إليها الولاة لأخذ البيعة، حيث كان هؤلاء الرافضون -الذين رأى ابن حزم أن عددهم يساوي عدد من بايع وقدّرهم بـ100 ألف مسلم- يرون ضرورة المسارعة بأخذ الثأر من قتلة عثمان قبل أخذ البيعة لعلي.

وبهذا فإن عليا كان أول خليفة لا يجتمع عليه المسلمون كما اجتمعوا على سابقيه الثلاثة، أبي بكر وعمر وعثمان، يقول ابن تيمية: "كان الناس على عهد علي 3 أصناف: صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وصنف لا قاتلوه ولا قاتلوا معه".

وقد فاقم من هذه الأزمة عوامل منها أن قتلة عثمان كانوا قوةً ولهم شوكة، خصوصا بعد أن انتقل علي بعاصمة الدولة إلى الكوفة، حيث أضحت هذه الفئات في معقلها وبين قبائلها، وتغلغلت في صفوف مؤيدي علي، وصار لها تأثير بالغ في القرار السياسي، فصار من العصي على علي وغيره أن يكسر شوكتهم.

وقد أسفر هذا الخلاف عن تهتك أصاب النسيج الاجتماعي في المدينة وما حولها، وزاد من تفاقم الأمر اعتزال كبار الصحابة العملَ السياسي الذي وصفوه بالفتنة، ومن هؤلاء سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأبو موسى الأشعري.

وقد أدى هذا الانشعاب الحاصل في وحدة المسلمين والصدع الكبير الذي فرّق الرأي إلى تفرّق المقاتلين في الأمصار، مما أضعف القوة العسكرية الإسلامية التي كانت قادرة على حسم الخلاف لو بقيت مجتمعة.

كما كان من نتيجة هذه الفتن المستعرة أن تقلصت مساحة سلطة أمير المؤمنين على الولايات واحدة إثر أخرى، بعد أن اضطربت عليه الشام واليمن والحجاز ومصر، وخرجت البصرة وخراسان من قبضته، فانحصر حكمه في الكوفة وما حولها بعد انتقاله إليها.

كتاب عبقرية الإمام علي – عباس محمود العقاد

كتاب عبقرية الإمام علي للكاتب عباس محمود العقاد (الجزيرة)

الفتن في فترة خلافته

مِن نار فتنة مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان استطار شرر الفتن التي استعرت واستغرقت خلافة علي بن أبي طالب بكاملها، وقد انشعب الصحابة وتفرّق رأيهم تحت وطأة آثارها الثقيلة، ففريق أراد المسارعة إلى أخذ الثأر من قتلة عثمان رغم مبايعتهم عليا، وكان الخلاف بينهم وبين علي على توقيت الثأر، فالخليفة يريد أن يبسط سلطانه على الدولة ويحكم أمره فيها قبل مباشرته أخذَ الثأر، وهم يرون أنه لن يستطيع ذلك حتى يبدأ بالقضاء على القتلة وإنهاء وجودهم في المدينة وتهدئة نفوس المسلمين وأولياء الدم من بني أمية بإنفاذ القصاص.

وكان على رأس هذا الفريق الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وعائشة أم المؤمنين الذين خرجوا من المدينة إلى مكة فاجتمعوا بها مع آخرين، ثم عزموا المسير إلى البصرة ليستقووا بأهلها على الخوارج السبئية الذين قتلوا عثمان وانتشروا في المدينة وأثروا في قرارها السياسي وأوهنوا قوة علي واخترقوا جيشه.

وكان معاوية والي عثمان على الشام وبنو أمية أبناء عمومة الخليفة المغدور وأولياء دمه، قد رفضوا البيعة حتى تنتهي قضية عثمان، فخرج إليهم علي يريد ردّهم عن خروجهم وإلزامهم البيعة التي بايعه عليها المسلمون، غير أن أخبار خروج طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة إلى البصرة غيرت وجهته، فسار إلى البصرة ولم يكن في نيته سوى الإصلاح، ولما وقف خطيبا في الكوفة يستنفر أهلها للخروج معه، قال: "وقد دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذاك ما نريد، وإن يلجّوا داويناهم بالرفق وبايناهم حتى يبدؤونا بظلم، ولن ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله". وقد أرسل القعقاعَ بنَ عمرو إلى طلحة والزبير، فقال له: "القَ هذين الرجلين، فادعهما إلى الألفة والجماعة، وعظّم عليهما الفرقة".

والأخبار الصحيحة متواترة بنية الطرفين لزوم الإصلاح وانتفاء الرغبة في الاقتتال، ولما حضر القعقاع مجلس أم المؤمنين عائشة في البصرة وفيه طلحة والزبير عرض عليهم رأيه في الصلح وجمع كلمة المسلمين ووحدة صفهم قبلوا منه ورضوا بما قال، فعاد إلى علي، فاغتبط بما حصل وتجهز للرحيل، غير أن المندسين في صفوف جيشه من الرعاع والسبئية أيقنوا أن الصلح بين الطرفين سيوجه السيوف إلى نحورهم ويمكّن الخليفة من إقامة القصاص عليهم، وقد قال الأشتر النخعي وهو من رؤوس قتلة عثمان: "فإن كان قد اصطلح (يعني عليا) معهم (يعني طلحة والزبير ) فإنما اصطلحوا على دمائنا".

فتواطأ قتلة عثمان على بدء القتال فحملوا على معسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن عليا حمل عليهم وأخل بالاتفاق، فدافعوا عن أنفسهم وهاجموا معسكر علي، فظن علي أنهم حملوا عليه وأخلوا بالاتفاق، فوقع القتال ولم يتوقف إلا بعد أن سالت دماء غزيرة. قال الطحاوي: "فجرت فتنة الجمل من غير اختيار من علي ولا من طلحة والزبير".

ولم يكد ينطفئ لهيب هذه الفتنة حتى استعر أوار فتنة أخرى في الشام، وكما كان وراء الأولى أيادي العابثين من السبئية فقد كانت أياديهم تقدح الزناد لتوري الثانية، يقول الطبري: "وأعجلت السبئية عليا عن المقام، وارتحلوا بغير إذنه، فارتحل في آثارهم ليقطع عليهم أمرا إن كانوا أرادوه".

مدونات - علي بن أبي طالب

ولد علي بن أبي طالب في شعب بني هاشم بمكة قبل البعثة بـ10 سنين (مواقع التواصل الاجتماعي)

ولما علم معاوية بتحرك علي نحو الشام تجهز وخرج بنفسه على رأس جيشه، ورغم تحرك السفارات بين الفريقين فإن الأمر لم يسر على وفاق بينهما، فقد أصر علي على أخذ البيعة من معاوية وأصر معاوية على تنفيذ القصاص من قتلة عثمان قبل بيعة علي.

ثم نشب القتال بين الطرفين في مكان يدعى صفين (قرب مدينة الرقة السورية) ودارت رحى الحرب أياما كانت بينهم سجال، حتى توجهت الغلبة لجيش العراق على جيش الشام، فأشار عمرو بن العاص على معاوية أن يرفعوا المصاحف على أسنة الرماح، ويقولوا: هذا بيننا وبينكم.. قد فنيَ الناس.. فمن للثغور؟ ومن لجهاد المشركين والكفار؟

ثم قال عمرو لمعاوية: "أرسل إلى علي بمصحف فادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك"، فقال علي: "نعم، أنا أولى بذلك.. بيننا وبينكم كتاب الله".

ولما قبل الفريقان التحكيم، اختار أهل العراق أبا موسى الأشعري واختار أهل الشام عمرو بن العاص ممثلين كل عن فريقه للصلح بين الطرفين، فتوافقا على "أن يحكما بين هذه الأمة ولا يرداها في حرب ولا فُرقة حتى يعصيا"، وأطالت وثيقة التحكيم أجل اجتماع الحكمين مدة 8 أشهر لتهدأ النفوس وتحدث المراجعة والنظر في عواقب الخلاف.

وفي رمضان من عام 37 هـ اجتمع الحكمان في دُومة الجندل، واتفقا على أن يُترك النظر في أمر الخلافة إلى أكابر الصحابة وشورى المسلمين، ولم يُحسم الخلاف بين الفريقين بسبب صعوبة الحل بشأن المسألتين المختلف عليهما: بيعة أهل الشام للخليفة، وإقامة الحد على قتلة عثمان، وبقي الحال على ما كان عليه قبل القتال، فكانت العراق والحجاز لعلي، وكانت الشام وما حولها لمعاوية.

غير أن أظهر ما نتج عن صفين وواقعة التحكيم تضعضع جيش أمير المؤمنين علي، حيث خالفه السبئية وقتلة عثمان رفضا لنتائج التحكيم، وخرجت عليه طائفة القراء (الخوارج) الذين قالوا بوجه علي: "لا حكم إلا لله"، فقال رضي الله عنه: "كلمة حق أريد بها باطل".

أسفرت واقعة التحكيم عن فتنة جديدة أطلت برأسها في خلافة علي رضي الله عنه، فطائفة القراء الذين كانوا معه اعتزلوه رفضا لما آل إليه الأمر، وقالوا له: "انسلخت من قميصٍ (يقصدون الخلافة) ألبسكه الله، واسمٍ (يعنون لقب أمير المؤمنين) سمّاك الله به، ثم انطلقت فحكّمت في دين الله، فلا حكم إلا لله".

وأرسل إليهم لما شغبوا على الناس وأثاروهم، عبدَ الله بن عباس يحاججهم في كتاب الله، فعاد عن رأيه منهم 4 آلاف وبقي مثلهم على رأيهم.

وظل علي بهم يروادهم عن آرائهم حتى ضاق بهم، وقد ألّبوا عليه الناس، فاجتمعوا بالنهروان (موقع شمال بغداد) وصارت لهم شوكة ومنعة، وعاثوا في الأرض فسادا، وسفكوا الدماء وقطعوا السبيل. فتوجه إليهم علي بجيشه في شعبان سنة 38 هـ. ولم يبدأهم بقتال حتى بدؤوه، فقاتلهم وقتلهم ولم ينج منهم إلا عدد قليل.

علي بن أبي طالب.. فداء النبي ومستشار الخلفاء وخاتمة الخلافة الراشدة

قتل علي بن أبي طالب في رمضان عام 40 هـ على يد ابن ملجم (مواقع التواصل الاجتماعي)

استشهاده

اتفق بعض ذوي القتلى من الخوارج الذين أنام علي فتنتهم على الثأر لذويهم، فتعاهد 3 نفر كان منهم عبد الرحمن بن ملجم على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص.

سار ابن ملجم إلى الكوفة لتنفيذ ما اتفق عليه مع صحبه، فترصد لأمير المؤمنين في المكان الذي يخرج منه عادة وقت الفجر لإيقاظ الناس للصلاة، وكان ذلك في رمضان سنة 40 هـ.

ولما خرج من بيته ينادي في الناس الصلاةَ الصلاةَ، ثار إليه ابن ملجم وضربه بسيفه فأصاب جبهته وأسال دمه على لحيته، فمكث رضي الله عنه يوم الجمعة وليلة السبت وفاضت روحه إلى بارئها ليلة الأحد، ودفن بدار الإمارة في الكوفة.

واستمرت خلافته 4 سنين و9 أشهر وكان عمره يوم استشهد 63 سنة.

كلمه قالها رجل ريفي

كلمة قالها رجل ريفي بسيط لرجل و زوجته:

( ﺟﺴﻢ ﺯﻭﺟﺘﻚ ﻣﻦ ﺣﻘﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ﻧﺸﻮﻓﻪ )

ﺟﻠﺲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﻘﻄﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﺠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻮﺍﻥ

ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺪ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﻳﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ .

ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺷﺎﺏ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﺣﺪﻳﺜﻮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻭﺟﻠﺴﻮﺍ

ﺑﺎﻟﻜﺮﺳﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻬﻴﻦ ﻟﻪ ﻭﻟﻸﺳﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﺑﻨﻄﻠﻮﻥ ﺑﺮﻣﻮﺩﺓ

ﻗﺼﻴﺮ ﻭﺑﻠﻮﺯﺓ ﺑﺤﻤﺎﻻﺕ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺫﺭﺍﻋﻴﻬﺎ ﻭﺻﺪﺭﻫﺎ .

ﺛﻢ ﻓﻮﺟﺊ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺮﻳﻔﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻼﻣﺎﺕ

ﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻳﺮﺗﻜﺰ ﺑﻜﻮﻉ ﺫﺭﺍﻋﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺨﺬﻩ ﻭﺍﺿﻌﺎ ﺫﻗﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻀﺔ ﻳﺪﻩ

ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺲ ﺑﺎﻟﻜﺮﺳﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻪ ﻟﻪ ﻭﻧﻈﺮﺓ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﺜﺒﺘﻪ

ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺨﺘﺮﻗﻬﺎ ﻟﻘﺮﺏ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﻪ .

ﻭﺑﺼﻮﺭﻩ ﻣﻔﺎﺟـﺌﺔ ﺗﻀﺎﻳﻘﺖ ﺍﻟﺰﻭﺟﻪ ﻭﺛﺎﺭ ﻏﻀﺐ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺍﺣﺘﺮﻡ

ﻧﻔﺴﻚ ﺃﻧﺖ ﺭﺍﺟﻞ ﻛﺒﻴﺮ ﻋﻴﺐ ﺍﻟﻠﻲ ﺑﺘﻌﻤﻠﻪ ﺩﻩ ﻭﻳﺎﺭﻳﺖ ﺗﻘﻌﺪ ﻋﺪﻝ ﻭﺗﺰﻳﺢ ﻭﺟﻬﻚ

ﻋﻦ ﺯﻭﺟﺘﻲ

ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺮﻳﻔﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﺰﻭﺝ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﺃﻧﺎ ﻣﺶ ﻫﻘﻮﻟﻚ

ﺍﺣﺘﺮﻡ ﻧﻔﺴﻚ ﺇﻧﺖ ﻭﻋﻴﺐ ﻋﻠﻴﻚ ﺗﺨﻠﻲ ﻣﺮﺍﺗﻚ ﺗﻠﺒﺲ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺩﻩ ﺇﻧﺖ ﺣﺮ ﻳﺎ ﺭﺏ

ﺗﺨﻠﻴﻬﺎ ﺗﻤﺸﻲ ﺑﺪﻭﻥ ﻣﻼﺑﺲ ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﺃﻧﺖ ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻜﻦ ﻫﻘﻮﻟﻚ ﺃﻧﺖ ﻣﻠﺒﺴﻬﺎ ﻛﺪﻩ

ﻋﺸﺎﻥ ﻧﺸﻮﻓﻬﺎ ﻭﻧﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺁﺩﻳﻨﺎ ﺑﻨﺘﻔﺮﺝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺯﻋﻼﻥ ﻟﻴﻪ ﺑﻘﻰ

ﺑﺺ ﻳﺎﺑﻨﻲ ﺍﻟﻠﻲ ﻣﻜﺸﻮﻑ ﻣﻦ ﺟﺴﻢ ﻣﺮﺁﺗﻚ ﻣﻦ ﺣﻘﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ﻧﺸﻮﻓﻪ ، ﻭﺍﻟﻠﻲ

ﻣﺴﺘﻮﺭ ﻣﻦ ﺣﻘﻚ ﺃﻧﺖ ﻟﻮﺣﺪﻙ ﺗﺸﻮﻓﻪ

ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺯﻋﻼﻥ ﺇﻧﻲ ﻣﻘﺮﺏ ﺭﺃﺳﻲ ﺷﻮﻳﻪ ﺃﻋﻤﻞ ﺇﻳﻪ ﻧﻈﺮﻱ ﺿﻌﻴﻒ ﻭﻛﻨﺖ ﻋﺎﻳﺰ

ﺃﺷﻮﻑ ﻛﻮﻳﺲ

ﻭﻫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﻄﻖ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﻭﺃﻟﺠﻤﺖ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻓﻤﻪ ﻭﺍﺣﻤﺮ ﻭﺟﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ

ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻌﺎﻟﺖ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺮﻛﺎﺏ ﺍﻋﺠﺎﺑﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﺎﻩ ﺍﻟﺮﺟﻞ

ﺍﻟﺮﻳﻔﻲ ﻟﻠﺰﻭﺝ ﺍﻟﺸﺎﺏ

ﻭﻟﻢ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭﻳﺄﺧﺬ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻳﻐﺎﺩﺭﺍ ﻋﺮﺑﺔ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ .

ﻭﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻤﻦ ﻳُﻠﺒِﺲ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﺒﺎﻳﺔ ﻣﺨﺼﺮﺓ ﻭﻣﻠﻮﻧﺔ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻟﻴﻪ

ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻴﻨﺎ ، ﻭﻧﺴﻲ ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﺘﺮ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺰﻳﻨﺔ

( ﻛﻼﻡ ﺭﻭﻋﺔ )

ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺘـﺎﺀ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺘّـﻌـﺮّﻱ ﺧﻮﻓـﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﺍﻟﺰﺍﺋـﺪ !!!

ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﺃﺑـﺪﺍً ﺧﻮﻓـﺎً ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻠﻪ ؟؟؟ !!!!

ﺣﻜﻤﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ :

ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮﻯ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻣﻦ ﻭﺭﻗﻬﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻸ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﺣﻄﺐ ﻟﻨﺎﺭ ﺗﻮﻗﺪ

ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ !

ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻸ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﻴﺮﻫﻦ ﺣﻄﺐ ﺟﻬﻨﻢ.

ﺍﻷﻧﻮﺛﺔ }} ﺣﻴﺎﺀ{{ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺯﻳﺎﺀ

. ﺁﻣﻴﺮﺍﺕ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻻﻳﻠﺒﺴﻦ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﺒﺲ ﺍﻟﺴﺎﺗﺮ .. ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺍﻟﻠﺒﺲ ﺍﻟﻌﺎﺭﻱ ﻓﻘط سبحان الله العظيم واتوب اليه استغفر الله العظيم واتوب اليه استغفر الله العظيم واتوب اليه استغفر الله العظيم واتوب اليه استغفر الله العظيم واتوب اليه استغفر الله العظيم واتوب اليه استغفر الله العظيم واتوب اليه استغفرالله العظيم استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله استغفرالله

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon