NovelToon NovelToon

House Number 9

الفصل الاول: مفتاح لا يجب فتحه

كانت السماء ملبّدة بالغيوم في ذلك المساء، والهواء البارد يلسع وجه نور وهي تنزل من الحافلة الصغيرة في أطراف مدينة قديمة لا تظهر على خرائط الإنترنت. حملت حقيبتها على كتفها، نظرت حولها، وكل شيء كان... غريب. الشوارع شبه فارغة، البيوت متهالكة، والهدوء؟ مريب لدرجة تجعل قلبها ينبض بعنف دون سبب واضح.

"قالوا لي بيت صغير، قديم، لكنه نظيف ورخيص. مستحيل ألقى فرصة زي كذا،" تمتمت لنفسها وهي تمشي بين الأزقة الضيقة حتى وصلت إليه.

منزل رقم 9.

منزل خشبي بلون رمادي باهت، نوافذه مغطاة بستائر سوداء ممزقة، وبابه الأمامي مائل وكأنه يوشك أن يسقط.

نور ابتسمت بسخرية: "جميل... كأنه خارج من كابوس."

لكنها كانت تعشق المغامرة. كل شيء غريب يجذبها. وكل ما هو ممنوع... يغريها.

فتحت الباب بصوت صرير حاد اخترق أذنيها مثل سكين، ودخلت.

الداخل كان أغمق من الخارج، رغم أن الشمس لم تغب بعد. ريحة قديمة، كأن المكان ما تنفس من سنين. الغبار في كل زاوية، لكن الغريب؟ الأثاث مرتب تمامًا، كأن أحدهم كان هنا... منذ دقائق فقط.

رفعت حاجبها وهي تتمشى ببطء داخل الممر الضيق. كل لوحة على الجدران بدت مشوهة. وجوه بلا عيون، رجال بلا أفواه، أطفال يبتسمون لكن ابتسامتهم... مش طبيعية.

شيء ما في الصور يراقبها.

دخلت الغرفة الرئيسية، وهناك وجدت شيئًا غيّر كل شيء.

صندوق أسود صغير، فوق طاولة قديمة، مغلّف بسلاسل صدئة، ومعه ورقة مكتوب عليها بخط يدوي غريب:

> "لا تفتحيه يا نور."

شهقت. "إيش؟! من كتب اسمي؟!"

قلبها بدأ يطرق بقوة، لكنها، كالعادة، اختارت تجاهل المنطق.

يدها اقتربت من السلسلة... لم تكن باردة. كانت دافئة... كأن أحدهم كان يلمسها قبلها مباشرة.

وفجأة، سمعت الخطوات.

ثقيلة. بطيئة.

قادمة من الطابق الثاني.

هي وحدها في المنزل... أليس كذلك؟

أمسكت الصندوق وبدأت تتراجع، لكن الباب... أغلق من تلقاء نفسه.

الخطوات تقترب.

ثم همسة.

"نور..."

الخطوات استمرت.

تُحدث صريرًا خافتًا على الأرضية الخشبية، كأن أحدهم يجرّ قدميه فوقها ببطء... بثقل... وكأنه لا يملك أرجلًا بشرية.

ونادتها الهمسة من جديد.

"نووور..."

لم تكن صرخة. لم تكن حتى همسة بشرية.

كانت كأنّ شيئًا من داخل الجدران ينطق اسمها، صوت مخنوق، مجروح، ومشبع بالحقد... أو ربما الحنين.

نور أمسكت الصندوق بإحكام وكأنّه حبل نجاتها. حاولت فتح الباب بقوة، لكنه لم يتحرك. كأن أحدًا أو شيئًا يقف خلفه ويمسك المقبض من الجهة الأخرى.

"يا رب... يا رب، وش جالس يصير؟"

لكنها ما كانت مؤمنة جدًا، وما كان وقتها الوقت المناسب تبدأ تصلي.

كان الوقت... للركض.

ركضت نحو المطبخ، لكن المكان تغيّر.

الجدران بدأت تتنفس، تصدر صوتًا خفيفًا مثل أنين شخص مدفون حي.

الصور على الجدران؟ تحركت. الوجوه فيها الآن تفتح أعينًا دامية، وتتابعها بنظرات حارقة.

صرخت نور، سقط الصندوق من يدها وانفتح.

لا مفتاح. لا كسر. فقط... انفتح.

كأنّه كان ينتظر اللحظة.

ومن داخله... خرجت ورقة.

ورقة صفراء، مكتوب فيها بخط قديم ومتكسّر:

> "البيت استيقظ. الآن، لا يمكنك المغادرة.

لتغفري ذنبك، عليكِ أن توقظي الباقين."

نور شهقت. "ذنب؟ أي ذنب؟ أنا ما سويت شيء!"

لكن الورقة اشتعلت من تلقاء نفسها، احترقت بالكامل، دون نار، دون صوت.

وفجأة...

كل شيء سكت.

الصمت كان مطبق. خانق.

حتى تنفّسها ما كانت تسمعه.

ثم... صوت خطوات جديدة.

هذه المرة، قريبة جدًا.

من خلفها مباشرة.

استدارت.

وكان واقف.

جسد طويل. مشوّه. رأسه مائل بزاوية غريبة. وجهه بلا ملامح... فقط فم.

فم مفتوح على آخره... يبتسم لها.

"أهلًا... نور."

---

الفصل الثاني. : لاأحد يصدق المجانين

---

اليوم التالي… أو هذا ما ظنّته.

نور فتحت عينيها على ضوء أبيض ساطع.

الأسقف عالية، الجدران ناصعة، كل شيء نظيف… أكثر من اللازم.

لم تكن في بيت الأشباح… كانت مستلقية على سرير معدني، مربوط بحزام جلدي، وذراعها تحتوي على إبرة مغروسة.

"أين... أنا؟"

دخلت امرأة ترتدي معطفًا طبيًا أبيض، نظّارتها سميكة، وابتسامتها… مزيفة جدًا.

"أهلًا نور. أنا الدكتورة ليلى. لقد مررتِ بحالة انهيار شديدة. يقولون أنكِ كنتِ في منزل مهجور تصرخين وتضربين رأسك بالحائط."

نور اتسعت عيناها، حاولت النهوض لكن الحزام شدّها.

"لا! لا! ما كان حلم! كان حقيقي! كان فيه كائن… وصندوق… وصرخات!"

الدكتورة دون أن تغيّر نبرة صوتها:

"نور، لا يوجد شيء اسمه منزل رقم 9. العنوان الذي أعطيتِه للشرطة لا يقود إلى شيء. قطعة أرض فارغة منذ عشرين سنة."

"أنت تكذبين! البيت موجود! أنا شفت... شفت وجهه! وكان يناديني باسمي!"

ليلى دوّنت شيئًا في ملف أمامها:

"هلاوس صوتية. توهّم مكاني. حالة انفصام جزئي؟"

نور بدأت تبكي، لكن دموعها ما كانت ضعف… كانت قهر.

هي تعرف أنها لم تتوهم.

تعرف أنها دخلت البيت، تعرف أنها حملت الصندوق، تعرف أن هناك... شيئًا ما زال يراقبها.

في الليل، وهي مستلقية على السرير، سمعت صوتًا في الغرفة.

"نور..."

ليس من الخارج. ليس من الممر.

من داخل رأسها.

"طلّعيني من هنا!" صرخت.

"ما فيني شيء! فيه شيء يتبعني، ما تتفهمون؟!"

لكن لا أحد أتى.

الغرفة أصبحت باردة فجأة، والضوء بدأ يلمع بشكل غريب.

ثم ظهر ظلّ طويل عند الزاوية، لا يملك عيونًا، لكن نور شعرت بنظراته تحرق جلدها.

"منزل رقم 9 لم يكن مدخلًا فقط،"

قال الصوت داخلها،

"كان ختمًا… وفتحتِه."

الظل اقترب ببطء، والزجاج على النافذة تشقّق.

نور بدأت تضحك… تضحك بجنون… ثم تصرخ… ثم تضحك مجددًا.

"أنا لست مجنونة... أنتم المجانين! الكل أعمى!"

والظلّ ابتسم.

---

في صباح اليوم التالي، وجدوا نور جالسة على الأرض، تنظر للفراغ، تهمس بكلمات غير مفهومة.

لكن على الجدار خلفها، كانت هناك جملة مكتوبة بدمها:

> "لقد استيقظ… واللعنة بدأت."

اللعنة بدأت فعليًا. والرعب أصبح واقع.

لم يكن أحدٌ يُصدق نور.

في عيون الجميع، هي مجرد فتاة مريضة، ضائعة في دوامة هلوسات...

لكن داخلها؟

كانت تشعر أن هناك شيئًا يتمدد في الظل، يعيش داخل الجدران، يتغذى على الخوف… وعليها.

في الليلة التالية، لم تنم.

الضوء في غرفتها بدأ يخفت تدريجيًا، الساعة المتوقفة على الجدار بدأت تدق فجأة…

لكن عقاربها تدور للخلف.

نور جاهدت نفسها لتبقى هادئة.

لكن صوت الهمسات عاد.

هذه المرة ليس فقط باسمها… بل بكلمات غريبة، بلغة لا تفهمها، لكنها تشعر بها في نخاع عظامها.

ثم حدث ذلك.

انشقّ الجدار.

نعم، كأنّ أحدهم شقّ الجدار من الداخل بمخالب طويلة.

ظهر فراغ أسود خلفه، دوّامة من ظلام حي، منها خرجت ذراع طويلة نحيلة، رمادية اللون، تنتهي بأصابع ملتوية تقطر دمًا.

نور لم تصرخ.

لم تعد تصرخ.

كانت تشاهد… كأن شيئًا بداخلها أرغمها أن تبقى.

الذراع أمسكت قدمها…

وسُحِبت.

صرير... صرخة مكتومة... وظلام.

---

فتحت نور عينيها لتجد نفسها مستلقية في المكان ذاته… لكن بشكل مشوّه.

الجدران تنبض وكأنها لحم حي، السقف يتقطّر دمًا أسود، وروائح موت وفساد تملأ المكان.

أهلاً بكِ في الجانب الآخر…

قال صوت داخل عقلها، عميق، أجشّ، كأنه آلاف الأرواح تتحدث في آنٍ واحد.

"أين... أنا؟"

سألت نور، لكن صوتها خرج مشوّهًا.

ظهر كيان أمامها.

جسد شفاف، يتلوّى، بوجه بلا ملامح… إلا عينان سوداوان… يبكيان دمًا.

قال الكيان:

"نحن الأرواح التي دفنها منزل رقم 9… وكلنا نريد منك شيئًا، نور."

"أنا؟ لماذا أنا؟!"

"أنتِ… فتحتِ الباب."

وفجأة، أحاط بها العشرات منهم…

أرواح محترقة، مقطّعة، أطفال بأعين مقلوعة، نساء تصرخ دون صوت، رجال يحملون رؤوسهم بأيديهم.

ثم سمعت اسمه.

"هو قادم."

نور لم تسأل "من؟"… لأنها شعرت به.

الهواء تغيّر. المكان اهتز.

وظهر هو.

كائن أطول من البشر، يمشي ببطء، رأسه يغطيه قناع حجري، وفمه مفتوح على مصراعيه…

صوت أنفاسه مثل زئير شيطان مدفون منذ آلاف السنين.

توقف أمامها… وانحنى… وهمس:

"نور… سأذكّرك من تكونين فعلاً."

-

العلية لتي لا تعيد زائر

-أغمضتُ عيني للحظة، ظننت أن ما سمعته كان مجرد وهمٍ صنعه عقلي بسبب الظلام… لكن لا، كان الصوت قريبًا جدًا، دافئًا لدرجة شعرت بحرارة أنفاسه تلامس أذني. التفتُّ ببطء، والبرد يزحف في أطرافي… لا أحد.

الممر كان فارغًا. الصور على الجدران ما زالت تحدق بي، لكن العيون فيها بدت أكثر وضوحًا، وكأن ملامحها تتشكل من جديد.

بدأت خطواتي تتردد على أرضية خشبية متهالكة، كل خطوة تُصدر صريرًا خافتًا، كأن البيت يتألم من وطئي. كان صوت الرياح يتسرب من النوافذ المكسورة، لكن بين صفير الريح… سمعت نبضات قلب. لم تكن نبضاتي.

اقتربتُ من سلم العلية، نظرتُ إلى الأعلى… الباب كان مفتوحًا بالكامل الآن، والظلام خلفه عميق لدرجة بدا وكأنه يبتلع الضوء القليل المتسرب من القمر.

مددتُ قدمي على أول درجة، والهواء تغيّر فجأة… أصبح أثقل، وكأن رئتيّ تملؤهما طبقة من الغبار. عند الدرجة الخامسة، شعرتُ أن الأرض تحت قدمي ليست صلبة… بل وكأن شيئًا يتحرك تحت الخشب.

ثم جاء الصوت… ضحكة خافتة، أنثوية، لكنها مكسورة، وكأنها تأتي من حنجرة صدئة.

توقفت.

ـ "من هناك؟"

لم يجب أحد… لكن الدرج العلوي صرخ تحت وزن شخص ما. شيء يتحرك فوقي. شيء ينتظرني.

تقدمتُ، وكل خطوة كانت قرارًا خاطئًا في داخلي، لكن شيئًا ما كان يدفعني… شعور غريب، خليط بين الخوف والرغبة في المعرفة.

وصلتُ إلى العلية، وقبل أن أدخل، لاحظت أن الظلام ليس طبيعيًا… كان سائلًا تقريبًا، كثيفًا كالدخان، يلتف حول المدخل ويمنع الرؤية.

خطوتُ خطوة واحدة، و… انغلق الباب خلفي بعنف.

كنت الآن في العلية. رائحة العفن والدم القديم تملأ المكان. الأرضية مغطاة بأقمشة بيضاء بالية، لكن ما تحتها لم يكن مجرد أثاث… رأيت بوضوح أطراف أصابع تخرج من تحت القماش، شاحبة، مجعدة، وكأنها جثة بقيت لسنوات.

سمعتُ خطوات خلفي… التفتُّ بسرعة، لم يكن هناك أحد.

ثم سمعتُ نفس الهمسة الأولى، لكن هذه المرة قريبة جدًا من وجهي:

"لقد انتظرناك طويلًا… نور."

ارتجفتُ. لم أخبر أحد باسمي. لم يكن يجب أن يعرفه أي أحد هنا.

بدأت الأقمشة على الأرض تتحرك، وكأن الجثث تحتها تستيقظ. أصوات أنين وبكاء وصرخات مكتومة ملأت المكان.

ركضت نحو الباب لأفتحه… لكنه لم يتحرك، وكأنه ملتصق بالجدار.

ثم، من زاوية الغرفة، ظهر شيء… لم يكن إنسانًا بالكامل. كان طويلًا، ممدود الأطراف، جلده مشدود على عظامه، وعيناه سوداوان بالكامل، لكن ابتسامته… كانت ممتدة بشكل غير طبيعي، حتى منتصف وجهه.

تقدّم نحوي ببطء، خطواته صامتة تمامًا، بينما الأرضية حوله تصدر أصوات طقطقة وكأنها تتشقق من حضوره.

رفع يده، وفي راحة كفه كان هناك مفتاح صغير، صدئ، لكنه يلمع في الظلام.

قال بصوت عميق، متعدد الطبقات، كأنه أكثر من شخص يتحدث في نفس الوقت:

"إذا خرجتِ… لن تكوني أنتِ."

مدّ المفتاح نحوي، لكن فجأة، الأقمشة على الأرض تطايرت، والجثث بدأت تزحف نحوي، أذرعها تمتد، أصابعها الطويلة تخدش الأرض وهي تحاول الإمساك بي.

صرخت، أمسكت المفتاح، ودون تفكير أدخلته في قفل الباب… لكنه لم يفتح، بل أطلق صرخة حادة جعلت أذني تنزف دمًا دافئًا.

الكيان الطويل بدأ يقترب، ابتسامته تتسع حتى تمزق خديه، ومن خلفه، الظلام بدأ يتمدد نحوي بسرعة.

لم يكن أمامي إلا خيار واحد… القفز من نافذة العلية.

كسرت الزجاج بكتفي، شعرت بألم حاد، لكني لم أتوقف. سقطت من الطابق العلوي على أرض الحديقة الخلفية… لكن قبل أن ألتقط أنفاسي، سمعت صوت الباب الخلفي للمنزل يُفتح ببطء خلفي.

التفتُّ… كان الكيان واقفًا هناك، لكنه لم يخرج. فقط أشار إليّ، وقال:

"أنتِ الآن… منّا."

عندها لاحظت شيئًا جعل الدم يتجمد في عروقي…

يدي التي أمسكت المفتاح قبل قليل لم تعد يدي، بل صارت شاحبة، بأصابع طويلة تشبه أصابع الجثث التي رأيتها.

والمنزل… كان يبتسم.

---

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon