NovelToon NovelToon

حب تحت التعافي

part 1

^^^Part : 1^^^

^^^---^^^

المكان: مستشفى كمبوديا النفسي

الساعة: 9:30 مساءاً

وقفت تشانيا أمام باب مكتب المدير، يداها متشابكتان في محاولة لتهدئة نفسها. لم تكن تعلم سبب استدعائه المفاجئ لها، لكنها شعرت أن الأمر جاد. طرقت الباب مرتين، وجاءها صوته على الفور:

- "ادخلي، تشانيا."

تنهدت بخفّة ودفعت الباب بهدوء، لتجد الدكتور ريتشي جالسًا خلف مكتبه، عيناه مركّزتان على ملف طبي أمامه. بدا رجلًا في منتصف الأربعينات، ذو ملامح جامدة تعكس انشغاله الدائم. تقدمت حتى وقفت أمام مكتبه وقالت بنبرة رسمية:

- "مساء الخير، دكتور ريتشي."

رفع رأسه أخيرًا، نظر إليها وقال بإيجاز:

- "مساء الخير."

- "هل طلبتني لشيء مهم؟"

أغلق الملف ببطء وأشار إلى الكرسي المقابل:

- "اجلسي أولًا."

ترددت لحظة، لكنها امتثلت لطلبه. عندما جلست، فعل الشيء ذاته، محوّلًا كامل انتباهه إليها.

- "أريد منك استلام حالة جديدة."

رفعت حاجبيها قليلاً، مفاجأة بعض الشيء، ثم قالت:

- "لكن لدي بالفعل عدد كبير من الحالات، ولا أعتقد أنني أستطيع تحمل ساعات إضافية، دكتور."

- "سأعيد توزيع بعض مرضاك على زملائك، لكن هذه الحالة تحتاج إليك تحديدًا."

نظرت إليه بشك، ثم سألت:

- "لِمَ أنا تحديدًا؟ هناك أطباء آخرون أكثر خبرة مني."

ارتسمت على وجهه ابتسامة صغيرة، بالكاد ملحوظة.

- "لأن طريقتك في العلاج تحقق نتائج مذهلة، وكل مريض تعاملتِ معه يعيش حياة طبيعية الآن. هذه المريضة منذ أربعة أعوام في المستشفى، لكن حالتها لم تتحسن... بل ساءت مع الوقت. أعتقد أنكِ أفضل شخص يمكنه مساعدتها."

انعكست كلمات ريتشي في عقلها، لكنها أبقت تعابيرها محايدة. مدّ يده بالملف نحوها، فتناولته وفتحته، و كانت عيناها تلتهمان الكلمات بتركيز.

تقرير تقييم الحالة الطبي

الاسم: سورييا ناكامورا

العمر: 24 عامًا

الجنس: أنثى

محل الولادة: سيهانوكفيل، كمبوديا

توقفت فجأة عند السطر الأخير، عقدت حاجبيها وقالت:

- "لماذا تم إحضارها إلى العاصمة؟ سيهانوكفيل ليست مدينة صغيرة، وهناك مستشفيات جيدة، أليس كذلك؟"

أجابها ريتشي بهدوء، كأنما توقّع السؤال مسبقًا:

- "هذا صحيح. لكن لا يوجد هناك مستشفى متخصص بالكامل في الأمراض النفسية. عائلتها قررت نقلها إلى هنا لأننا نقدم رعاية أكثر تقدمًا."

أومأت برأسها، تستوعب المعلومات الجديدة. أخذت نفسًا عميقًا، ثم أغلقت الملف وقالت:

- "حسنًا، سأقرأ الملف بتمعن لاحقًا، والآن سأعود لمتابعة عملي."

- "بالتوفيق، تشانيا. أعتمد عليك."

...وقفت، وحملت الملف معها، ثم خرجت من المكتب دون إضافة كلمة أخرى....

...__________________...

^^^---^^^

^^^اندفعت تشانيا إلى مكتبها، وألقت بالملف الذي أخذته للتو من مديرها على سطح المكتب. زفرت الهواء ببطء، ثم ابتسمت ابتسامة نشيطة، قائلة بحماس:^^^

"إلى العمل!"

خرجت من المكتب وهي تشعر بطاقة إيجابية، متحمسة للقاء مرضاها. لكنها لم تبتعد كثيرًا حتى استوقفتها إحدى زميلاتها.

"تشانيا!"

التفتت بابتسامة حالما تعرفت على الصوت.

بوفي: "كيف حالكِ؟"

تشانيا: "بخير، وأنتِ؟"

بوفي: "جيدة. لكن أخبريني، لماذا استدعاكِ الدكتور ريتشي ؟"

تشانيا: "طلب مني استلام حالة جديدة."

رفعت بوفي حاجبيها بدهشة قبل أن تعلّق مستنكرة:

"لكن لديكِ بالفعل الكثير من المرضى! و تعودين إلى المنزل متأخرة كل يوم، والآن يريد منكِ استلام حالة إضافية؟"

تشانيا أومأت برأسها وهي تبتسم: "أعلم، لكنه وعدني بإعادة توزيع بعض الحالات على الأطباء الآخرين."

بوفي: "ومن يكون المريض؟ رجل أم امرأة؟"

تشانيا: "إنها فتاة في الرابعة والعشرين، من عائلة راقية. كانت تعيش في سيهانوكفيل، لكن عائلتها نقلتها إلى هنا لتلقي علاج أفضل، لأن مدينتها تفتقر إلى مستشفيات متخصصة في الطب النفسي."

أومأت بوفي بتفهم قبل أن تنظر إلى ساعتها.

"حسنًا، لديّ بعض العمل. سأذهب الآن حتى لا أتأخر، لكن انتظريني ، سأكمل استجوابك غداً!"

ضحكت تشانيا بخفة، ثم أومأت موافقة قبل أن تواصل كلٌّ منهما طريقها نحو عملها.

بدأت تشانيا جولتها المعتادة بين المرضى، متنقلة من غرفة إلى أخرى، تستمع إلى قصصهم، تراقب حالاتهم، وتدوّن ملاحظاتها بدقة. في كل مرة تخرج من غرفة، تأخذ نفسًا عميقًا قبل أن تطرق باب المريض التالي، متحلية بالصبر والاهتمام. ما إن انتهت من آخر مريض في جولتها المسائية، حتى رفعت رأسها نحو الساعة المعلقة على الحائط، لتجد أن عقاربها تشير إلى الثانية عشرة بعد منتصف الليل و هو موعد انتهاء دوامها. زفرت بتعب طفيف، قبل أن تتجه لمكتبها ، دخلت إليه و تناولت حقيبتها من فوق سطح المكتب و خرجت مسرعة لأنها تأخرت اليوم. ، في العادة في هذا الوقت تكون في المنزل نزلت الدرج مسرعة و عند وصولها أمام باب المشفي

وقفت للحظة ، قبل أن تتذكر فجأة أنها نسيت أخذ الملف الخاص بحالة سورييا. زفرت بضيق، ثم استدارت عائدة إلى مكتبها بخطوات سريعة. تناولت الملف الموضوع على مكتبها، قبضت عليه بإحكام، ثم غادرت مجددًا متجهة إلى المرآب الخاص بالموظفين.

في الظلام، ضغطت على مفتاح سيارتها، فأضاءت الأضواء الأمامية لإحدى المركبات. صعدت إليها وأدارت المحرك، ثم بدأت بالقيادة عبر الشوارع شبه الخالية.

لكن عقلها لم يكن معها على الطريق.

"لماذا يخفف الدكتور ريتشي من مرضاي لأجل هذه الفتاة تحديدًا؟ هل هناك شيء خاص بها؟"

كان الأمر غريبًا. طوال عملها هنا، لم يحدث أن تم تقليل أعبائها لاستلام حالة جديدة، بل على العكس، دائمًا ما كانت تُكلف بالمزيد. فماذا عن سورييا جعل الإدارة تفكر بها بهذا الشكل؟

كلما فكرت أكثر، زاد فضولها.

عندما وصلت أخيرًا إلى منزلها، كانت الساعة تشير إلى الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل. أوقفت السيارة أمام قصرٍ فخم مكوّن من ثلاثة طوابق، تحيط به حديقة واسعة، تزينها أضواء خافتة تزيد من هالة الهدوء والرهبة المحيطة بالمكان.

ترجلت من السيارة، ودخلت عبر الباب الرئيسي، حيث استقبلها الصمت. الجو داخل المنزل كان ساكنًا، يغلفه الظلام، مما منحها إحساسًا غريبًا...

لكن فجأة-

أضاءت الأنوار دفعة واحدة.

- "لماذا تأخرتِ؟"

قفز قلبها من مكانه، شهقت بحدة، والتفتت بسرعة لتجد أخيها، سايونغ، يجلس علي أريكة عند مدخل غرفة المعيشة، ينظر إليها بوجه خالٍ من التعبير.

- "ساي!" وضعت يدها على صدرها، تحاول تهدئة دقات قلبها. "لقد أفزعتني!"

لكن سايونغ لم يُظهر أي أسف. و أعاد سؤاله ببرود:

- "لماذا تأخرتِ؟"

استنشقت بعمق، ثم زفرت ببطء قبل أن ترد:

- "مديري استدعاني إلى مكتبه، وأخبرني أنني سأستلم حالة جديدة غدًا."

بدت ملامحه وكأنها تصلبت للحظة، قبل أن يضيّق عينيه قليلاً.

- "أليس لديكِ بالفعل الكثير من المرضى؟ و تعودين إلى المنزل في منتصف الليل كل يوم، والآن يريد منكِ استلام حالة أخرى؟"

لاحظت نبرة القلق في صوته، لكنه لم يكن يظهرها صراحةً. فابتسمت، محاولة تهدئته.

- "أعلم، لكنه قال إنه سيخفف من الحالات التي لديّ عندما أتولى هذه الحالة، وسأعود إلى المنزل باكرًا من الغد."

مرر يده في شعره، وظل صامتًا للحظات، ينظر إلى الأرض، وكأنه يفكر في شيء ما. ثم أخيرًا، رفع عينيه إليها، وقد خفّت حدة ملامحه قليلًا.

- "هل أنتِ جائعة؟"

هزت رأسها نفيًا وهي تبتسم، فوقف سايونغ بكامل قامته، لتتضح هيبته وطوله أمامها. ثم، وبهدوء، مدّ ذراعيه نحوها وسحبها إلى عناق دافئ.

- "يبدو أنكِ متعبة... اذهبي للنوم."

أغمضت عينيها للحظة، مستمتعة بلحظة الدفء النادرة هذه، ثم ابتسمت بمكر وقالت بصوت طفولي:

- "علم، سيدي!"

أطلق ضحكة خافتة، ثم قرص خدها بخفة قبل أن يقول:

- "تصبحي على خير."

- "وأنت بخير، أخي."

استدارت بعدها، متجهة إلى الطابق العلوي. لكنها لم تتجه مباشرة إلى غرفتها، بل توجهت أولًا إلى غرفة والدتها، حيث كانت الأخيرة تغط في نوم هادئ. اقتربت تشانيا بهدوء، ثم انحنت لتقبل جبينها، وسحبت الغطاء لتغطيها جيدًا قبل أن تخرج وتغلق الباب خلفها بلطف.

عندما دخلت غرفتها أخيرًا، ألقت الملف الذي كان بيدها بإهمال على الأريكة الموجودة بغرفتها، ثم توجهت إلى غرفة الملابس لتختار ملابس نوم مريحة. بعد ذلك، دخلت إلى الحمام، حيث أخذت حمامًا دافئًا، محاوِلةً تصفية ذهنها ...........

^^^---^^^

^^^خرجت تشانيا من الحمام، قطرات الماء لا تزال تنزلق من خصلات شعرها بينما كانت ترتدي ملابس النوم التي اخذتها قبل قليل . رغم الإرهاق الذي بدأ يزحف إلى عينيها، لم تستطع مقاومة النظر إلى الملف المستقر على الاريكة.^^^

اقتربت منه بخطوات هادئة، كأنها تخشى أن تكشف أسراره قبل أوانها. التقطته أخيرًا، ثم اتجهت نحو السرير. جلست فوقه، وأسندت ظهرها إلى مقدمته، سحبت الغطاء فوق قدميها، وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تفتح الملف و تقرأه.

التشخيص الطبي

الاسم: سورييا ناكامورا

العمر: 24 عامًا

الجنس: أنثى

محل الولادة: سيهانوكفيل، كمبوديا

تاريخ الدخول إلى المشفى: 16-5-2021

التشخيص:

فقدان النطق النفسي (Selective Mutism or Psychogenic Mutism): المريضة غير قادرة على التحدث منذ دخولها المشفى، رغم عدم وجود مشاكل عضوية تمنعها من ذلك.

اكتئاب حاد مصحوب بأعراض غير نمطية: يتمثل في بكاء صامت مستمر، فقدان الاهتمام بالحياة، وانعدام الاستجابة للمحفزات الخارجية.

اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)؟ يُحتمل أن يكون السبب وراء الأعراض، لكن لم يتم تأكيد نوع الصدمة التي تعرضت لها.

ميول انعزالية شديدة وعدم استجابة للعلاج النفسي أو الدوائي حتى الآن.

الإصابة بإنهيارات عصبية شديدة.

التاريخ المرضي:

أُحضرت إلى المشفى بعد حادث أو صدمة غير معروفة التفاصيل.

لم تُظهر أي استجابة للعلاج السلوكي أو الدوائي.

تقارير المراقبة تفيد بأنها تقضي معظم وقتها صامتة، تحدق في الفراغ أو تبكي دون صوت.

أغلقت تشانيا الملف ببطء، وعقدت حاجبيها. أربع سنوات دون تحسن؟ و حالتها تسوء لا تتحسن رغم أن خبراء بالطب النفسي من تولوا حالتها و أيضاً مذكور انهيارات عصبية ، لا بد أن هناك شيئًا مفقودًا، خلف هذه الفتاة. ويجب أن أعلمه إن فضولي يقتلني.

تنهدت، ثم همست لنفسها:

"مع الوقت... سأعرف القصة."

وضعت الملف على الطاولة بجانب السرير، سحبت الغطاء حول جسدها، ثم أغمضت عينيها أخيرًا. لكن رغم تعبها، ظلت الكلمات تدور في ذهنها، وكأنها تطاردها حتى في نومها.

وفي مكان ما داخل المشفى، في غرفة معزولة، كانت فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها جالسة بصمت على سريرها، تحدق في العدم، بينما دمعة وحيدة انسابت على خدها.

---

^^^نهاية الفصل الأول^^^

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon