NovelToon NovelToon

Paradise Earth الفردوس الأرض

Paradise Earth (1) ___("الأميرة ليال")__

..._1_...

...("الأميرة ليال")...

في مملكة الفردوس، تلك الجنة الأرضية التي أبهرت العقول بجمالها الأخاذ، وُلدت الأميرة ليال، الابنة الوحيدة للملك نورسين، حاكم نصف الأرض، والملكة نجمة، ذات الجمال والطيبة. لم يكن غريبًا أن تحمل المملكة اسم الفردوس، فهي تفوق الخيال روعةً وسحرًا، وكأنها قطعة من السماء هبطت إلى الأرض.

الملك نورسين كان حاكمًا عادلًا، يدرك ما هو خير لشعبه وما هو شر لهم، ولهذا أحبّه الجميع، وعمّ السلام في أرجاء المملكة. أما ليال، فكانت مدللة والديها، لكنها لم تكن متكبرة أو متغطرسة. ورثت الحكمة عن والدها، والطيبة والجمال عن والدتها، فاجتمعت فيها صفات الملوك والنبلاء.

لكن القلب، ذلك الكيان العنيد، لا يعرف القوانين ولا يعترف بالمحظورات. لم تتوقع ليال أن تسقط أسيرة حب شخص محرم عليها، شخص لا يجب أن تنبض مشاعرها باسمه. ومع ذلك، أحبّته بكل ما تملك من إحساس، كأنها ولدت للحب لأول مرة، وكأن قلبها لم ينبض إلا له، هو وحده. شعرت بنبضاته تتسارع، ليس لها، بل له، وكأن القدر كتب عليها هذا العشق المستحيل.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

في وسط القصر، وتحديدًا في الحديقة الخلفية المخصصة لها ولصديقاتها، جلست الأميرة ليال بين الورود المتفتحة، محاطة بصديقاتها الأميرات. كانت سديم، صديقتها المقربة من الخدم، تضع على رأسها تاجًا من الورود الملونة، صنعته بيديها.

قالت سديم بهدوء، وهي تتأمل جمال الأميرة:

_ يا أميرتي، كم يليق بكِ هذا التاج! زادكِ جمالًا فوق جمالك.

التفتت ليال إلى المرآة، ولامست التاج برفق. رغم بساطته، إلا أنه لامس قلبها بطريقة غريبة، كأنه أثمن من الألماس.

ابتسمت بخفة، وقالت وهي تشعر بامتنان عميق:

_ لا تبالغي، أنا لستُ بهذا الجمال يا سديم. تاجكِ جميل... تمامًا مثلكِ. كل عام، في مثل هذا اليوم، تكون هداياكِ الأجمل بالنسبة لي. قد تبدو بسيطة، لكنها تعني لي الكثير... أحبكِ يا صديقة طفولتي، بل أختي.

كل عام، كانت سديم تهديها شيئًا بسيطًا لكنها تبكي من الفرح، لأن سديم كانت تذكرها بأختها الراحلة ليا، وكأنها تراها أمامها من جديد. ليا، التي رحلت منذ ست سنوات، كانت تصغرها بسنتين ، ولم يكن شيء في العالم يعوّض غيابها.

"ليا" الاسم الذي لا تزال ليال تهمس به في أحلامها. رحلت عندما كانت في الحادية عشرة من عمرها، في حادث مأساوي أثناء رحلة صيد مع والدها الملك نورسين في الغابة القريبة من "غابات الجحيم". لم يكن أحد يعلم بوجود ذلك الوحش الغامض، الذي انقضّ عليها والتهم نصف جسدها أمام والدها، الذي وقف عاجزًا، غير قادر على إنقاذها. كانت تلك السنوات الست الأصعب في حياة العائلة الملكية، لم يتعافَ الملك ولا الملكة، أما ليال، ففقدت طعم الاحتفالات إلى الأبد.

الآن، وقد بلغت التاسعة عشرة من عمرها، كانت تحاول أن تجد بعض السعادة وسط صديقاتها، سديم، الأميرة أجوان، والأميرة ندى، ابنتا عمها، توأم والدها.

كان الجو لطيفًا، والحديقة غارقة في ضوء القمر الناعمة. المكان كان مصممًا خصيصًا للأميرة، بناءً على رغبة الملك، حتى تجد فيه بعض العزاء بعد فقدان أختها.

أجوان، بمرح وهي تلقي نظرة ماكرة على الفتيات:

_ هل تعلمن؟ رجال النصف الآخر من الأرض، رجال "جحيم الشمس"، يزعمون أنهم وحوش، لكن لدي إحساس أنهم مفتونون بالجمال أكثر مما يدّعون!

ندى، بهمسة تحذيرية:

_ كفى يا أجوان! أنتِ دائمًا تتحدثين عن الرجال! أغلقي الموضوع فورًا.

ثم قرصت خد أختها بمزاح، محاولة إيقاف حديثها قبل أن يسمع أحد، خاصة الملك.

أجوان، بانزعاج وهي تضع يدها على خدها:

_ لماذااا فعلتِ هذااا؟! آه، يا لعينَة! تعالي هنا!

ركضت ندى وهي تضحك، بينما طاردتها أجوان غاضبة، وسط ضحكات ليال وسديم، التي سرعان ما انضمت إلى المطاردة، محاولة إنقاذ ندى.

بعد لحظات، عادت سديم وهي تلتقط أنفاسها، بعدما اختفت الأختان في أرجاء الحديقة

ليال جالسة تحت ضوء القمر، ودموعها تنساب بصمت على وجنتيها، كأنها تحاول كتم الألم الذي ينهش قلبها. بجانبها، كانت سديم تراقبها بقلق، قبل أن تهمس بصوت حنون:

_ لما البكاء يا أميرتي؟ هل أنتِ بخير؟

مسحت ليال دموعها سريعًا، محاولة التظاهر بالقوة، لكنها لم تستطع إخفاء ارتجاف صوتها:

_ لا شيء، سديم... لكنني أشعر أن شيئًا سيحدث، لا أعلم ما هو، لكنه يقترب...

وضعت سديم يدها على كتف الأميرة، ثم احتضنتها بلطف، محاولة طمأنتها:

_ لا تقلقي يا أميرتي، لن يحدث شيء، كل الأمور ستكون بخير...

لكن ليال أغمضت عينيها بقوة، وكأنها تحاول محو ذكرى قديمة، ثم همست بصوت مرتعش:

_ سديم، أنتِ تعلمين أنني أشعر بالأحداث قبل وقوعها... تذكري، قبل أن تموت ليا، شعرت بذلك، لكنني أقنعت نفسي أنني مخطئة، قلت لن يحدث شيء، ستبقى أختي بخير... لكن ما حدث كان أسوأ مما توقعت! لماذا أنا الوحيدة في عائلتي التي تمتلك هذه اللعنة؟ لماذا يجب أن أشعر بالألم قبل أن يقع؟ لماذااااا؟!

كانت دموعها تتساقط بغزارة، كالمطر في ليلة عاصفة. أما سديم، فكانت تشعر أن قلبها يتمزق لرؤية أميرتها بهذه الحالة، لكنها لم تقل شيئًا، فقط ضمّتها بقوة أكبر، تحاول أن تمنحها الأمان الذي تفتقده.

ليال لا تحب أن يراها أحد وهي تبكي، كانت دائمًا تخفي ألمها حتى لا يعلم والدها، لأنه إن عرف، ستتحطم روحه أكثر، وسيشعر أن ابنته لم تتعافَ من اكتئابها بالكامل. صحيح أنها لم تعد تبكي ليلًا ونهارًا كما كانت تفعل في السنوات الأولى بعد وفاة ليا، لكنها لم تُشفَ تمامًا… وسديم وحدها كانت تعرف ذلك.

فجأة، قاطع لحظتهما صوت إحدى الخادمات وهي تنحني باحترام:

_ أميرتي ليال، العشاء جاهز. هل ترغبين أن أحضره لكِ؟

لكن ليال هزّت رأسها بلا مبالاة، وقالت بصوت خافت:

_ لا أشعر بالجوع الآن، عندما أحتاج إلى الطعام سأخبركِ.

_ كما تشائين، أميرتي.

انحنت الخادمة مجددًا ثم غادرت، بينما مسحت سديم على رأس ليال بلطف، محاولة تخفيف التوتر.

_ لما رفضتِ الطعام؟ أعلم أنكِ جائعة… هل تودين أن أعدّ لكِ كعكة البرتقال التي تحبينها، كما أفعل كل عام؟

ردّت ليال ببرود:

_ لا تمازحيني، سديم... أنا حقًا لا أشعر بالجوع.

نهضت سديم بعزم، مستعدة للذهاب إلى المطبخ وإعداد الكعكة بنفسها، لكن ليال أمسكت يدها قبل أن تبتعد.

_ لا تذهبي، سديم… ابقي معي.

ابتسمت سديم بحزن، وعادت للجلوس بجانبها:

_ لن أذهب يا ليال… حتى لو طلبتِ مني الرحيل، لن أرحل. وإن جاء يوم وجب عليّ الاختيار بين إنقاذكِ أو إنقاذ نفسي، سأختاركِ أنتِ، أميرتي.

نظرت إليها ليال بغضب مفاجئ، عيناها تلتمعان بالرفض القاطع:

_ لا تقولي هذا مجددًا! يجب أن تختاري حياتكِ أولًا، أفهمتِ؟ لن أسمح لكِ بالتضحية من أجلي، سنعيش معًا… أو نموت معًا، لا خيار آخر!

ضحكت سديم بخفوت، محاولة تهدئتها:

_ لما كل هذه العصبية يا فتاة؟! هيا، لنذهب لتناول العشاء، أشعر أن معدتي ستختفي من شدة الجوع.

رغم حزنها، ابتسمت ليال أخيرًا:

_ حسنًا، دائمًا ما تنجحين في فتح شهيتي، يا عنيدة.

تظاهرت سديم بالغضب، ووضعت يديها على خصرها:

_ عنيدة أنا؟! لا أستطيع أن أقول لكِ مثلها، أنتِ أميرتي بعد كل شيء!

ضحكت ليال، ثم أمسكت بيدها وسحبتها معها:

_ كفاكِ كلامًا، هيا نذهب، معدتي بدأت تأكل نفسها!

وضعت سديم يدها على بطنها، وقالت بمزاح:

_ وأنا أيضًا، كدتُ أموت جوعًا بانتظاركِ!

انطلقتا معًا، وكأن لحظات الحزن السابقة لم تكن سوى غيمة عابرة في سماء صداقتهما… لكن إحساس ليال لم يكن مجرد وهم، كانت تشعر أن شيئًا قادم، شيئًا سيغيّر حياتها إلى الأبد

ضحكت سديم، وهي تراقب ليال التي كانت تأكل بنهم. لطالما عرفت أن أميرتها لا تستطيع مقاومة الطعام، خاصةً في الأوقات التي تشعر فيها بالتوتر.

في قاعة الطعام الفاخرة، جلست الأميرات أجوان وندى، مستمتعتين بعشاءهنّ. القصر كان هادئًا إلى حد ما، حيث كان الجميع منشغلين بأعمالهم، ولم يبقَ في القاعة سوى الأميرات الثلاث و سديم.

وبينما كانت أجوان تمضغ طعامها، رفعت رأسها بحماس وقالت:

_ ما رأيكنّ أن نكمل السهرة خارج القصر؟ الجو بارد وجميل، والليل يبدو مثاليًا للمغامرات!

تنهدت سديم، عابسة:

_ لا أعتقد يا أميرتي، لدي أعمال يجب أن أنهيها… لكنكنّ تستطيعن الذهاب، فقط لا تتهوري يا أجوان.

أما ليال، فكانت مترددة:

_ لا أعلم… أشعر أنني أريد الذهاب، لكن في الوقت نفسه…

ثم التفتت إلى سديم، وعيناها تتوسلان إليها:

_ تعالي معنا! كفي عن التفكير في العمل، هناك الكثير من الخدم يمكنهم إتمام مهامكِ، لا تقلقي… إذًا، هل ستأتين؟

ندى صاحت بحماس شديد:

_ هيا يا فتيات! ولكن علينا أن نأخذ معنا أحد الحراس، سأطلب من أخي أن يرافقنا أحدهم.

نظرت إليها سديم بجدية:

_ حسنًا، سأذهب معكنّ، لكن لن نتأخر، مفهوم؟

ليال ابتسمت بارتياح:

_ حسنًا! ندى، أخبري أخاكِ، أعلم أنه لن يمانع، فهو يحفظ أسراركِ دائمًا.

رفعت ندى رأسها بفخر:

_ أخي سراب لا يرفض لي طلبًا، فهو يعلم أنني أخته الحبيبة! سأذهب إليه فورًا، انتظراني عند بوابة القصر.

أجوان سخرت منها بمزاح:

_ وهل تعتقدين أنكِ الوحيدة المفضلة لديه؟ سراب هو أخي أيضًا، وليس ملكًا لكِ وحدكِ، أيتها المغرورة!

ضحكت ليال، بينما غادرت ندى، متجهة نحو قاعة الاجتماعات، حيث كان سراب منشغلًا مع الملك نورسين، يناقشان الوضع الأمني للمملكة.

الملك تحدث بحزم:

_ هل نحتاج إلى زيادة عدد الجنود يا سراب؟ أعتقد أنه سيكون لصالحنا.

سراب فكر قليلاً قبل أن يجيب:

_ كما تريد يا مولاي، لكن أرى أنه من الأفضل التركيز على توفير الأسلحة، فالجنود لدينا منتشرون بالفعل في كل أنحاء المملكة.

في تلك اللحظة، دخل أحد الحراس بعد أن استأذن، مما أثار استياء الملك الذي قال بعصبية:

_ ألم أخبركم بألّا تقاطعوني أثناء الاجتماعات؟

أجاب الحارس بهدوء شديد:

_ مولاي، الأميرة ندى تريد الدخول، أخبرتها أنك مشغول، لكنها أصرت.

تنهد الملك، ثم أشار للحارس:

_ أدخلها، ندى لا تحتاج إلى إذن.

ابتسم سراب بمكر وهو يهمس:

_ مولاي، لا تدللها كثيرًا، ستفسدها بحبك الزائد.

ابتسم الملك بحزن خفيف:

_ أنتم جميعًا أبنائي، مثل ليال وليا… رحمها الله. لو لم أدللكم، فمن سأدلل يا سراب؟

دخلت ندى، فانحنت احترامًا لعمه الملك، ثم اقتربت منه ليحتضنها ويقبل يدها.

قالت بخجل:

_ سامحني، مولاي، لم أقصد أن أقاطعك…

أجابها الملك بلطف:

_ لا بأس، صغيرتي، ماذا تريدين؟

التفتت إلى أخيها، ثم قالت ببراءة مصطنعة:

_ أخي، أمي تريدك.

رفع سراب حاجبًا، مدركًا أنها تكذب، فهو كان عند والدته قبل ساعة وكانت نائمة:

_ أهااا… حسنًا، يا مولاي، سأذهب إليها بعد إذنك.

أومأ الملك برأسه:

_ حسنًا، ربما اشتاقت إليك بعد رحلتك الطويلة.

ندى ابتسمت بمكر:

_ معك حق، مولاي. تصبح على خير.

غادرت القاعة بسرعة، فيما تبعها سراب، يمسك بيدها بخبث:

_ يا صغيرة، هل يمكنكِ أن تخبريني لماذا تكذبين؟ أنا كنت عند أمي قبل ساعة، وهي نائمة الآن… هاه، ماذا تخططين؟

ضحكت ندى بلطف، وهي تحاول تحرير يدها:

_ أفلت يدي! أريد فقط أن أطلب منك طلبًا صغيرًا جدًا… أهااا، ستوافق، صحيح؟ أخي الحبيب، لا أحد يساعدني غيرك…

سراب تنهد، ثم قال بنبرة مترددة:

_ حسنًا، قولي ما لديكِ… لكن على حسب الطلب.

قفزت ندى بحماس، وقالت بصوت ملؤه الرجاء:

_ نريد الخروج من القصر الليلة! لكن نحتاج إلى حارس يرافقنا… هيااا، من أجلي، أخي العزيز؟

لكن سراب نظر إليها بجدية، وقال بعد تفكير:

_ ندى، تعلمين أنني لن أوافق هذه المرة، نحن على وشك دخول منتصف الليل خلال ساعتين… الوضع ليس آمنًا تمامًا. سامحيني، لكن لا.

تجهم وجه ندى، وقالت بعصبية:

_ أنتَ أخ مزعج! لا أريد منك شيئًا بعد الآن!

ضربت يده بغيظ، ثم استدارت واختفت بين الممرات.

تنهّد سراب، يراقبها وهي تبتعد، قبل أن يهمس لنفسه:

_ لماذا تغضبين هكذا؟ كل هذا من أجل مصلحتكم… آمل فقط أن تبقى المملكة آمنة دائمًا.

ثم توجه إلى جناحه، بحاجة إلى نوم عميق بعد هذا اليوم الطويل.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

رفعت ليال رأسها، متفاجئة من دخول ندى الغاضبة إلى القاعة، فسألتها بقلق:

_ ماذا حصل، ندى؟

لم تردّ ندى فورًا، بل توجهت إلى الطاولة، وأمسكت كأس الماء، تشربه دفعة واحدة وكأنها تحاول إخماد غضبها. ثم وضعت الكأس بقوة على الطاولة، قائلة بعصبية:

_ لم يقبل المزعج! كل مرة كان يوافق، لماذا هذه المرة مختلفة؟ لا يوجد سبب منطقي لرفضه!

أخذت نفسًا عميقًا، قبل أن تتابع بامتعاض:

_ لماذا لم تذهبن إلى بوابة القصر؟ آه، لا داعي لذلك، أخي العنيد لم يوافق…

أجوان، التي بدت غير متفاجئة، قالت بهدوء وهي تتكئ على الطاولة:

_ كنت أعلم أن أخي لن يوافق… ألم يقل لنا في المرة الماضية أنه لن يسمح لنا بالخروج ليلًا مرة أخرى؟

ثم ابتسمت بمكر وهي تنهض، مشيرة إلى الحديقة:

_ لكن لا داعي لإفساد ليلتنا! بدلًا من الغضب، لنذهب إلى الحديقة، على الأقل هناك يمكننا الاستمتاع بالجو الجميل بدلًا من عصبيتكِ المزعجة يا مدللة.

قبل أن تعترض ندى، أمسكت أجوان بيدها وسحبتها نحو الخارج، فيما تبعتها ليال وسديم، تضحكان على ردة فعلها الطفولية.

كان الجو في الحديقة هادئًا، والسماء تتلألأ بالنجوم، مما جعل الأجواء مثالية لإكمال سهرتهن بعد العشاء. جلست الفتيات يتبادلن الحديث والضحكات، بينما كانت سديم تشعر ببعض الإحراج، كما يحدث كل مرة تشارك فيها الأميرات الطعام في قاعة القصر أو في حدائق الأميرات الخاصة.

ورغم ذلك، كانت الأميرات يعاملنها وكأنها واحدة منهن، وليس كخادمة. بل أكثر من ذلك، حتى الملك والملكة كانا يحبانها، لأنها الوحيدة التي تعرف كيف تتعامل مع حالة ليال، وتمنحها الدعم الذي تحتاجه.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

أشرقت شمس الصباح الدافئة، تزقزق العصافير مبشّرةً بيوم جديد، والنسيم العليل يلامس أوراق الأشجار برقة. كان فصل الربيع في أبهى حلله، حيث تفتحت الأزهار، وتعطرت الأجواء بنسيم الحياة.

في هذا الصباح الجميل، جلست الأميرة ليال مع والدها الملك، كما اعتادت في كل مرة يعود فيها إلى القصر. رغم انشغاله الدائم بحكم "الفردوس الأرض"، إلا أنه كان يحرص على قضاء كل لحظة ممكنة مع عائلته، وخاصةً مع أميرته المدللة.

أمسك الملك بفنجان من شاي الأعشاب الساخن، وتأمل ابنته بنظرة مليئة بالحب، وكأنه يراها لأول مرة، ثم قال بصوته الدافئ:

_ كيف حال أميرة قلبي؟

ليال، بابتسامة حزينة:

_ بخير يا أبي… ما دمتَ أنتَ وأمي بجانبي.

نظر إليها والدها بحنان، ثم تنهد قائلًا:

_ أعلم أنني مشغول كثيرًا في الفترة الأخيرة… سامحيني، يا ابنتي، إن كنت قد قصرت بحقك.

وضعت الملكة يدها على كتف زوجها بحنان، وقالت بصوت دافئ:

_ لا بأس يا نورسين، ليال تفهم ذلك جيدًا، ونحن جميعًا نشتاق إليك. لكن ثق بالله، الأمور ستتحسن قريبًا، ولن يضيعك الله أبدًا.

لكن ليال كانت تعلم تمامًا لماذا والدها مشغول… فمملكة "الجحيم الشمس" لا تكف عن تهديده. ومع ذلك، كانت تؤمن أن أباها أقوى من أي خطر، لكنها لم تستطع أن تتجاهل شعورًا مزعجًا يخبرها بأن هناك شيئًا سيئًا يلوح في الأفق.

ترددت قليلًا، ثم همست بصوت خافت، وكأنها تخشى أن تثقل كاهل والدها أكثر:

_ أبي… هل حقًا مملكة الجحيم الشمس تهددنا؟

ارتفع حاجباه قليلًا، لكنه لم يبدُ متفاجئًا، فأكملت كلامها بصوت مرتجف:

_ أبي، أنا أعرف الحقيقة… أعلم أن هذه الأيام التي كنتَ تسافر فيها كانت مليئة بالمخاطر، وأعلم أن قوتهم تزداد. أنت تخشى أن يأخذوا "الفردوس الأرض" منك، تمامًا كما فعلوا مع جدي الملك الرحال، أليس كذلك؟

كانت ليال مترددة وهي تبوح بما في قلبها، تشعر أن حمل الحقيقة ثقيل، لكنها لم تعد تحتمل الصمت. نظرت إلى والدها بعينين تملؤهما الدموع، وتكلمت بصوت مرتجف، تحاول أن تخفي ارتجاف شفتيها:

_ أبي… أعلم أن هناك خطرًا يهددنا، وأعلم أن مملكة الجحيم الشمس تزداد قوة، وأعلم أنك تخشى أن يكرروا ما فعلوه بجدي الملك الرحال… أرجوك، أخبرني الحقيقة كاملة.

تأملها الملك بصمت للحظات، وكأن قلبه يعتصر لرؤية صغيرته تتحمل هذا القلق. بدت عيناه مثقلتين بالحزن، لكنه لم يكن خائفًا على مملكته بقدر خوفه على أحبائه.

_ ليال، لستُ خائفًا لأنهم قد يأخذون "الفردوس الأرض"… أنا خائف مما قد يفعلونه بكم… أنتِ، أمكِ، إخوتي، شعبي، أصدقائي… أنتم جميعًا أبنائي، ولن أسمح لأي يدٍ أن تمسكم بسوء.

كان صوته يحمل حرقة عميقة، وكأن قلبه يشتعل قلقًا، لكنه سرعان ما كبح مشاعره، وتنهد ببرود، كمن اعتاد على مواجهة المصاعب:

_ طوال هذه الفترة، لم أذق طعم الراحة، لم أعرف للنوم طعمًا… أقل من نصف الأرض بات لنا، فقد انتزعوا منا جزءًا كبيرًا، ولا أعلم متى ستنتهي هذه الحرب.

تقدمت الملكة نحوه، احتضنته بحنانٍ غامر، تشعر بثقل العبء الذي يحمله، لكنها تعلم أنه أقوى من كل هذه الأحزان.

ليال لم تستطع منع نفسها من البكاء، أمسكت بيد والدها، ودموعها تنساب على وجنتيها:

_ أبي، يا ليتني كنتُ رجلًا، لكنتُ خففت عنك هذا الحمل.

ابتسم الملك رغم حزنه، وربت على رأسها بحنان:

_ لا تقولي ذلك، أنتِ بالنسبة لي ألف رجل، بل أكثر… أميرتي، لا تبكي، سنكون بخير..... الله لن يخذلنا.

أطبقت ليال أصابعها على يده بقوة، وكأنها تريد أن تتمسك به أكثر، أن تشعره بأنها هنا معه مهما كان القادم صعبًا.

حاولت الملكة أن تلطف الأجواء، فقالت بابتسامة دافئة:

_ بالتأكيد لن يخذلنا الله، ولكن...... لمَ كل هذا الحزن منذ الصباح؟ ألا تشعرون بالجوع؟

نظر إليها الملك مبتسمًا:

_ وأنتِ أيضًا بكيتِ.

ضحكت الملكة بخفة، لكن الملك اقترب منها وقبّل جبينها بحب، ممتنًا لوجودها إلى جانبه دائمًا.

دخلت إحدى الخادمات، وانحنت باحترام:

_ الإفطار جاهز يا مولاي.

أومأ الملك برأسه وقال:

_ هيا، أميرتي وملكتي.

توجهوا إلى قاعة الطعام، حيث اجتمع كل الأمراء والأميرات حول المائدة، التي امتلأت بأشهى المأكولات، لكن ليال لم يكن لديها أي شهية وكأن ثقل الأفكار قد سدّ جوعها تمامًا.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

في مكان بعيد…

في ساحة التدريب داخل مملكة الجحيم الشمس، كان الأمراء يتدربون بجدية… التدريب بالنسبة لهم ليس مجرد عادة، بل هو أسلوب حياة.

لكن واحدًا منهم كان مختلفًا… "أمير شمس".

لم يكن يحب التدريب كما يفعل إخوته، ربما لأنه قضى السنوات الخمس الماضية في تعلم كل ما يمكنه عن القتال، لكنه ببساطة لم يعد يجد شغفًا في ذلك.

كان يجلس بعيدًا عنهم، متكئًا على سيفه، ينظر إليهم بملل، يشعر أنه موجود هنا فقط لأن والده أجبره على ذلك.

لكن داخله كان هناك شيء آخر… شيء لم يخبر به أحدًا.

نظر إلى السماء بتنهيدة عميقة، وهمس لنفسه:

_ أمي..... يا ليتني كنتُ معكِ، فالحياة هنا مؤلمة جدًا… رحمكِ الله يا أمي.

نظر إلى الأرض للحظة، ثم نهض واقفًا، ممسكًا سيفه بقوة… فحتى لو لم يكن يحب هذه الحياة، لم يكن لديه خيار آخر سوى أن يكون جزءًا منها.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

يتبع…

Paradise Earth (2) ___("الحدود الغرب")__

..._2_...

...("حدود الغرب")...

في مكان بعيد، في مملكة "الجحيم الشمس"، كانت ساحة التدريب تعج بالأمراء الذين يعشقون فنون القتال والتدريب. لكن وسطهم، كان هناك أميرٌ يختلف عنهم، أمير الثلاث، "شمس".

لم يكن يحب التدريب، رغم أنه أمضى خمس سنوات في تعلم فنون القتال والتعامل مع الأسلحة، لكنه لم يكن يرى في الأمر متعة كما يفعل أشقاؤه.

كان يجلس متأملاً، يراقب إخوته بملل، فهو هنا فقط لأن والده يُجبره على التمرين ليصبح أقوى. لكن قلبه وعقله كانا في مكان آخر، في ذكريات والدته التي لم يعرفها قط، لكنه كان يشعر بها دائماً قريبة منه.

نظر إلى السماء وهمس لنفسه:

_"أمي، ليتني كنت معكِ... هذه الحياة مؤلمة جداً... رحمكِ الله يا أمي."

كان دائماً يتذكرها، يشعر بها تسكن قلبه، وكأنها لم ترحل قط، بل ما زالت تحرسه من بعيد. كان يراها في أحلامه بين الحين والآخر، فتمنحه لحظات من الدفء وسط برودة الواقع.

"عاصف"، أحد إخوته، اقترب منه وضربه على كتفه بمزاح ليخرجه من شروده:

_"فيما تفكر؟ هيا، انهض! عليك أن تتدرب."

"شمس"، بانزعاج:

_"لماذا فعلت ذلك؟ لا أريد أن أتدرب، يكفي أنني تعلمت كيف أتعامل مع الأسلحة وفنون القتال."

"عاصف"، بابتسامة خفيفة:

_"أخي، أعلم أنك لا تحب التدريب، لكن التعلم وحده لا يكفي! التدريب يجعلك أقوى وأسرع... هيا انهض."

"رعد"، مؤيدًا:

_"كلام عاصف صحيح، هيا، سنتدرب نحن الثلاثة معًا."

لكن "شمس" رد عليهما بنبرة مختلفة، وهو ينظر إليهما بجدية:

_"هل انتهيتما؟ نحن لا نتدرب سوى لنهاجم الأبرياء في حدود مملكة 'الفردوس'! أنتما تعلمان أن 'الفردوس الأرض' لا تنوي القتال، لكنكما مصرّان على الحرب."

"رعد"، بغضب واضح:

_"شمس! هل أنت واثق أنهم أبرياء؟ مملكة 'الفردوس الأرض'؟! لا أعلم لماذا يسمونها هكذا! 'لعنة الأرض' اسمٌ أفضل، فهم يستحقونه!"

قالها وهو يمتلئ حقدًا تجاه تلك المملكة.

نهض "شمس" متأففًا، فقد أدرك أن لا فائدة من الحديث مع إخوته، الذين لا يرون سوى القتال وسفك الدماء.

"عاصف"، متسائلًا:

_"إلى أين تذهب؟ لم ننهِ التدريب بعد."

"شمس"، ببرود:

_"سأذهب للاستحمام، هل لديك مانع؟"

"رعد"، مستهزئًا:

_"أتمم تدريبك أولاً، ثم افعل ما تشاء..."

قبل أن يكمل حديثه، دخل الخادم "نورس" بعد أن سمح له "عاصف" بالدخول.

"عاصف"، متسائلًا:

_"ماذا هناك، نورس؟"

"نورس"، بانحناءة احترام:

_"يا صاحب السمو، الملك يطلبكم جميعًا في قاعة العرش."

"عاصف"، بإيماءة سريعة:

_"حسنًا، سنأتي فورًا. يمكنك الانصراف."

بعد أن غادر الخادم، التفت "عاصف" إلى "شمس" ومد يده نحوه قائلاً:

_"أخي، لا أعلم من أين أتيت بهذه الأفكار، لكننا لم نقتل أهل الحدود الأبرياء. نحن نقاتل فقط الجنود الذين يتجاوزون حدودنا."

لكن "شمس" لم يكن مقتنعًا، كان يعلم أن "عاصف" يكذب على نفسه قبل أن يكذب عليه. فهذه أوامر الملك، وليس بيد "عاصف" أو "رعد" أن يغيروا شيئًا.

تنهد "شمس" قائلاً، وهو يحدق بعيدًا:

_"عاصف، لا تهتم... لن أناقشكم أكثر."

"رعد"، ضجرًا:

_"سأذهب، أكملوا دراما الأخوة هذه وحدكما."

قالها قبل أن يغادر ساحة التدريب ويختفي من أمامهما.

"شمس"، بقلق:

_"عاصف..."

لكن "عاصف" قاطعه، واضعًا يده على كتفه:

_"هيا، يجب أن نذهب إلى والدي، سنعرف دوره هذه المرة."

توجه الأخوان إلى قاعة العرش، وقلب "شمس" ممتلئ بالقلق... هل سيكون دوره الآن؟ أم أن والده سيكلف أحدًا آخر بالذهاب إلى الحدود؟

داخل القاعة، كان الملك يجلس بفخر، ينظر إلى أبنائه الثلاثة كأنهم كنوز، كل واحد منهم أغلى من الآخر.

كان "رعد" يتحدث معه في مواضيع مختلفة، قبل أن يرفع الملك يده، مشيرًا إلى الصمت.

"الملك"، بنبرة حازمة:

_"حسنًا، رعد، افعل ما تراه مناسبًا."

"رعد"، مبتسمًا بفخر:

_"حاضر، يا مولاي."

التفت الملك إلى أبنائه الثلاثة، وصوته يصدح بوضوح:

"لقد دعوتكم اليوم لأخبركم بأمر مهم... حسب قانون المملكة، كل واحد منكم عليه أن يؤدي مهمته في الحدود. عاصف ذهب أولًا، ثم لحقه رعد، والآن... جاء دورك يا شمس!"

كانت نبرة الملك صارمة، ونظراته مليئة بالغضب تجاه ابنه _"شمس"، الذي كان يرفض دائمًا الذهاب إلى الحدود.

أنهى "رعد" مهمته، بعد أن أمضى ستة أشهر هناك، وكان يأتي كل شهر إلى القصر لفترة قصيرة. والآن، لم يعد هناك مجالٌ للرفض... جاء دور "شمس"، ولا مهرب من ذلك.

"شمس" قالها وعيناه على الأرض بهدوء شديد:

_مولاي، ألا توجد مهام غير الحدود؟

الملك بغضب:

_"شمس"، قبل أن تتكلم انظر إلي، أنت ابن "سقر" .... لست من الخدم .. مفهوم؟ مهمتك هي الحدود ولن تتغير.

"عاصف" محاولًا تهدئته:

_أبي، أثق بـ"شمس"، سيتمم المهمة بكل قوة .. صحيح، "شمس"؟

قالها "عاصف" وهو يعلم أن أخاه حزين، لا يريد أن يذهب، ولكن بالنهاية، هذه أوامر الملك.

"شمس" كان ينظر إلى والده وقال:

_أبي، سأذهب .. ولكن اليوم ذكرى وفاة أمي .. بعد المراسم سأذهب.

بعدما سمع الملك كلام ابنه، تغيرت ملامحه.

الملك ببرود:

_"شمس"، لا حاجة للمراسم، وما الفائدة منها؟ ستذهب حالًا.

"شمس" حبس غضبه بداخله وقال بوضوح شديد:

_أبي، كيف لا حاجة؟ كل سنة نحضر المراسم..... لماذا اليوم؟

الملك قالها بكل برود:

_"شمس"، ما الفائدة من المراسم لشخص خائن؟ كنت أسمح لك كل سنة من أجلك، لكن الآن لا مراسم.. يكفي .. أنت كبرت على هذه الأشياء ... يكفي يا "شمس".

"شمس" بعدما سمع كلام والده عن أمه، قال بغضب شديد:

_كيف تكون خائنة؟! لم تخنك، ذهبت من أجل عائلتها لأنها اشتاقت إليهم ... هل الاشتياق للأهل يُعد خيانة بالنسبة لك؟

كان يتكلم وهو يحاول كتم دموعه، يشعر بحرقة في قلبه، بينما كان الملك غاضبًا جدًا من ابنه.

"مالك" بغضب:

_هي خائنة، "شمس"! تعلم أنها وعدتني ألّا تذهب إلى "الفردوس الأرض" بعد أن خانني ملكهم... لكنها عصت أوامري في النهاية.

ازداد غضب الملك، وبجانبه وعاء من الفواكه، أمسك به وألقاه بعيدًا عنه.

"رعد" قالها بعدما كاد يُصاب بالوعاء:

_أبي، أهدئ من روعك!

"شمس" قائلاً:

_أبي، أنت تعلم أنها لم تخنك ولم تخن المملكة.

الملك وهو يهمّ بالمغادرة:

_أنا سأذهب، لن يجدي الكلام معك... "رعد"، أخبر الحكيم أن يأتي إلى جناحي بسرعة!

قالها الملك وهو يستقيم مغادرًا إلى جناحه.. كان "عاصف" مصدومًا مما حدث، فهو يعلم أن "شمس" لم ينسَ أمه يومًا، صحيح أن أم "شمس" لم تكن أمه، لكنها كانت بالنسبة له كأمٍ حقيقية. تقدم نحو أخيه وربّت على كتفه.

"عاصف" بحنان:

_أخي، أعلم أنك منكسر من عمق قلبك بسبب ما حدث... أمك كانت أجمل أم على الإطلاق. عشت معها سنتين فقط، لكنها كانت بالنسبة لي سنواتٍ طويلة، صحيح أنني كنت صغيرًا حينها، لكنني أتذكرها بوضوح.

"شمس" بحزن:

_هل كانت أمي حنونة جدًا؟

"عاصف" قالها بكل حنان، وهو يتذكر لحظاته مع أمه:

_أحن أم، مثل اسمها "جنات"... رحمها الله.

"شمس" قالها وهو يتمنى أن يراها ولو للحظة، شعر ببعض الغيرة من أخيه:

_رحمها الله.

ذهب "شمس" مع "عاصف" إلى ساحة القصر، ليساعده على تحضير أمتعته، فقد كان عليه أن يغادر اليوم إلى الحدود.

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

("ذلك النور")

قبل سبعة وعشرين عامًا، كانت مملكة "الفردوس الأرض" و"نعيم الأرض"، التي تُعرف الآن بـ"الجحيم الشمس". ولكن من الأصل، كانت وما زالت تُسمى "الجحيم الشمس"، وذلك قبل أن يصبح الملك "سقر" ملكًا. كان الملك "سقر" لا يحب الظلم، لكنه في النهاية ابن الملك "عسير" الرحال.

كان الملك "سقر" والملك "نورسين" صديقين وأخوين، لكن هذه الصداقة لم تدم أبدًا.

"نعيم الأرض" هو الاسم الذي أطلقه الملك "سقر" بعد تعاونه مع "فردوس الأرض".

في مملكة "الفردوس الأرض"، في وسط الحديقة الأمامية للقصر، كانت الملكة "نجمة" تسرّح شعر أختها "جنات".

"جنات" أكبر من "نجمة"، فالأولى تبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، بينما الثانية عشرون عامًا.

لكن "نجمة" تزوجت من الملك "نورسين" قبل عام، بعد حب دام ثلاث سنوات، حيث تعرّف عليها من خلال وزيره "عمران"، والد "نجمة" و"جنات".

قالت "جنات" على استحياء:

_ هل سيأتي الملك "سقر" اليوم؟

"نجمة" بمزاح:

_ لماذا تسألين؟ لا أعتقد أنه سيأتي... هممم.

عدّلت جلستها والتفتت إلى أختها، ثم ابتسمت لها ابتسامة شبه حزينة.

قالت "نجمة" وهي تسألها مجددًا:

_ لماذا تسألين؟

"جنات" بتوتر:

_ فقط أسأل... مجرد سؤال... لماذا تدققين في كل شيء؟

"نجمة" وهي تواصل تسريح شعر أختها:

_ "جنات"، أعلم لماذا تسألين، لقد وقعتِ في حب الملك "سقر"، أعلم كل شيء... عيناكِ تفضحانكِ.

استقامت "جنات"، متفاجئة من كلام أختها، أرادت الهروب، لكن أختها أمسكت بيدها وسحبتها إلى صدرها واحتضنتها بحنان.

قالت "نجمة" وهي تمسح على شعرها بهدوء:

_ "جنات"، لماذا الخجل؟ في النهاية، قلبكِ سيتعلق بشخص، سواء كان "سقر" أو غيره.

رفعت "جنات" رأسها وقالت بثقة:

_ لن يكون سوى هو.

قهقهت "نجمة" بخفة:

_ يا فتاة، لماذا الانفعال؟ مجرد كلام... سيأتي قبل حلول الغروب.

"جنات"، بفرح، احتضنت أختها بقوة من الحماس.

اختنقت "نجمة" بمزاح:

_ ابتعدي، كدتُ أختنق من حماسك الزائد!

"جنات"، بحماس:

_ أختي، آسفة! أريد أن أجهّز نفسي قبل أن يأتي... آه، وداعًا!

لكن فجأة، أمسكت "نجمة" بيد "جنات":

_ إلى أين أنتِ ذاهبة؟ ماذا ستجهزين؟ ما الذي أراه الآن؟ أختي، أنتِ فاتنة الجمال.

قالت "جنات" بشغف، وهي تنظر إلى الفراشات من حولها:

_ "نجمة"، في نظركِ أنا جميلة، لكنني أريد أن أكون الأجمل في نظره. وإن كنتُ الأجمل، فلن يحب غيري. ولكنني لا أعلم، هل يحبني أم لا؟ أم أننا مجرد أصدقاء؟ أنتِ أحببتِ "نورسين" قبل أن يصبح ملكًا، وهو أحبكِ أولًا، واعترف لكِ بحبه. حينها، تمنيتُ أن تكون لي قصة حب مع شخص يأسر قلبه قبل أن يأسر قلبي. لكن حدث العكس، أنا التي وقعت في حبه، وهو لا يعلم بذلك. أختي... أحببته من أول نظرة يوم زفافكِ، لكنني لم أكن أعلم أنه ملك. بعد كل المحاولات، أصبحنا أصدقاء... كلما أتى إلى القصر، كان يدعوني للمشي معه في الحديقة. حينها، كان قلبي يكاد يخرج من صدري لقربه مني، وكنا نتحدث في أمور عشوائية، لكن كل كلمة كانت تلامس قلبي.

استمعت "نجمة" إلى أختها بكل إنصات، ثم قالت:

_ هل أحببته منذ عام؟ لكنني أعرف الملك "سقر" منذ عام ونصف، عندما أصبح "نورسين" ملكًا... ربما لأنكِ كنتِ في شرق "الفردوس" حينها؟

_ تعلمين أنني أتيت إلى القصر قبل زفافكِ بشهر، أختي.

_ ذاكرتي ضعيفة، ليست مثلكِ، خارقة! عليّ أن أذهب، لم أرَ الملك منذ الصباح... سأذهب، هممم.

"جنات"، متصنعة الغضب:

_ بهذه السرعة يشتاق قلبكِ له؟! ماذا عن حالي؟! أشتاق له منذ أكثر من شهر ونصف!

طبطبت "نجمة" على كتف أختها بحزن متصنع، ثم غادرت إلى الملك. دخلت جناحه، فوجدته مستلقيًا على سريره. جلست على طرف السرير، وأخذت تمسح على شعر زوجها الحبيب.

"نورسين" ابتسم وهو يشعر بلمسات زوجته، ثم قال بهدوء:

_"أخيرًا، بعد كل هذا التعب، أحتاج إلى لمساتك يا ملكتي."

عدّل جلسته وطبع قبلة ناعمة على شفتيها بحب… لكنها لم تكن كافية.

أحاط خصرها بيديه وقبّلها بعمق أكثر.

"نجمة" خجلت بشدة، ونظرت إلى الأسفل:

_"هل اشتقت إليّ بهذه السرعة، عزيزي؟"

ما إن نطقت بكلمتها حتى فاجأها بقبلة أعمق، جعلتها تلهث من شدّتها.

نظر إليها بحب، ثم طبع قبلة على جبينها وظهر يدها، قبل أن ينهض من السرير.

مرر "نورسين" يده على شعرها بحنان وقال:

_"لمَ أنتِ خجولة؟ كان بإمكاني أن أكمل ما بدأناه، لكنك تعلمين أن الملك "سقر" سيأتي إلى القصر قبل غروب الشمس... ولكن عندما يحلّ الليل، سنكمل... همم؟"

شعرت "نجمة" بفراشات تحلّق في معدتها، لكنها سألته بفضول:

_"لماذا سيأتي "سقر"؟"

_"لا أعلم يا نجمة... كل ما في الأمر أنه أرسل إليّ البارحة رسالة مع أحد حراسه، يخبرني بأنه سيزور "الفردوس الأرض"... لكن ما السبب؟ لا أعلم."

---

قبل الغروب بساعة، وصل الملك "سقر" إلى القصر.

رحّب به الملك والملكة بكل احترام وتقدير.

قال الملك بسرور:

_"يا لها من مفاجأة، أيها الملك"سقر"!"

لم يتحدث "سقر"، بل حرك عينيه بنظرة فهم منها "نورسين" أنه يريد إخلاء قاعة العرش.

أمر الملك الجميع بالخروج خلال دقيقة، وبالفعل، غادروا القاعة.

تقدم "سقر" من "نورسين"، وكان التوتر واضحًا على ملامحه.

أدرك "نورسين" أن هناك أمرًا خطيرًا جعله يأتي بهذه السرعة.

"نورسين"، بقلق:

_"هل كل شيء على ما يرام، "سقر"؟! هل حدث شيء؟ هل—"

قاطعه "سقر" بجدية:

_"نورسين، هناك عدوٌّ داخل قصرك! علمتُ بالأمر صدفة البارحة… كنت في رحلة صيد مع جنودي، وكانوا منتشرين حول الغابة، بينما كنتُ نائمًا في خيمتي وقت الظهيرة..."

توقف فجأة، فتملّك الفضول "نورسين" وسأله بلهفة:

_"أكمل، ماذا حدث؟!"

تنهد "سقر"، ثم تابع:

_"سمعتُ صوت خطوات تقترب، كانت على بعد متر أو متر ونصف. نهضتُ وتقدّمتُ، لكنني لم أرَ أحدًا... حينها، وجدتُ رسالة ملقاة تحت صخرة. قرأتها أكثر من خمس مرات، ولم أستوعب كيف وصلت إلى هناك أو متى!"

أخرج الرسالة، وناولها إلى "نورسين"، الذي قرأها بتمعن ووضوح شديد.

محتوى الرسالة:

"سيُنقل مخزون القمح إلى جنوب مملكة "الفردوس الأرض"، وسيتوزّع فقط على أهل الجنوب.

هذا القمح فاسد! الجنوب فقط، مفهوم؟

أنت تعلم ما هو دورك.

إن لم تنجح، فاعلم أنك ستكون السبب في مقتل أمك."

الختم: "عث"

"أحد المعارف"

ما إن رأى "نورسين" الختم، حتى أدرك هوية العدوّ… فصُدم بشدة.

_"أنا أيضًا صُدمت!"

قال "سقر" بجدية:

_"لم أكن أعلم أن الخائن هو الوزير "عثمان"… زوج أختك! لكن، "نورسين"، أعتقد أن هذه الرسالة قد تكون فخًا… لا أعلم، ولكن كإجراء احترازي، علينا التأكد من حالة أهل الجنوب قبل أن تخسر ثقة شعبك."

أخذ الملك "نورسين" نفسًا عميقًا، ثم أمر أخاه الأمير "بدر" بالتحرك فورًا مع مجموعة كبيرة من الجنود إلى الجنوب، للاطمئنان على أهل المملكة.

كما أصدر أمرًا بالقبض على الوزير "عثمان".

ولم يخبر أخته بأمر زوجها، لأنها مريضة طريحة الفراش منذ عشرة أشهر.

عندما وصل "بدر" إلى الجنوب، سيطر على الوضع قبل وقوع الكارثة.

تم القبض على حراس "عثمان" عند الحدود، وبعد استجوابهم، اعترف قائدهم بالحقيقة "لو لم نرسل القمح الفاسد، كانوا سيقتلون أمي!"

كان "أمجد"، قائد الحرس، هو من وضع الرسالة تحت الصخرة قرب خيمة الملك "سقر".

كان يعلم أن "نورسين" لن يصدق بسهولة أن زوج شقيقته يمكن أن يخونه، لذا لجأ إلى هذه الحيلة الذكية.

لكن قبل أن يضع الرسالة، كان قد أخفى والدته في مكان آمن، بعيدًا عن "الفردوس الأرض".

بعدما علم أن "عثمان" كان يحتجزها في أحد الكهوف على حدود "نعيم الأرض"، والتي تحولت الآن إلى "جحيم الشمس"…

أصبح "عثمان" خائنًا لمملكته، ومصيره أصبح واضحًا

مكان مظلم، لا يوجد فيه سوى العذاب!

لم يستخف الملك "نورسين" بالأمر، بل أمر "أمجد" بإحضار والدته إلى القصر، وكافأه بتعيينه وزيرًا لمنطقة الجنوب، بديلًا للخائن "عثمان".

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

مرت يومان، وكان الملك "سقر" و"نورسين" منشغلين تمامًا بما حدث.

وفي قاعة الطعام، اجتمع الجميع لتناول الغداء.

كانت "جنات" تشعر بقلبها يخفق بشدة، فمنذ يومين لم ترَ "سقر" بوضوح لانشغاله.

والآن… هو أمامها!

كان "سقر" يتحدث مع "نورسين" عن أمور عشوائية، لكنه فجأة قال بوضوح:

_"سأغادر غدًا إلى "نعيم الأرض"، ولكنني جئت أيضًا من أجل أمر آخر… خبر مهم، لكن لن أقوله الآن. عندما تحين الفرصة، سأخبرك به يا ملك "نورسين"."

نظر إليه "نورسين" بتوجس، وعدّل ملامحه الجادة:

_"ما هو الخبر؟ ولمَ ليس الآن؟ هل هو مثل الخبر الأول؟"

ابتسم "سقر" ونظر إلى "جنات" للحظة، ثم عاد بنظره إلى "نورسين" وقال:

_"لا تقلق، لن يكون مثلما تفكر، يا "نورسين"."

انتهوا من الغداء، وذهب "سقر" إلى الحديقة مع مساعده يتحدثان، ثم أمر مساعده أن ينفذ ما طلبه منه.

كانت الأجواء خريفية جميلة، والأشجار تتساقط، والريح خفيفة. كان "سقر" يتأمل المنظر، ثم لمح "جنات" وهي تتحدث مع إحدى الخادمات وتضحك. كان يراقب ابتسامتها، وكل ابتسامة كانت تأسر قلبه أكثر. شعر بالتوتر لكنه تقدم نحوها، وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يصل إليها.

حيَّت الخادمة الملك ثم غادرت، ليصبح هو و"جنات" وحدهما.

"سقر" بابتسامة هادئة:

_ كيف حالكِ، جنات؟

دق قلبها بجنون من سؤاله، واحمرّ وجهها كحبة طماطم، ثم ردت وهي تلمس وجهها بتوتر.

"جنات":

_ بأحسن حال، مولاي.

قال في داخله، وهو يشعر بالتوتر:

"حتى هي متوترة… ازدادت جمالًا، أشعر أن قلبي سيخرج من ضلوعي!"

"سقر" بهدوء:

_ هل تسمحين أن نجلس على المقاعد القريبة من البركة هناك؟

"جنات" بسرعة:

_ كما تحب، مولاي.

تقدَّم نحو المقاعد، وهي تسير خلفه. سمح لها بالجلوس بجانبه، وكان المنظر ساحرًا. البطّ يسبح في البركة، وأوراق الخريف تتساقط. إحدى الأوراق سقطت على كتف "جنات"، فمد يده بهدوء ليزيلها، لكن قبل أن يلمسها، استقامت فجأة.

"سقر" بتوتر:

_ لم أقصد شيئًا، جنات… كل ما في الأمر أن ورقة شجر سقطت على كتفك.

"جنات" بخجل:

_ لا عليك… كنت أريد أن…

قاطعها بلطف:

_ "جنات"، اجلسي من فضلك. لماذا الخجل؟ نحن أصدقاء، همم؟

جلست بجانبه وقالت:

_ لا، لم أخجل، يا ملك "سقر"، كل ما في الأمر أنني لا أريد إزعاجك… فقط.

كان ينظر إليها كأنها آخر امرأة على وجه الأرض، متوترًا لأنه سيخبرها بشيء يشغل باله منذ أكثر من شهرين.

"سقر" بوضوح:

_ "جنات"، أريد أن أخبرك بشيء قبل أن يعرفه أحد في القصر، حتى زوج أختك.

أمسك يدها بلطف، فشعرت بالمفاجأة وخفق قلبها بشدة.

"جنات":

_ ما هو؟

_ ما رأيك أن نتمشى حول القصر؟ الأجواء جميلة.

_ كما تريد، يا ملك "سقر".

وقف، وما زال يمسك يدها، وغادرا القصر. الحراس كانوا مستغربين من تصرف الملك، أما هي فشعرت بإحراج شديد.

"سقر" وهو لا يزال ممسكًا بيدها:

_ سامحيني، لم أقصد إحراجك.

"جنات" بخجل:

_ لا عليك.

ترك يدها وابتعد عنها قليلًا، لكنه كان يخفي خلف ظهره صندوقًا صغيرًا. نظر إليها من الأسفل إلى الأعلى، وبعد أن تأكد مما يدور في رأسه، قرر أن يقول ما في قلبه الآن، دون تأجيل.

"سقر" بهدوء:

_ "جنات"، هل تقبلين الزواج بي؟

قالها، وكانت صدمة لها. كادت تلتفت عنه، لكنه أمسك يدها وسحبها إليه، فنظرت إلى الأرض.

"سقر" وهو ينظر إلى عينيها:

_ "جنات"، أعلم أن هذا الخبر صادم لكِ، لكن… أنتِ أخذتِ قلبي منذ أول ابتسامة رأيتُها منكِ. ذلك اليوم لن أنساه أبدًا. كل يوم تأتين إلى منامي، وأشعر أنني أريد أن أخطفك من غرفتك وأضعك في حضني. كل لمسة منكِ تجعلني أشعر أنني سأجن. أحببتك أكثر مما تتخيلين، ولم أشعر بهذا الشعور إلا معكِ أنتِ… أنتِ قلبي وكياني.

كل كلمة قالها جعلت "جنات" تشعر بفراشات تملأ جسدها. لم تتوقع هذا الاعتراف، لقد تحققت أمنيتها. كانت تريد أن تعانقه، لكنها كانت خجولة. بعد أن أنهى كلامه، احتضنها، لكنها لم تبادله العناق. رفعت رأسها بتوتر شديد وقالت:

_ أنا!

_ لا عليكِ، خذي وقتكِ… لكن يجب أن تعلمي أن لدي طفلين، "عاصف" و"رعد". مهما كان قراركِ، سأحترمه.

أمسكت يده برقة، فنظر إليها يلمسها بلطف. كانت تعلم أنه لديه طفلين، لكنها لم تهتم، فهي تريده هو، لا غيره.

نظرت إليه وقالت:

_ يا ملك "سقر"…

قاطعها بلطف، ممسكًا وجهها بحب:

_ فقط "سقر"، همم، يا جنتي؟

قالت بتوتر:

_ "سقر"، أنا أقبل أن تكون رفيق دربي.

قالتها ثم قبلت خده بهدوء.

نظر إليها بشغف وقال:

_ سأكون قلبكِ وكيانكِ وروحكِ وملككِ، يا جنتي.

قدم لها الصندوق الذي كان بيده، فأمسكته بهدوء، وقلبها يرقص. سألته:

_ ما هذا؟

قال وهو يمسح على مؤخرة عنقه بتوتر:

_ افتحيه، إنه شيء يشبهكِ.

فتحته، فوجدت قلادة منقوشة على شكل الشمس، تجمع بين اللونين الأصفر والأبيض. أعجبتها الهدية كثيرًا.

"جنات" بحماس خفيف:

_ هل أنا أشبه الشمس؟

"سقر" وهو يبتسم:

_ أنتِ أجمل من كل شيء...... لكن هذه القلادة تشبه نوركِ.

"جنات" باستغراب:

_ كيف؟ هل لدي نور ولا أعلم؟

أمسك بالقلادة ليضعها لها، فأعطته ظهرها، فواصل حديثه:

_ أنتِ ستكونين أمًّا لطفل اسمه "شمس". لا أعلم… ربما تكون فتاة تشبهكِ، أو فتى يملك ابتسامتكِ.

"جنات" بدهشة:

_ كيف تعلم ذلك؟ كيف سأكون أمًّا لطفل اسمه "شمس"؟

نظر إليها وهو يقول بهدوء:

_ طوال الفترة الماضية، أرى نورًا ينبعث من بطنكِ… هذا ما حدث مع أمّ طفليّ، لكن نوركِ أقوى. نورها كان أزرق وليس قويًّا مثلكِ. أنا فقط من يرى هذا النور، فهذه ميزة ورثتها من عائلة أمي، ولا أحد يعلم بها، حتى أمّ "عاصف" لم تكن تعلم. أحببتكِ قبل أن أرى نوركِ، يا جنتي.

"جنات" بدهشة:

_ لماذا سميتم "عاصف"؟ ولماذا كان لون نور زوجتكَ أزرق؟

_ أمه هي من سمّته "عاصف"، لكن اسمه الحقيقي حسب نوره كان "شفق".

نظر إلى شفتيها وقال بحب:

_ جنتي…

كانت مصدومة مما سمعته. هي الآن تعرف اسم طفلها قبل أن تتزوج!

سحبها إليه وقبّلها بشغف. كانا غارقين في اللحظة، تمسك بكتفه، وهو يمسك وجهها.

نظر إلى شفتيها التي أصبحت بلون الكرز وقال:

_ سأخبر الجميع الآن، لا ولدك وملك "نورسين"… لن أستطيع الانتظار أكثر.

أخبر الملك، ففرح بالخبر، ثم طلب يدها من شقيقها الوزير "عمران"، فوافق والدها. وفي اليوم التالي، تمت الخطوبة، وبعد شهر، أصبحت زوجته الجميلة، "الملكة جنات".

•✠•❀••✠•❀••✠•❀•

يتبع…

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon