NovelToon NovelToon

كنتُ الحب الغير متبادل للبطل

001

«المقدمة»

كان القمر المضيء معلقًا في السماء، فيما كانت الحديقة المظلمة لقلعة هارفل الشمالية موحشة وخالية من أي حياة.

عندما لامس النصل البارد لسيفه مؤخرة عنقي، استدرت ببطء لمواجهته.

كان القمر المضيء معلقًا فوق رأس الدوق كايرون، ينير الحديقة المظلمة بضوء بارد، مشعًا بهالة خافتة محملة بنية قاتلة.

"هل ظننتِ أنني سأكون سهل الخداع لهذه الدرجة؟"

نطقت بصوت مرتجف، بينما كنت أحاول بكل ما أملك أن أسيطر على ارتعاش فكي.

"أنا لست وحشًا، دوق كايرون."

"لكنَّكِ لستِ أرييلسا روكمان أيضًا."

لم يكن هناك أدنى تردد في صوته.

"اعتبري موتكِ بيدي نوعًا من الرحمة."

قال الدوق كايرون ببرود وهو يرفع سيفه.

صرخت على عجل: "أرييلسا لم تعد موجودة! أنا أرييلسا الآن!"

ضيّق الدوق كايرون عينيه ونظر إليّ للحظة.

كان من الطبيعي ألا يفهم، حتى أنا لم أكن أفهم تمامًا ما حدث.

"أرييلسا اختفت عندما سقطت من السلم... لقد رحلت في تلك اللحظة."

تبدلت ملامحه لتصبح حزينة، لكنه بدا وكأنه تقبل وفاة أرييلسا.

بصوت عميق، سألني: "إذن، من تكونين أنتِ؟"

"أنا من عالم آخر، من ذلك العالم الآخر."

"هراء."

نظر إليّ بنظرة باردة تفوق برودة الأرض المتجمدة تحت قدمي.

"تذكر كم مرة أنقذتك."

سادت لحظة صمت قصيرة لكنها ثقيلة.

أخيرًا، أعاد سيفه إلى غمده.

"إذن، أنتِ امرأة أخرى تسكن جسد أرييلسا؟"

"نعم."

"وتعرفين مستقبلي؟"

"نعم."

"وستساعدينني؟"

نظرت في عينيه وأجبت بثبات: "نعم، سأفعل."

"سيكون ذلك مفيدًا."

اقترب مني بخطوة كبيرة. وعندما رأيت أنفاسي تتناثر أمام وجهه، أدركت فجأة أننا كنا قريبين جدًا.

نظر إليّ وقال بصوت خافت: "أنتِ ملكي الآن. لا تنسي ذلك."

* * *

دوق، أشرب الشاي.

عندما فتحتُ عيني، تلاقت نظراتي مع رجلٍ في منتصف العمر يبدو غاضبًا، وكان يضع يده الكبيرة على جبيني.

"آه!"

بينما كنتُ أصرخ، ضمّ ذراعيه بنظرةٍ غير راضية.

ثم حكّ لحيته القصيرة التي بدا وكأنه تعمّد إطالتها، وقال: "تبدين بخير."

"آه! أوه..."

رفع ذراعه القوية وضرب جبيني بخفّة. كانت الضربة مؤلمة بما يكفي لتجعلني أتوقف عن الصراخ.

"كم مرة ستصرخين عندما ترين وجه والدك؟ لقد فعلتِ ذلك بما يكفي عندما كنتِ طفلة!"

"والد...؟"

نظرتُ إليه.

رجلٌ ذو شعر بني داكن مُجعَّد بشكلٍ غريب يصل إلى مؤخرة عنقه، وكتفين وذقن عضليين لدرجة أنهما بديا كأنهما مربعان، وكان يدّعي أنه والدي.

الصدمة جعلت شعر جسدي يقف.

كنتُ متأكدة أنني كنتُ في طريقي إلى الأكاديمية...

ولكن لم أسمع يومًا عن منحرف يختطف امرأةً بالغة ويدّعي أنها ابنته.

سحبتُ البطانية حتى عيني، وأنا أرتجف.

نظر إليّ بامتعاض، غير راضٍ عن تصرفي، ثم قال: "هل أنتِ بخير؟"

لم أستطع التحكم في نفسي وصرخت:

"سيدي، أرجوك دعني أذهب!"

في تلك اللحظة، فُتح الباب فجأة، ودخل شاب طويل، لكن "والدي المزعوم" صاح بغضب:

"ألا تتعرفين على والدكِ الآن، أرييلسا؟"

تدخل الشاب قائلاً: "يبدو أن أفكار أرييلسا الخفية ظهرت. ليس فقط أرييلسا، بل حتى الفرسان يتمنّون لو لم يكن سير جورج هو قائد التدريب لعائلة هارفل."

بدت كلماته كأنها مزحة، لكن نبرته الباردة جعلتها تبدو كسخرية.

"اخرس، تشايرس."

واصل حديثه موجهًا كلامه إليّ:

"أرييلسا، لقد سقطتِ من السلم أثناء قطف التفاح في الدفيئة. لقد أغمي عليكِ للحظة. كيف تنسين والدكِ بسبب شيء كهذا؟ كنتِ تسقطين من الأشجار باستمرار حتى بلغتِ السابعة!"

كانت الأسماء الغريبة تدور في ذهني مثل العاصفة.

أرييلسا، جورج، تشايرس، عائلة هارفل...

"تفاح؟"

"نعم، تفاح لصنع فطيرة التفاح للدوق كايرون!"

الدوق كايرون؟

يا إلهي...

في تلك اللحظة، اقتربَ تشايرس من سريري وقال:

"أرييلسا، الدوق يطلبكِ. أفهم أنكِ قد ترغبين في قطع علاقتكِ بوالدكِ الأحمق، لكن من الأفضل أن تذهبي الآن. الدوق في مزاجٍ سيئ."

"همف..."

عقدَ جورج ذراعيه الضخمتين، اللتين كانتا سميكتين لدرجة أنه بالكاد يستطيع طيهما، ونظر إليّ بشكّ.

أما تشايرس، فقد بدا باردًا وغير صبور، كما لو أن همه الوحيد هو إخراجي من الغرفة بأسرع وقتٍ ممكن.

إذا كنتُ أريد الهروب، عليّ إخراجهما من الغرفة أولاً. حاولتُ التفكير في شيءٍ أقوله لتحقيق ذلك، لكن عقلي أصبح فارغًا تمامًا.

"أنا... أنا..."

"هذا غير مجدٍ، سأستدعي الطبيب مجددًا!"

إذا أعطاني الطبيب دواءً غريبًا، سيكون ذلك كارثة.

بينما كان جورج يلوّح بيده في الهواء بإزعاج، سارعتُ بالحديث قائلة:

"آه، آه، أبي. إنني بخير!"

كان من الصعب للغاية أن أنادي رجلًا غريبًا بـ"أبي". لكن عندما تلعثمتُ بالكلمات، ارتخت كتفا جورج وشعر بالارتياح.

"يا لكِ من طفلة شقية! هل تحاولين إخافتي؟"

امتلأت عيناي بالدموع. لم أصدق أنني أساير هذا السيناريو الغريب مع هؤلاء الخاطفين المرضى.

"هل أنتِ متأكدة؟ لقد قال الطبيب أنكِ بخير أيضًا."

"نعم. لقد كنتُ فقط خائفة عندما سقطت! لكنني بخير الآن!"

"كيف يمكنكِ أن تنسي والدكِ بسبب هذا؟"

رفع قبضته الكبيرة كما لو كان سيضرب جبهتي مرةً أخرى.

فكرة التعرض لضربة من تلك القبضة جعلتني أنكمش كسلحفاة تسحب رأسها إلى داخل قوقعتها.

لكن بدلاً من أن يضربني، وضع يده الضخمة على رأسي وفركها بقوة لدرجة أن شعري تشابك.

لقد شعرتُ بالارتباك الشديد من هذه الحركة المليئة بالحب. حتى والدي الحقيقي لم يظهر لي مثل هذا الحب من قبل.

نظر جورج إليّ بتعبيرٍ معقد قليلاً وقال:

"إذا كنتِ قادرة على التحمل، فاذهبي لخدمة الدوق. فهو في حالة مزاجية سيئة اليوم بشكلٍ خاص. لكن إذا شعرتِ بأي شيءٍ غير طبيعي..."

"لنذهب، أرييلسا."

قاطعه تشايرس وهو يلحّ علي مرةً أخرى.

نهضتُ من السرير وأنا أنظر إلى جورج بحذر.

عندما خرجتُ من الغرفة ورأيت الممر الغريب، بقيت واقفةً بلا حراك، سار تشايرس أمامي دون أن ينتظرني.

وأنا أسير في ممر القلعة مثل سجينة تُقاد إلى مصيرها، شعرتُ بالعرق البارد يبلل ظهري.

نعم، هذه كانت قلعة. قلعة من العصور الوسطى، لم أزرها في حياتي قط.

كان هؤلاء الأشخاص ينادون بعضهم بأسماء غريبة، بما فيهم أنا، وكنتُ أعرف تمامًا من أين جاءت كل هذه الأسماء. كان الوضع مريبًا للغاية.

هززتُ رأسي بعدم تصديق.

"إلى أين تذهبين؟"

تشايرس، الذي توقف أمام بابٍ، صرخ بوجهي بينما كنتُ أمشي بدون هدفٍ.

تجمّدتُ في مكاني وأنا أنظر إلى الباب الأسود المهيب أمامي. لكن قبل أن أتمكن من الرد، فتح الباب ودفعني إلى الداخل.

صوت ارتطام.

مع الصوت الخافت لإغلاق الباب خلفي، شعرتُ وكأن قلبي سقط أيضًا.

شهقة.

شعرتُ بأنفاسي تتوقف.

كان رجلٌ طويل القامة، بشعرٍ أسود داكن وبشرة شاحبة بشكلٍ غير طبيعي، جالسًا خلف مكتبه، وعيناه تنظران إليّ بتركيز.

كنتُ متأكدةً الآن أن هناك خطبًا ما بي.

الرجل أمامي بدا وكأنه يضيء. ليس بطريقة ساطعة كإضاءةٍ ساطعة، بل كوهجٍ خافت من مصباح ليلي، ينبعث ضوء ناعم من جسده بالكامل.

كان الأمر أشبه بالنظر إلى قنديل بحر مضيء في أعماق المحيط.

الهالة التي يشع بها تجذب الأنظار دون مجهود، وكأنها تعلن بوضوح أنه شخصٌ مميز واستثنائي في هذا العالم.

بينما كنتُ أقف هناك في حالة ذهول، أحدق كما لو أنني رأيتُ شيئًا لا يجب أن أراه، رفعَ رأسه ببطء وكأن نظراتي أزعجته.

"آه."

عندما التقت عيناه الصافيتان بلون الكهرمان، والتي بدت وكأنها تضيء من تلقاء نفسها، بعيني للحظة، أطلقتُ صوتًا خافتًا.

الهالة التي تحيط به كانت تضاعف من جاذبية ملامحه المذهلة، بدءًا من عينَيه الآسرتين، مرورًا بأنفه الحاد المرسوم بدقة، وشفتيه المشدودتين، وصولاً إلى خط فكه الرجولي الأنيق وكتفيه العريضتين. ذراعاه اللتان تمسكان بالقلم كانتا تبدوان قويتين وصلبتين كالصخر.

فركتُ عيني بجنون بكلتا يديّ، وأنا أصرخ داخليًا، "هذا حلم!"

لكنه فقد اهتمامه بي سريعًا وعاد ليطالع الوثائق أمامه، وقال ببرود:

"أرييلسا، هل لديكِ شيء لتقوليه؟"

صوته البارد جعلني أتجمد في مكاني.

كنتُ مصدومةً جدًا من كل ما يحدث، حتى أنني أدركتُ متأخرةً قليلاً أنه كان يحاول السيطرة على غضبه.

بنوبةٍ من الذعر، أخذتُ أنظر حول الغرفة، وفي النهاية ركزتُ نظري على درعٍ قديم معلق على الحائط. كان محفورًا عليه شعار عائلة هارفل: غزال شمالي.

كل شيء هنا كان مثاليًا...

شعرتُ بالخوف الشديد وبدأتُ بالتراجع ببطء.

اسمي أرييلسا.

القلعة الشمالية. ودوق كايرون.

وحتى الشخصيات الأخرى.

والدي "جورج" هو تابعٌ لعائلةِ هارفل، يُعرف باسم "درع هارفل" بسبب قوَّته الهائلة وقدرته على التحمُّل.

أما الفارسُ البارد تشايرس، الذي دفعني إلى هذه الغرفة، فهو الذراعُ اليمنى للدوق ولُقِّبَ بـ "ثعلب هارفل"، نظرًا لذكائه وحنكته.

لقد كنتُ داخلَ روايةِ الرومانسية الخيالية "الصحراء الثلجية".

"..."

شعرتُ بشفتيَّ ترتجفان، وأنا أحاول أن أتنفَّس بشكلٍ منتظم.

ثم نطقتُ بصوتٍ بالكاد مسموع:

"دو... دوق؟"

عندما ناديتُ باسمه، رفعَ الدوق كايرون رأسه ببطء، مظهرًا علاماتِ الضيق على وجهه، بينما وضع قلمه جانبًا والتفت إليَّ.

هل أنتَ حقًا سيد الشمال، دوق كايرون هارفل؟

(\ (\

(„• ֊ •„) ♡

━━━━━━O━O━━━━━━

ترجمة : اوهانا

انستا : Ohan.a505

الواتباد : Ohan__a505

002

"أوه!"

وضعتُ يدي على فمي بينما كنتُ أترنَّح إلى الخلف باتجاه الباب. دفعني الباب الثقيل بنفس القوَّة التي استخدمتها في فتحه.

"هاه؟"

أثناء محاولتي دفع الباب، أدركتُ بعد ثانيةٍ أو ثانيتين أنَّ عليَّ سحب الباب لفتحه.

في تلك اللحظة، كان الدوق كايرون يُراقبني بنظرةٍ حادَّةٍ تكاد تُحرِق مؤخرة رأسي.

سحبتُ الباب بسرعةٍ واندفعتُ إلى الخارج.

كان الباب ثقيلًا للغاية.

❄❅❄

كم نمتُ؟ دفعتُ اللحاف عنِّي، الذي كان يُغطِّي رأسي بالكامل، وفتحتُ نافذة غرفتي. اندفع نسيمُ الليل البارد، الذي كان باردًا للغاية بالنسبة لشخصٍ يرتدي ملابس النوم.

تحت الهلال الأبيض، الذي بدا كأنَّه مُجمَّد، رأيتُ جدران القلعة الخارجية، وما وراءها غابة كثيفة من أشجار الصنوبر الداكنة تمتدُّ كبحرٍ واسع. كان هذا المنظر الطبيعيُّ المعتاد للمنطقة الشماليَّة.

"بررر."

انكمشتُ تحت برودة الرياح الليليَّة وأغلقتُ النافذة، ثمَّ ضحكت.

"هاهاها، هذا الحلم يبدو واقعيًّا للغاية..."

كانت هذه البرودة واقعيَّةً لدرجة أنَّني كنتُ متأكدة أنَّ هذا حلم. قرأتُ الصحراء الثلجيَّة حتى الفجر، لذا من الطبيعيِّ أن أحلم بشيءٍ كهذا...

لكنَّ الضحكة التي كانت على شفتي توقَّفت، وبدأت شفتاي ترتجفان. شعرتُ وكأنَّ شيئًا مشؤومًا يُمسك بياقتي ويهزُّني بعنف.

فتحتُ النافذة مرَّةً أخرى على الفور.

"برد!" أغلقتُ النافذة بقوَّة وجَلستُ على الأرض.

لم أشعر أبدًا في أيِّ حلمٍ سابق بالبرد القارس يصفع وجهي أو بالملمس الخشن لمقبض الباب الخشبي الذي أمسكتُه. كلُّ شيءٍ كان واقعيًّا جدًا.

"هذا ليس حلمًا..."

شعرتُ بالعرق البارد على جبيني، ليس من البرودة، بل من التوتر.

نهضتُ لأتفحَّص غرفة أرييلسا بعناية.

كانت الغرفة تقع في الطابق العلويِّ من القلعة، وكانت صغيرةً لكنها نظيفة. لم تكن فاخرة، لكنها لم تفتقر إلى شيء.

وبدا أنَّ جورج يُحبُّ ابنته كثيرًا. عندما قال تشايرس إنَّه "أبٌ أحمق"، كان يعني "أبًا يُحبُّ ابنته" بالتأكيد.

غمرتني مشاعر دفينة، وجعلتني أفكِّر مجددًا أنَّ هذا لا بد أن يكون حلمًا.

لماذا؟ لأنَّ والدي لم يُظهر لي مثل هذا الحب من قبل.

بالنسبة لوالدي، كانت أختي الكبرى، ذات الدرجات الممتازة، هي الابنة المثاليَّة. حتى عندما كنا نذهب إلى المتنزهات الترفيهيَّة ونحن أطفال، كان دائمًا يُمسك بيدها ويَمسح على رأسها.

بطبيعة الحال، كنتُ أنا من مسؤوليَّة أمي. لكنَّها كانت تهتمُّ بحقيبة الوجبات الخفيفة التي تحملها على كتفها أكثر مني.

في مثل تلك اللحظات، كنتُ أشعر وكأنَّ وجودي في تلك العائلة كان عديم الفائدة.

ربما لهذا السبب كنتُ أحلم بوجود أبٍ يُحبُّني.

لكن عندما وقفتُ أمام المرآة ولمستُ جسدي، لم أتمكَّن من إنكار واقعيَّة الأمر.

لم يكن هذا حلمًا. لقد أصبحتُ فعلًا أرييلسا من رواية الصحراء الثلجيَّة.

في المرآة، كان شعرها الذهبيُّ المتموِّج ينسدل بشكلٍ جميل، مختلفًا عن شعر جورج الخشن.

ملامحها كانت صغيرةً وناعمة، رغم أنَّ أنفها كان مستديرًا بعض الشيء ولم يكن مرتفعًا كما كنتُ أُفضِّل. ومع ذلك، كان مظهرها لطيفًا بما فيه الكفاية بحيث لم أكن أشعر بالاستياء من ذلك.

لحسن الحظ، لم تكن تُشبه والدها في فكٍّ مربعٍ وجسدٍ ضخم.

كان من حسن الحظِّ أنَّها لم تَرِث الفكَّ المربع والبنية الضخمة من والدها.

كانت طويلةً ونحيفة، لكنها تمتلك جسدًا متناسقًا بما يكفي، فلم تكن لتبدو سيئةً حتَّى بجانب الدوق اللامع.

"أنا الآن أرييلسا لوكمان..."

كان عليَّ أن أعيش الآن في جسد أرييلسا. في رواية الصحراء الثلجيَّة التي لا يتجاوز ظهورها بضعة أسطر في القصَّة.

أرييلسا كانت ابنة جورج، قائد فرسان دوقيَّة هارفل، وكانت أيضًا تعمل كخادمةٍ للدوق.

عندما كان الدوق كايرون طفلًا، رفض جميع الأولاد الذين أُرسلوا للعب معه، مُتعاملًا معهم وكأنَّهم غير مرئيِّين. لذا، أرسلوا له فتاة—أرييلسا. ربما لأنَّها كانت تعتني به كأخٍ أصغر، فقد اعتبرها شخصًا مرئيًّا.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت خادمة الدوق الشخصيَّة عندما كبرت.

لم تهتم أرييلسا بكايرون طمعًا في ترقية والدها. في الحقيقة، لم تكن تعرف حتَّى كيف تُفكِّر بتلك الطريقة.

كانت شخصيَّتها هادئة ولطيفة لدرجة أنَّ دوق كايرون الشديد لم يجد سببًا للشكوى من وجودها حوله.

ومع ذلك، كان دور أرييلسا مُقتصرًا على تقديم الشاي في الاجتماعات، وجلب الماء عندما يذهب الدوق للصيد، وتحضير الوجبات الخفيفة عندما يشعر بالتوتر.

وفي حال واجه الدوق أيَّ مشكلة، كانت تصرخ وتستدعي تشايرس.

في النهاية، كانت أرييلسا مجرَّد شخصيَّة مسؤولة عن تقديم الشاي في هذا العالم.

ألقيتُ بنفسي على السرير، ودخلتُ تحت اللحاف، وحدَّقتُ في السقف المتواضع وأنا أتمتم لنفسي.

"لماذا لم أكن البطلة؟"

لو كنتُ البطلة، هل كنتُ سأشعُّ بنفس تلك الهالة؟

تذكَّرتُ وجه دوق كايرون الذي رأيتُه في النهار. كان جالسًا على مكتبه ممسكًا بالقلم، ورغم أنَّه لم يكن يحمل سيفًا أو يقوم بأيِّ شيءٍ بطولي، إلَّا أنَّ هالته كانت تشعُّ بجاذبيَّة رجوليَّة لا تُقاوم.

مجرَّد التفكير في الأمر جعل قلبي ينبض بسرعة.

يبدو أنَّني كنت الوحيدة التي تستطيع رؤية تلك الهالة—ربما لأنَّني لستُ من هذا العالم.

بالنسبة للآخرين، كان مجرَّد شخص له حضورٌ قويٌّ ومهيب، أو ربما ضغطٌ مخفيّ.

بالرغم من مزاجه الحاد، فقد كنتُ قادرةً على التغاضي عن ذلك. كان ذلك لأنَّه لم يلتقِ بالبطلة بعد، وهذا يُفسِّر تصرفاته.

الصحراء الثلجيَّة كانت قصَّة رائعة حقًّا، ولكن كلما تذكَّرت المزيد من الرواية التي أنهيتها الليلة الماضية، شعرتُ بثقلٍ في صدري.

في النهاية، أدركتُ أنَّني محظوظة لأنَّني لم أصبح البطلة.

الصحراء الثلجيَّة كانت معروفة بأنَّها رواية تُعذِّب البطل، إذ تعرَّض للعديد من المعاناة والصعوبات منذ البداية، حتَّى أنَّ القرَّاء كانوا يتساءلون إذا ما كانت الكاتبة تكره شخصيَّة البطل.

ورغم أنَّني أحببت شغفه وإصراره تجاه البطلة، إلَّا أنَّ البطلة لم تكن قادرةً على أن تكون معه إلَّا في منتصف الرواية بعد أن مرَّ البطل بكلِّ تلك المعاناة. وذلك لم يحدث حتَّى الجزء الأخير من الرواية.

عندما فكَّرت في ذلك، كان من الأفضل بكثير أن أكون الخادمة التي ترافقه يوميًا، بدلًا من أن أكون البطلة التي بالكاد تراه وتُعاني.

نعم، هذا صحيح. سأرى الدوق كايرون غدًا. وبعد غد. واليوم الذي يليه...

مقابلة دوق الشمال، أعظم رجلٍ في هذا العالم، وهو "حيٌّ ويتنفَّس" أمامي، كانت تجربةً مثيرة.

لكن الأهم من ذلك، أنني لستُ مجرَّد شخصيةٍ في هذا العالم. إذا كان لدى الدوق كايرون هالةٌ قوية، فإنني أمتلك سلاحًا أقوى: معرفةً كاملةً بالأحداث الأصلية للرواية.

بهذا السلاح، يمكنني أن أصبح شخصًا أكثر فائدة للدوق كايرون من جورج وتشايرس.

"هل يمكنني أن أصبح شخصًا أكثر فائدة هنا؟"

بدأ قلبي ينبض بشكلٍ أسرع كلَّما فكَّرتُ في ذلك.

هنا، في هذا العالم الروائي، يمكنني أن أحصل على أبٍ محبٍّ، النوع الذي سيعتني بي حتى أشعر بالإغماء من كثرة العاطفة.

ويمكنني أن أصبح شخصًا مهمًّا لرجلٍ رائعٍ لا يمكنني مقابلته في العالم الحقيقي.

شعرتُ بقليلٍ من الذنب تجاه والدي الحقيقي، لكن قلبي كان قد مال بالفعل نحو هذا العالم.

في النهاية، لا أعرف كيف أعود إلى عالمي الحقيقي، لذا من الأفضل أن أجد طريقةً للعيش هنا.

"لنقم بهذا..."

عندما كنتُ أهمس بهذه الكلمات بحزم، سمعتُ طرقًا على الباب.

إنه أبي.

مثل شخصٍ تمَّ القبض عليه متلبِّسًا، بدأ قلبي ينبض بسرعةٍ جنونية.

تلعثمتُ قليلًا وحاولتُ الردَّ بأكبر قدرٍ من الهدوء.

"ادخل."

دخل جورج إلى الغرفة وهو ينظر إليَّ بنظرةٍ جادة.

"سمعتُ أنَّكِ هربتِ من المكتب؟ ولم يُخبرني الدوق بذلك إلَّا للتو!"

"آه..."

سحبتُ اللحاف حولي ببطء. لم أكن أتوقَّع أن أتعرض لتوبيخ والدي في هذا العالم أيضًا.

"لقد صرختِ عندما رأيتِني في وقتٍ سابق. هل فعلتِ الشيء نفسه أمام الدوق؟"

"لا، لا!" هززتُ رأسي بسرعة.

أحضر كرسيًّا وجلس بجانب سريري، ومدَّ ذراعه القويَّة ليلمس جبهتي.

كانت يده ثقيلةً ودافئةً جدًا.

"لا توجد حُمَّى."

"أنا... بخير"، تمتمتُ وأنا أشعر بالحرج من دفء يده على جبيني.

"لكن لماذا هربتِ؟"

"تذكَّرت فجأة أنني يجب أن أصنع فطيرة التفاح..."

كان عذرًا ارتجاليًّا، لكنه بدا مقنعًا!

بدا جورج يُحاول الحفاظ على وجهٍ هادئ، لكن عيناه أظهرتا قلقًا كبيرًا.

بدا أنَّه قلقٌ حقًّا، وكأنَّه خائفٌ من أنني ربما أُصبتُ رأسي عندما سقطت من السُّلم. كان من المؤلم رؤية هذا الرجل الكبير يبدو خائفًا بصدق.

"ثم أدركت بعد خروجي أنَّه لم يكن عليَّ فعل ذلك، لكني كنتُ خجولةً جدًا من العودة إلى المكتب، لذا عدتُ إلى غرفتي هنا. أبي..."

عندما ناديتُه "أبي"، تنفَّس بارتياح وأرخى كتفيه.

كانت عيناه مليئتين بالقلق والخوف. كان هذا القلق نابعًا من الحب.

أدركتُ كم سيكون هذا الرجل بائسًا إذا حدث شيءٌ لابنته أرييلسا.

كان من ذلك النوع من الآباء المتحفِّظين الذي يخجل من أن يُطلق عليه لقب "الأب الحنون"، لكن تصرفاته كانت تكشف مشاعره.

لسببٍ ما، لم أتمكَّن من النظر في عينيه، لذا نظرتُ إلى الحائط بدلًا من ذلك.

ثم، استقرَّت يده الكبيرة بلطفٍ على رأسي.

"أنتِ قويَّة، لكن تجعلين الآخرين يقلقون عليكِ."

من تحت اللحاف، همستُ بصوتٍ هادئٍ قدر الإمكان، "سأتحسَّن يا أبي... شيئًا فشيئًا..."

ابتسم لي ابتسامةً عريضة، لكن رؤيته يبتسم بهذا الشكل جعلتني أخاف لسببٍ آخر.

إذا كان هناك أيُّ شخصٍ سيكتشف أولًا أنني لستُ أرييلسا الحقيقية، فسيكون هو.

تخيَّلت مشهدًا مرعبًا حيث يمسك بي ويهزُّني مطالبًا بمعرفة مكان ابنته الحقيقية.

هذه الفكرة جعلتني أشعر بأنفاسي تتقطَّع، وأدركتُ أنني أعيش في عالمٍ خطير.

(\ (\

(„• ֊ •„) ♡

━━━━━━O━O━━━━━━

ترجمة : اوهانا

انستا : Ohan.a505

الواتباد : Ohan__a505

003

نظرًا إلى أنَّ حوارات أرييلسا في الرواية الأصليَّة لم تتجاوز العبارة: "يا دوق، تفضَّل الشاي"، لم أكن أعرف الكثير عن أسلوب حديثها أو تصرُّفاتها اليوميَّة.

لذلك، لم يكن أمامي خيارٌ سوى الاعتماد على عذر "التداعيات الناتجة عن السقوط من السُّلم".

حاولتُ تقليل الوقت الذي أقضيه مع جورج قدر الإمكان.

"أبي، أشعر بالنعاس."

"حسنًا، نامي جيدًا."

"آه!"

ضربني جورج بخفَّة على جبهتي بإصبعه، ثم حرص على إحكام أطراف غطائي كي لا يتسلَّل الهواء البارد، وغادر الغرفة.

أخذتُ نفسًا عميقًا، لكنَّ قلبي ظلَّ ينبض بشدَّة.

كان عليَّ أن أعيش من الآن فصاعدًا متظاهرةً أنني شخصٌ آخر، وسط هذه العلاقات والمشاعر التي لم تُوصَف بالكامل في العمل الأصلي.

معرفة أنَّ هذا الشخص الطيب، الذي يُعاملني بلطفٍ شديد، سيموت بطريقةٍ مأساويَّة كانت فكرةً مزعجة وغير مريحة للغاية.

نعم، كنتُ أعلم كيف سيموت جورج لوكمان في بداية القصَّة الأصليَّة، كما كنتُ أعلم بالمصير الذي ينتظر الدوق كايرون.

كان من المُقرَّر أن تقع العديد من الأحداث في هذا القصر، وكنتُ الوحيدة في هذا العالم التي تعرف عنها.

ربما كنتُ شخصًا أكثر أهمية وفائدة هنا ممَّا كنتُ عليه في حياتي السابقة.

إدراك ذلك جلب شعورًا بالخوف العميق الذي كان يضرب صدري، خوفًا ممتزجًا بقليلٍ من الإثارة.

رتَّبت غطائي وأغمضتُ عيني. أردتُ أن أنام بسرعةٍ لأستيقظ غدًا ببشرةٍ مثاليَّة لمقابلة البطل.

❄❅❄

"الموضة الشماليَّة، لا تُعجبني."

في وقتٍ مبكرٍ من الصباح، فتحتُ باب خزانة الملابس على مِصراعَيه، ولم أجد سوى تنهداتٍ تخرج مني.

كانت الخزانة تحتوي على عدَّة فساتين مصنوعة من قماشٍ صوفيٍّ خشن. تلك الملابس كانت سميكةً وتبدو دافئةً، لكنها جميعها ذات ألوانٍ داكنةٍ وكئيبة. أمَّا التصاميم، فكانت بسيطةً للغاية، وكأنَّ جميع الفساتين نُسَخٌ مكرَّرة من بعضها البعض.

بالنظر إلى أنَّ جورج يتمتَّع بمكانةٍ مرموقةٍ في هذا القصر، بدا لي أنَّ هذه الأزياء تعكس ذوق أرييلسا الشخصي.

لم يقتصر الأمر على كونها شخصيةً جانبيَّةً خجولةً وصامتةً فحسب، بل حتَّى ذوقها في الموضة كان على هذه الشاكلة.

"ذوقها يُشبه ذوق رئيسٍ تنفيذيٍّ في سيليكون فالي¹."

[الشرح¹: سيليكون فالي (Silicon Valley) منطقةٌ في شمال كاليفورنيا، تُعدُّ مركزًا عالميًّا للتكنولوجيا والابتكار. تضمُّ مقرات شركاتٍ كبرى مثل أبل (Apple) وغوغل (Google)، وتشهد نشاطًا كبيرًا للشركات الناشئة وصناديق الاستثمار. سُمِّيت بذلك نسبةً إلى السيليكون المستخدم في صناعة أشباه الموصلات، وهو رمزٌ للتقدُّم التقني وريادة الأعمال.]

وأنا ألوم ذوق أرييلسا في الملابس، جلستُ على الأرض أمام الخزانة لفترةٍ طويلة.

لكن، بما أنَّ الجلوس هناك لن يُغيِّر شيئًا، ارتديتُ فستانًا آخر يُشبه تمامًا ما ارتديتُه بالأمس، وذهبتُ لأداء عملي.

كان الدوق كايرون جالسًا في مكتبه، في وضعٍ مستقيمٍ كما كان بالأمس، يُراجع السجلات بتركيز.

"صباح الخير، يا دوق."

ألقيتُ التحيَّة بأدبٍ شديد، مُحاكيةً أسلوب أرييلسا الذي تخيَّلتُه.

أن تُلقي التحيَّة بأدبٍ شديدٍ على شخصٍ يشعُّ هالةً من الجمال الهادئ كان أمرًا أسهل ممَّا توقَّعت. فكَّرتُ وكأنني أقف أمام بوذا في معبد.

لكنَّ كايرون لم يُكلِّف نفسه عناء النظر إليَّ، وقال بصوتٍ حاد:

"سمعتُ أنَّكِ سقطتِ من شجرةٍ بالأمس؟ عودي. يبدو أنَّ تشايرس كان غير مُبالٍ."

تفاجأتُ لأنَّه تحدَّث إليَّ فجأة.

"لا، ليس الأمر كذلك... حسنًا، ربما قليلًا... لكن..."

بالقول إنَّني "سقطتِ من شجرة"، جعلني أبدو وكأنني تلك الحمقاء في الحيِّ التي سقطت من شجرة كاكي عندما كنتُ صغيرة. في الواقع، كنتُ قد سقطتُ من سُلَّم.

صحيحٌ أنَّني لم أسقط من شجرة، لكنَّ إهمال تشايرس كان حقيقة. أن تطلب من شخصٍ تعرَّض لحادثٍ أن يعود للعمل فورًا كان أمرًا قاسيًا للغاية.

لكن، بسبب تردُّدي ومحاولتي تصحيح الموقف، انتهى بي الأمر وكأنني أؤكِّد أنني بالفعل شخصٌ أحمقٌ سقط من شجرة.

بينما كنتُ أُحدِّق في الدوق، الذي كان مُحاطًا بهالةٍ هادئة، قلتُ بغباء:

"لا بأس."

كان مكتبه مليئًا بكتبٍ ضخمةٍ مُغلَّفةٍ بالجلد. ومن تعابير وجهه المقطَّبة قليلًا، بدا أنَّه يُواجه مشكلةً ما.

الهالة الهادئة التي أحاطت به كبطل الرواية، مع جبينه المقطَّب قليلًا نتيجة التفكير العميق، أضافت إلى مظهره الوسيم طابعًا مأساويًّا جذَّابًا.

[وُصِفَ الدوق كايرون في الرواية الأصلية بأنَّه غير مُبالٍ بما حوله. كان هذا الوصف صحيحًا جزئيًّا وخاطئًا جزئيًّا.

فقد كان يتجاهل تمامًا ما لا يراه ذا قيمة، لكنه كان يُركِّز بشكلٍ مُفرطٍ على كلِّ ما يعتبره ذا معنى.]

أدركتُ أنَّ هذا هو كايرون الذي وصفته الرواية.

لكنَّ الشعور الذي ينتابك وأنت تتخيَّل شيئًا من خلال الكلمات لا يُقارَن بما تشعر به عندما تراه ماثلًا أمامك بكلِّ تفاصيله.

كان الأمر أشبه بأن تُشاهِد مقطع فيديو منخفض الجودة عبر هاتفك، ثمَّ يأخذ أحدهم الهاتف منك ليضع أمامك شاشة فائقة الوضوح بحجم 80 بوصة.

كان قلبي يخفق بسرعةٍ، ولم أشعر بأيِّ انزعاجٍ تجاه بروده.

هذا هو الرجل الذي يُسيطر على الشمال، الدوق كايرون، الرجل الذي لا يُضاهيه أحدٌ في هذا العالم في الجمال والقوة.

رغم شخصيَّته الباردة والقاسية، كان هو الرجل الذي يمكن أن يجوب العالم من أجل امرأةٍ واحدة.

مجرَّد رؤيته أمامي كان كافيًا لإشعال مشاعري.

حاولتُ جاهدًا كبت هذا الشعور المُتأجِّج داخلي، لكنَّني شعرتُ أنني مُحاطةٌ تمامًا بهالته الجذَّابة.

في الحقيقة، كنتُ قد وقعتُ في حبِّه بالفعل. لقد كنتُ من محبِّي رواية الصحراء الثلجية لدرجة أنني سهرتُ حتى الفجر لإنهائها، على الرغم من أنَّ لديَّ محاضرة صباحيَّة في اليوم التالي.

تساءلت: لو كنتُ قد نمتُ جيدًا في تلك الليلة، هل كنتُ سأتمكَّن من تفادي السيارة التي تجاوزت خط السير واصطدمت بي؟

هززتُ رأسي لأطرد الأفكار الكئيبة وركَّزتُ انتباهي على الدوق كايرون.

لم يبدُ أنَّه كان ينوي توبيخي على مغادرتي غير اللائقة بالأمس. كنتُ أعلم أنَّ السبب ليس أنَّه تفهَّم موقفي، بل لأنَّني لم أكن ذات أهميَّة بالنسبة له.

على الرغم من أنَّ هذا الأمر كان مُحبطًا قليلًا، إلَّا أنَّني كنتُ منشغلة بجماله لدرجة أنني لم أستطع الشعور بالإحباط.

بينما كان يُقلِّب المستندات أمامه، قال بحدَّة:

"الشاي."

يا إلهي، نسيتُ. أرييلسا كانت في الرواية الأصليَّة مسؤولةً بشكلٍ أساسيٍّ عن تحضير الشاي والحلويات!

"نعم، يا دوق!"

نبض قلبي بسرعة.

كان صوته الحاد وهو يطلب الشاي بشكلٍ جافٍّ وباردٍ كافيًا ليجعلني أشعر بالارتباك.

هل يمكن أن أكون شخصًا غريب الأطوار دون أن أدرك ذلك؟

بوجهٍ متورِّد قليلًا، توجَّهتُ بحذر نحو الطاولة حيث كانت زجاجات الكحول وأدوات الشاي مُصطفَّة.

كانت زجاجات الكحول مختلفةً تمامًا عمَّا اعتدتُ رؤيته، بأشكالٍ وأحجامٍ متنوعة، مصنوعةٍ من زجاجٍ سميكٍ ومعتم.

لكنَّ الألوان البراقة التي انعكست من داخلها كانت فاتنةً وجميلةً بشكلٍ مُذهل.

تأمَّلتُ تلك التفاصيل وتذكَّرتُ مرَّةً أخرى أنَّني الآن داخل عالم الصحراء الثلجية.

مددتُ يدي نحو صندوق الشاي الفاخر المحفور عليه نقوشٌ دقيقة. مرَّرتُ أصابعي عليه ببطء، ثم أغمضتُ عيني وأخذتُ نفسًا عميقًا.

"إذا كان هذا العالم هو حقًّا رواية الصحراء الثلجيَّة..."

ثم خطوتُ إلى الخارج بثقة. شعرتُ بنظرات الدوق الحادَّة تُلاحقني، وكأنَّها تخترق مؤخرة رأسي مجدَّدًا.

عندما عدتُ بعد فترةٍ وجيزة، لم يُكلِّف الدوق كايرون نفسه عناء التظاهر بالاهتمام أو الالتفات إليَّ.

لكنَّني أدركتُ أنَّه كان غاضبًا قليلًا. فقد كان من النوع الذي يلتزم الصمت أوَّلًا عندما يغضب.

لم يكن الخطأ الذي ارتكبتُه في أول يوم عمل لي بسيطًا. ومع ذلك، كنتُ على يقينٍ أنَّني أخوض رهانًا رابحًا.

بأقصى درجات التهذيب، حملتُ فنجان الشاي واقتربتُ من الدوق كايرون، محاوِلةً التركيز بقدر الإمكان حتى لا أفقد توازني أمام هالته التي كانت تشعُّ جمالًا غاضبًا.

وضعتُ فنجان الشاي، الذي كان يتصاعد منه البخار الدافئ، على مكتبه. عندها رفع الدوق كايرون عينيه لينظر إليَّ مباشرةً.

ابتلعتُ ريقي بصعوبة.

"ما الذي تفعلينه؟"

بعدما هربت الخادمة بالأمس بمجرد أن نظرت إلى سيِّدها، واليوم اختفت بعدما طُلِب منها إحضار الشاي، لم يكن بإمكانه تجاهل الأمر هذه المرة.

لكنَّني ابتسمتُ بأوسع ما أستطيع وقلت:

"شاي القرفة، يا دوق. تفضَّل."

جلس كايرون منتصبًا على كرسيه وأطلق زفرةً قصيرة. بدا أنَّه يبذل جهدًا كبيرًا لضبط أعصابه كي لا ينفجر في وجهي، على الرغم من أنَّ ذلك الجهد لم يكن كبيرًا.

"قرفة؟"

سعلتُ قليلًا لتنقية صوتي ثم أجبت:

"في الواقع، عندما سقطتُ بالأمس من السُّلم، كنتُ أحاول إعداد فطيرة التفاح لك، يا دوق."

لم أصدِّق أنَّني قلت كلمة "يا دوق" بصوتٍ عالٍ! شعرتُ بارتباكٍ شديدٍ لدرجة أنَّني أغلقتُ فمي فورًا.

كنتُ أريد التأكيد على أنَّني سقطتُ من سُلَّم وليس من شجرة، لكنَّني ندمتُ على الفور، خشية أن يبدو ذلك وكأنَّني أُلقي اللوم عليه.

التفت كايرون بجسده كاملاً نحوي وهو ينظر إليَّ بنظراتٍ حادَّة.

"وماذا بعد؟"

كانت عيناه تقولان بوضوح:

"إذاً؟ هل تُحاولين إلقاء خطئكِ على عاتقي؟"

ابتسمتُ مجدَّدًا وأجبت:

"لكنَّني أظنُّ أنَّك لا تُحبُّ فطيرة التفاح."

ردَّ ببطء، مقطعًا كلماته بشكلٍ واضح كما لو كان يتحقَّق من كلامي:

"أنا... لا أُحبُّ... فطيرة التفاح؟"

على الرغم من معرفتي بأنَّه غاضب، لم أستطع منع نفسي من الشعور بالسعادة.

كان هذا الرجل، الأقوى والأجمل في هذا العالم، يُركِّز اهتمامه بالكامل عليَّ الآن. شعرتُ أنَّ قلبي ينبض بقوَّة، وكأنَّ هناك دغدغة لطيفة في أعماق صدري.

شعرتُ وكأنَّ هذا يُشبه حالة أحد المعجبين عندما يوبِّخه نجمهم المُفضَّل، لكن بدلًا من الشعور بالانزعاج، يجدون الأمر مثيرًا بشكلٍ غريب.

مع ذلك، عندما سمعتُ صوته وقد تخلَّى عن محاولة كبح غضبه، عدتُ إلى رشدي على الفور.

"هل تقصدين أنني لا أعرف ما أُحبُّ، بينما تعرفين أنتِ ذلك، يا أرييلسا؟"

أجبتُ بسرعة:

"بالطبع لا، يا دوق. كلُّ ما في الأمر أنَّني لاحظتُ أنَّك تستمتع برائحة القرفة الموجودة في فطيرة التفاح أكثر من الفطيرة نفسها. أنت لا تُحبُّ الحلويات بشكلٍ عام، أليس كذلك؟ جرِّبها من فضلك..."

لم أستطع كتم ضحكتي، فبدأتُ بالابتسام أكثر. كنتُ أشعر بالحماس، بل وحتى بالاعتزاز.

'إذن هكذا يكون الشعور عندما تعرف شيئًا لا يعرفه الآخرون!'

وفقًا للرواية الأصليَّة، كان الدوق كايرون سيخسر قصره في هارفل بسبب مؤامرات الإمبراطور، وينتهي به المطاف في جنوب البلاد كضيفٍ على أحد النبلاء، الذي يكون والد البطلة. خلال تلك الفترة، وبينما يُحاول التكيُّف مع العادات الجديدة والمأكولات المختلفة، سيكتشف أنَّه يُحبُّ القرفة، بل وسيلاحظ أنَّ استمتاعه بفطيرة التفاح كان بسبب رشَّة القرفة الخفيفة عليها.

ما فعلتُه الآن هو تسريع تلك اللحظة، لا أكثر.

خلال يومٍ واحدٍ فقط في هذا الجسد، أدركتُ شيئًا: إذا ركَّزتُ بما فيه الكفاية، يمكنني استرجاع ذكريات أرييلسا. لم تكن دائمًا واضحة تمامًا، لكنها كانت تتعلَّق غالبًا بالمواقف التي أعيشها. ولهذا استطعتُ العثور على مسحوق القرفة في المطبخ.

كان الدوق كايرون، الذي كان يُحدِّق بي طوال الوقت، يُضيِّق عينيه قليلًا قبل أن يرفع فنجان الشاي ببطء.

بعد أن استنشق الرائحة بحذر، أخذ رشفةً صغيرة.

(\ (\

(„• ֊ •„) ♡

━━━━━━O━O━━━━━━

الفصل إحدى طلبات الفعالية

ترجمة : اوهانا

انستا : Ohan.a505

الواتباد : Ohan__a505

لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon

تحميل PDF للرواية
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon